بعد أكثر من 16 شهراً من غياب السياح الروس ومعاناة قطاع السياحة المصري، باتت فنادق شرم الشيخ، جنوب سيناء (شمال شرق البلاد)، تعتمد على السياحة الوافدة من أوكرانيا للحد من الخسائر الفادحة الناجمة عن قطع حركة الطيران بين روسيا ومصر منذ حادثة تحطم طائرة الركاب الروسية فوق سيناء في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2015.
وبات مطار شرم الشيخ يستقبل يومياً بضع طائرات قادمة من كييف وغيرها من المدن الأوكرانية، بالإضافة إلى رحلات نادرة قادمة من العاصمة البيلاروسية مينسك وعواصم أخرى، مع استمرار الرحلات الداخلية.
ودفع هذا الوضع الفنادق إلى استبدال أعلام روسيا عند مداخلها بأخرى أوكرانية، وتقديم عروض مغرية تتناسب مع القوة الشرائية للأوكرانيين، الذين تعيش بلادهم أزمة اقتصادية طاحنة ناجمة عن استمرار الاضطرابات السياسية منذ أكثر من ثلاث سنوات.
ويوضح موظف استقبال بأحد الفنادق من فئة خمسة نجوم في منطقة خليج نعمة في شرم الشيخ، أن أغلبية نزلاء الفندق قادمون من أوكرانيا، بالإضافة إلى أعداد محدودة من السياح من بعض الدول الأوروبية، ومن السياح المصريين الذين تزيد أعدادهم خلال العطل الدراسية والأعياد.
ويقول الموظف الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "تراوح نسبة الإشغال حاليا بين 20% و30%، وبالطبع لن يعوض الأوكرانيون السياحة الروسية، لا كماً ولا نوعاً".
ومن أجل ترشيد النفقات والحد من الخسائر، توجهت إدارة الفندق إلى إغلاق الحانات والمطاعم والمسابح غير الأساسية، والاستفادة من هذه الفترة لإجراء تجديدات بأحد الفنادق التابعة للشركة المالكة نفسها.
وقال سياح أوكرانيون، تحدثت إليهم "العربي الجديد"، إنهم تمكنوا من حجز رحلات إلى شرم الشيخ بأسعار مغرية تراوحت بين 300 و400 دولار فقط للفرد الواحد لمدة بين أسبوع وعشرة أيام، شاملة تذكرة السفر على متن رحلة طيران عارض (تشارتر) والإقامة وثلاث وجبات يومياً وبعض المشروبات.
ولما كانت حركة السياحة الأوكرانية إلى المنتجعات المصرية بلغت 425 ألف سائح في العام الماضي 2016، تستهدف شركات السياحة الأوكرانية خطة طموحة لزيادتها إلى ما لا يقل عن مليون سائح في عام 2017.
وبحلول نهاية فبراير/ شباط الماضي، ازدادت الحجوزات المبكرة للموسم الصيفي للرحلات من أوكرانيا إلى مصر بنسبة 30%. إلا أن هذه الزيادة لن تعوض الخسائر الناجمة عن إغلاق السوق الضخمة مثل روسيا، إذ زار أكثر من ثلاثة ملايين سائح روسي مصر في عام 2014، ناهيك عن ضعف القوة الشرائية للأوكرانيين مقارنة بالروس.
ولم يؤثر تراجع حركة السياحة سلباً على العاملين بالفنادق والشركات السياحية فحسب، وإنما أيضاً على جميع من لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالقطاع، ومن بينهم سائقو سيارات الأجرة.
ويقول سائق سيارة أجرة فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنه قبل أزمة السياحة كان يحقق ادخارا بواقع حوالي ألفي جنيه مصري شهريا، ولكنه الآن يغطي نفقاته ونفقات أسرته المقيمة في المنصورة في أحسن الأحوال.
ولما كانت الغردقة تستقطب نحو 60% من السياحة الروسية الوافدة إلى مصر، وشرم الشيخ 40%، توجه الروس منذ إغلاق مصر نحو قضاء عطلاتهم الشتوية في تايلاند وفيتنام والإمارات وجمهورية الدومينيكان، مترقبين في الوقت نفسه استئناف الرحلات إلى مصر، لكونها الأنسب من حيث مناخها المعتدل والأسعار المنخفضة بما تعادله بالعملة الصعبة، والقرب الجغرافي النسبي.
اقــرأ أيضاً
وعلى الرغم من الحظر الكامل على رحلات الطيران المباشر وحجز البطاقات السياحية إلى مصر، إلا أن السلطات الروسية لم تتمكن من وقف حركة السياحة الروسية بشكل تام، ولكنها باتت تقتصر على سياح مستقلين يحجزون رحلات الطيران والفنادق بمعرفتهم.
والتقت "العربي الجديد" مع أسرة روسية قررت الاستفادة من العروض المغرية بالفنادق المصرية، وتوجهت إلى شرم الشيخ على متن رحلة غير مباشرة لشركة الطيران "بيغاسوس" التركية منخفضة التكاليف، ما كلفها حوالي 500 دولار فقط للفرد لمدة أسبوع شاملة السفر والإقامة بفندق خمسة نجوم شاملة الوجبات والمشروبات.
وعند تصفح موقع "بوكينغ.كوم"، يظهر البحث عن فندق في شرم الشيخ أن عروض الإقامة الشاملة بالفنادق من فئة خمسة نجوم تبدأ من 35 دولاراً فقط للفرد في الليلة، وهي كلفة رمزية مقارنة بالمنتجعات الأخرى داخل روسيا وخارجها.
وتترقب شركات السياحة الروسية رفع الحظر عن الرحلات إلى مصر وسط توقعات بأن تصبح المنتجعات المصرية مغرية جدا للسياح الروس بعد قرار تعويم الجنيه المصري وما ترتب عليه من انخفاض أسعار بعض الخدمات بنسبة تزيد عن 50% بما تعادله بالدولار الأميركي.
وكانت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي، فالينتينا ماتفيينكو، قد وصفت في تصريحات صحافية قبل أيام، مسألة استئناف الطيران بأنها من القضايا "الحساسة فعلاً" في العلاقات بين روسيا ومصر.
وقالت ماتفيينكو أثناء زيارتها إلى القاهرة ولقائها مع رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، في مطلع مارس/ آذار الجاري: "تشكل روسيا اهتماماً خاصاً للجماعات الإرهابية، لأن بلادنا تكافح الإرهاب الدولي بقوة.. علينا استبعاد أي احتمال تكرار للحادثة ونطلب منكم أن تتفهموا ذلك".
ومنذ وقف حركة الطيران بين روسيا ومصر، تردد أكثر من موعد لاستئنافها، إلا أن وزير النقل الروسي، مكسيم سوكولوف، استبعد في نهاية فبراير/ شباط الماضي، احتمال عودة الطيران قريبا حتى إلى مطار القاهرة بسبب وجود "ملاحظات جوهرية" حول إجراءات الأمان المتبعة فيه.
وكانت روسيا قد فرضت حظرا على جميع الرحلات الجوية إلى مصر بعد تحطم طائرة "إيرباص-321" التابعة لشركة "كوغاليم آفيا" ومقتل 224 شخصا في ما يعتبر أسوأ حادثة في تاريخ الطيران الروسي والسوفييتي.
وأعلنت جماعة مسلحة موالية لتنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة، بزرع عبوة ناسفة على متنها عبر استغلال ما وصفته بـ"ثغرة في مطار شرم الشيخ"، ما تسبب في ضربة موجعة لقطاع السياحة الحيوي لمصر.
وظلت السياحة المصرية تراهن حتى الأيام الأولى من مارس/ آذار الجاري على عودة السياح الروس، لإعادة الحياة إلى الموسم الشتوي الذي يشرف على الانتهاء، إلا أن عدم إصدار الجانب الروسي قراراً باستئناف الرحلات، بدد الآمال لدى الكثير من العاملين في السياحة المصرية بتعافي القطاع العليل.
وتراجعت الأعداد السياحية الوافدة لمصر خلال العام الماضي إلى 5.3 ملايين سائح في 2016 مقابل 9.3 ملايين سائح خلال 2015 جراء توقف الرحلات الروسية.
وزاد من الأزمة إيقاف بريطانيا أيضاً رحلاتها لمنطقة شرم الشيخ. وتمثل السياحة الروسية والبريطانية نحو 45% من التدفقات السياحية الوافدة لمصر سنوياً.
وتعول مصر إلى حد كبير على قطاع السياحة، لإنعاش أحد أبرز مصادر النقد الأجنبي، الذي تعاني من تراجعه في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى ضغوط كبيرة على العملة المحلية. وشهد الجنيه المصري تراجعاً حاداً، لا سيما بعد أن قرر البنك المركزي في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 تحرير سعر صرفه، ليهوي بأكثر من 100% في غضون أيام قليلة.
اقــرأ أيضاً
ودفع هذا الوضع الفنادق إلى استبدال أعلام روسيا عند مداخلها بأخرى أوكرانية، وتقديم عروض مغرية تتناسب مع القوة الشرائية للأوكرانيين، الذين تعيش بلادهم أزمة اقتصادية طاحنة ناجمة عن استمرار الاضطرابات السياسية منذ أكثر من ثلاث سنوات.
ويوضح موظف استقبال بأحد الفنادق من فئة خمسة نجوم في منطقة خليج نعمة في شرم الشيخ، أن أغلبية نزلاء الفندق قادمون من أوكرانيا، بالإضافة إلى أعداد محدودة من السياح من بعض الدول الأوروبية، ومن السياح المصريين الذين تزيد أعدادهم خلال العطل الدراسية والأعياد.
ويقول الموظف الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "تراوح نسبة الإشغال حاليا بين 20% و30%، وبالطبع لن يعوض الأوكرانيون السياحة الروسية، لا كماً ولا نوعاً".
ومن أجل ترشيد النفقات والحد من الخسائر، توجهت إدارة الفندق إلى إغلاق الحانات والمطاعم والمسابح غير الأساسية، والاستفادة من هذه الفترة لإجراء تجديدات بأحد الفنادق التابعة للشركة المالكة نفسها.
وقال سياح أوكرانيون، تحدثت إليهم "العربي الجديد"، إنهم تمكنوا من حجز رحلات إلى شرم الشيخ بأسعار مغرية تراوحت بين 300 و400 دولار فقط للفرد الواحد لمدة بين أسبوع وعشرة أيام، شاملة تذكرة السفر على متن رحلة طيران عارض (تشارتر) والإقامة وثلاث وجبات يومياً وبعض المشروبات.
ولما كانت حركة السياحة الأوكرانية إلى المنتجعات المصرية بلغت 425 ألف سائح في العام الماضي 2016، تستهدف شركات السياحة الأوكرانية خطة طموحة لزيادتها إلى ما لا يقل عن مليون سائح في عام 2017.
وبحلول نهاية فبراير/ شباط الماضي، ازدادت الحجوزات المبكرة للموسم الصيفي للرحلات من أوكرانيا إلى مصر بنسبة 30%. إلا أن هذه الزيادة لن تعوض الخسائر الناجمة عن إغلاق السوق الضخمة مثل روسيا، إذ زار أكثر من ثلاثة ملايين سائح روسي مصر في عام 2014، ناهيك عن ضعف القوة الشرائية للأوكرانيين مقارنة بالروس.
ولم يؤثر تراجع حركة السياحة سلباً على العاملين بالفنادق والشركات السياحية فحسب، وإنما أيضاً على جميع من لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالقطاع، ومن بينهم سائقو سيارات الأجرة.
ويقول سائق سيارة أجرة فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنه قبل أزمة السياحة كان يحقق ادخارا بواقع حوالي ألفي جنيه مصري شهريا، ولكنه الآن يغطي نفقاته ونفقات أسرته المقيمة في المنصورة في أحسن الأحوال.
ولما كانت الغردقة تستقطب نحو 60% من السياحة الروسية الوافدة إلى مصر، وشرم الشيخ 40%، توجه الروس منذ إغلاق مصر نحو قضاء عطلاتهم الشتوية في تايلاند وفيتنام والإمارات وجمهورية الدومينيكان، مترقبين في الوقت نفسه استئناف الرحلات إلى مصر، لكونها الأنسب من حيث مناخها المعتدل والأسعار المنخفضة بما تعادله بالعملة الصعبة، والقرب الجغرافي النسبي.
وعلى الرغم من الحظر الكامل على رحلات الطيران المباشر وحجز البطاقات السياحية إلى مصر، إلا أن السلطات الروسية لم تتمكن من وقف حركة السياحة الروسية بشكل تام، ولكنها باتت تقتصر على سياح مستقلين يحجزون رحلات الطيران والفنادق بمعرفتهم.
والتقت "العربي الجديد" مع أسرة روسية قررت الاستفادة من العروض المغرية بالفنادق المصرية، وتوجهت إلى شرم الشيخ على متن رحلة غير مباشرة لشركة الطيران "بيغاسوس" التركية منخفضة التكاليف، ما كلفها حوالي 500 دولار فقط للفرد لمدة أسبوع شاملة السفر والإقامة بفندق خمسة نجوم شاملة الوجبات والمشروبات.
وعند تصفح موقع "بوكينغ.كوم"، يظهر البحث عن فندق في شرم الشيخ أن عروض الإقامة الشاملة بالفنادق من فئة خمسة نجوم تبدأ من 35 دولاراً فقط للفرد في الليلة، وهي كلفة رمزية مقارنة بالمنتجعات الأخرى داخل روسيا وخارجها.
وتترقب شركات السياحة الروسية رفع الحظر عن الرحلات إلى مصر وسط توقعات بأن تصبح المنتجعات المصرية مغرية جدا للسياح الروس بعد قرار تعويم الجنيه المصري وما ترتب عليه من انخفاض أسعار بعض الخدمات بنسبة تزيد عن 50% بما تعادله بالدولار الأميركي.
وكانت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي، فالينتينا ماتفيينكو، قد وصفت في تصريحات صحافية قبل أيام، مسألة استئناف الطيران بأنها من القضايا "الحساسة فعلاً" في العلاقات بين روسيا ومصر.
وقالت ماتفيينكو أثناء زيارتها إلى القاهرة ولقائها مع رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، في مطلع مارس/ آذار الجاري: "تشكل روسيا اهتماماً خاصاً للجماعات الإرهابية، لأن بلادنا تكافح الإرهاب الدولي بقوة.. علينا استبعاد أي احتمال تكرار للحادثة ونطلب منكم أن تتفهموا ذلك".
ومنذ وقف حركة الطيران بين روسيا ومصر، تردد أكثر من موعد لاستئنافها، إلا أن وزير النقل الروسي، مكسيم سوكولوف، استبعد في نهاية فبراير/ شباط الماضي، احتمال عودة الطيران قريبا حتى إلى مطار القاهرة بسبب وجود "ملاحظات جوهرية" حول إجراءات الأمان المتبعة فيه.
وكانت روسيا قد فرضت حظرا على جميع الرحلات الجوية إلى مصر بعد تحطم طائرة "إيرباص-321" التابعة لشركة "كوغاليم آفيا" ومقتل 224 شخصا في ما يعتبر أسوأ حادثة في تاريخ الطيران الروسي والسوفييتي.
وأعلنت جماعة مسلحة موالية لتنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة، بزرع عبوة ناسفة على متنها عبر استغلال ما وصفته بـ"ثغرة في مطار شرم الشيخ"، ما تسبب في ضربة موجعة لقطاع السياحة الحيوي لمصر.
وظلت السياحة المصرية تراهن حتى الأيام الأولى من مارس/ آذار الجاري على عودة السياح الروس، لإعادة الحياة إلى الموسم الشتوي الذي يشرف على الانتهاء، إلا أن عدم إصدار الجانب الروسي قراراً باستئناف الرحلات، بدد الآمال لدى الكثير من العاملين في السياحة المصرية بتعافي القطاع العليل.
وزاد من الأزمة إيقاف بريطانيا أيضاً رحلاتها لمنطقة شرم الشيخ. وتمثل السياحة الروسية والبريطانية نحو 45% من التدفقات السياحية الوافدة لمصر سنوياً.
وتعول مصر إلى حد كبير على قطاع السياحة، لإنعاش أحد أبرز مصادر النقد الأجنبي، الذي تعاني من تراجعه في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى ضغوط كبيرة على العملة المحلية. وشهد الجنيه المصري تراجعاً حاداً، لا سيما بعد أن قرر البنك المركزي في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 تحرير سعر صرفه، ليهوي بأكثر من 100% في غضون أيام قليلة.