رضخت شركتا الأدوية Moderna وPfizer اللتان تقودان السباق لتطوير لقاحات لفيروس كورونا للضغط العام، يوم أمس الخميس، للكشف عن طرق إعداد اللقاحات، وتخلتا عن أسرارهما التقليدية، وأصدرت كلّ منهما خرائط طريق شاملة لكيفية تقييم لقاحاتهما. وتأتي هذه التطورات بعد انتشار المخاوف في الأوساط العلمية والشعبية من تدخل سياسي أميركي واضح في عملية إصدار اللقاح.
إذ أعرب محقق في تجربة لقاح فيروس كورونا في "موديرنا"، لشبكة CNBC الأميركية، عن قلقه من أن الضغوط السياسية قد تؤثر على عملية الموافقة التنظيمية. وقال الدكتور كارلوس ديل ريو، من جامعة إيموري، "أعتقد أن هناك بالفعل الكثير من الأدلة على التدخل السياسي في العلوم".
ويشعر العديد من الخبراء في المجتمع العلمي بالقلق من أن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تحاول التأثير على العملية التنظيمية للقاح، وغالباً ما ادعى ترامب أنّ اللقاح قد يكون جاهزاً قبل الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، ما أثار مخاوف بشأن الأولويات السياسية التي توضع قبل السلامة والفعالية.
خطة مدروسة
كشفت الشركتان عن تفاصيل حول كيفية اختيار المشاركين ومراقبتهم، والظروف التي يمكن في ظلّها إيقاف التجارب مبكراً إذا كانت هناك مشاكل، كما كشفتا أيضاً عن الأدلة التي سيستخدمها الباحثون لتحديد ما إذا كان الأشخاص الذين حصلوا على اللقاحات قد تمت حمايتهم من كوفيد -19.
وتشمل دراسة "موديرنا" نحو 30000 مشارك، فيما يصل عدد المشاركين في شركة "فايزر" إلى نحو 44000 مشارك. وتشارك الشركات عادةً هذه المستندات بعد اكتمال دراستها. وتهدف عمليات الكشف أثناء التجارب، وهي خطوة نادرة ، إلى معالجة المخاوف المتزايدة بين الأميركيين في أنّ حملة الرئيس دونالد ترامب لإنتاج لقاح قبل الانتخابات، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، قد تؤدي إلى منتج غير آمن، بحسب تقرير صادر عن صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وتضمّنت الخطة التي أصدرتها شركة "موديرنا" جدولاً زمنياً محتملاً، يمكن أن يمتد إلى العام المقبل، لتحديد ما إذا كان لقاحها سيكون آمنا وفعّالا، وهو ما لا يتماشى مع توقّعات الرئيس المتفائلة بشأن لقاح متاح على نطاق واسع للجمهور في أكتوبر/تشرين الأول.
فيما لم توضح خطة "فايزر" عن نتائجها المتاحة. وقال الرئيس التنفيذي للشركة مراراً إنّ "الشركة تأمل في الحصول على إجابة في وقت مبكر في شهر أكتوبر على سبيل المثال".
أشارت خطة، أو بروتوكول، "موديرنا" المكوّنة من 135 صفحة إلى أنّ التحليل الأول للشركة لبيانات التجارب المبكرة قد لا يتم إجراؤه حتى أواخر ديسمبر/كانون الأول.
يتماشى الجدول الزمني لشركة "موديرنا" مع التقديرات التحذيرية التي أطلقها العديد من الباحثين، بما في ذلك روبرت ريدفيلد، مدير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، الذي أخبر أعضاء مجلس الشيوخ، يوم الأربعاء، أنّ اللقاح لن يكون متاحاً على نطاق واسع حتى منتصف العام المقبل.
وحثّ الباحثون، على وجه الخصوص، صانعي اللقاحات على مشاركة المخططات التفصيلية لدراساتهم حتى يتمكن الخبراء الخارجيون من تقييمها.
وقال بيتر دوشي، عضو هيئة التدريس في كلية الصيدلة بجامعة ميريلاند والمحرّر في المجلة الطبية The BMJ، "أريد أن أشيد بالعمل الصالح الذي تم القيام به، إذ ستسمح المعلومات، التي تمّ نشرها من قبل الشركتين، للباحثين غير المشاركين في التجربة لتشكيل حكمهم المستقلّ حول تصميم هذه الدراسة".
وتعد شركات Moderna وAstraZeneca وPfizer، التي تتعاون مع شركة BioNTech الألمانية، من بين المتسابقين الأوائل في السباق العالمي لإنتاج لقاح لمحاربة الوباء.
سباق على اللقاح
من جهتها، أكّدت المتحدثة باسم AstraZeneca إنّ الشركة تعتزم نشر بروتوكولها قريباً. فيما لم تعلق نوفافاكس، التي من المتوقع أن تبدأ تجربة سريرية كبيرة ومتقدمة في وقت لاحق من هذا العام. وقالت شركة Johnson & Johnson "إنها تخطّط لبدء تجربة كبيرة هذا الشهر، وسيكون لديها مزيد من المعلومات لمشاركتها" عند بدء التحكيم.
قال تال زاكس، كبير المسؤولين الطبيين في شركة "موديرنا"، إنّ "شركات الأدوية كانت عادة متردّدة في القيام بذلك، لأسباب تنافسية".
ورحّب إريك توبول، خبير التجارب السريرية في شركة سكريبس للأبحاث في سان دييغو، بخطوة شركة "موديرنا"، لكنه قال إنه يشعر بخيبة أمل لأنّ الشركة تنوي تضمين بياناتها الأشخاص الذين طوّروا حالات خفيفة نسبياً من كوفيد- 19. وقال إنّه سيتم الحصول على أدلة أكثر إقناعاً على فعالية اللقاح إذا قامت الشركة بحساب الحالات المتوسطة إلى الشديدة فقط.
تسمح خطة موديرنا أيضاً بإمكانية إيقاف التجربة مبكراً، بعد عدد صغير نسبياً من الحالات، ما قد يؤدي إلى تصوّر مبالغ فيه لفعالية اللقاح ومشاكل السلامة المفقودة، التي قد تصبح مهمة لاحقاً إذا تم إعطاء اللقاح لملايين الناس.
في كل من دراستي Moderna وPfizer، يتلقى نصف المشاركين اللّقاح بينما يتلقى نصفهم جرعة وهمية تتكوّن من الماء المالح، ولا يعرف المتطوّعون ولا الأطباء من يحصل على اللقاح. وتجرى بعد ذلك مراقبة المشاركين لمعرفة ما إذا كانت تظهر عليهم أعراض كوفيد-19 واختبارهم إيجابية للفيروس.
وبحسب إدارة الغذاء والدواء، فإنّ أيّ لقاح لفيروس كورونا يجب أن يكون فعالاً بنسبة 50 في المائة على الأقل. وكان العديد من الباحثين الخارجيين يراقبون للحصول على تفاصيل حول كيفية إيقاف التجارب مبكراً، نظراً للدفع نحو طرح لقاح في السوق في أقرب وقت ممكن.