شركات بريطانية ترسل سرّاً "الأسبستوس" القاتل إلى فقراء العالم

14 يوليو 2019
بريطانيا واحدة من أكبر التّجار في العالم للأسبستوس (Getty)
+ الخط -

تستخدم شركات بريطانية قانوناً غامضاً يسمح لها بالاتجار بسرية بـ "الأسبستوس" وهي مادة تقتل أكثر من 100 ألف شخص كل عام، وتعتبر بريطانيا واحدة من أكبر التّجار في العالم لهذه المادة.

وعلى الرغم من حظر الأسبستوس في المملكة المتحدة على مدار العشرين عامًا الماضية، فإن العديد من الشركات المسجّلة في بريطانيا مسؤولة عن شحن مئات الآلاف من الأطنان من هذا المعدن كل عام إلى بعض أفقر دول العالم، حيث لا يزال يستخدم في البناء والهندسة.

وهي تشمل الشركات المسجلة كشراكات محدودة (LPs)، والتي يمكن أن تعمل دون دفع الضرائب أو نشر الحسابات أو الإعلان علنًا عمّن يملكها. ففي عام 2015، كانت شركة واحدة مسجلة في المملكة المتحدة مسؤولة عن شحن ما يقرب من نصف الأسبستوس المستخرج في مناجم روسيا، أكبر منتج في العالم.

ومن المعلوم أنّ النائب عن الحزب الوطني الاسكتلندي مارتن دوشيرتي هيوز، وهو عضو في مجموعة ويستمنستر المكوّنة من جميع الأحزاب والمعنية بالصحة والسلامة المهنية، سيطرح موضوع هذه الشركات المسجّلة كشراكات محدودة "LPs"، في مجلس العموم هذا الأسبوع، مطالبًا باتخاذ إجراءات عاجلة لتقييد قدرتها على التجارة السرية.

وقد أثبت تحقيق "صنداي تايمز" أن أحد أكبر التّجار في العالم في الأسبستوس هو "سيجي بيترو" وشركاه (بي تي واي) المسجلة في جوهانسبرغ، ومنهم أيون بيترو، رجل أعمال بريطاني المولد عاش مع أسرته في نايرن، إينفيرنيس شاير، حتى عام 2016، وهو مدير بيترو وأيضًا مدير سي جي بيترو العالمية، ومقرّها نايرن.

على الرغم من الحظر الذي فرضته المملكة المتحدة على جميع أشكال الأسبستوس منذ عام 1999، فإن البيانات التي حصلت عليها صنداي تايمز تكشف مدى مشاركة الشركات المسجلة في المملكة المتحدة في هذه التجارة.

إلى ذلك، تم إنشاء "أستراد سولوشينز أل بي"، وهي شراكة محدودة مسجلة في مكتب افتراضي في ليث، إدنبره، من قبل شركتين مقرهما سيشيل مملوكتين لـ فيسليسلاف بلاتون، رجل أعمال من مولدوفا أدين في عام 2017 باختلاس 42 مليون دولار (33 مليون جنيه إسترليني) كجزء من مليار جنيه إسترليني بتهمة الاحتيال المصرفي.

ووفق بيانات الجمارك الروسية خلال عام 2015، كانت "أستراد سولوشينز أل بي" مسؤولة عن 106 شحنات من الأسبستوس، بلغ مجموعها 34636 طنًا بقيمة 13.67 مليون دولار، اتجهت إلى كوبا وفيتنام.

وعلى مدار الأعوام السبعة عشر الماضية، كان أكبر متداول في الأسبستوس الروسي "مينرالز غلوبال تريدينغ أل أل بي" Minerals Global Trading LLP، وهي شركة شراكة محدودة أخرى، كان مقرها سابقًا في وحدة عقارية صناعية في منطقة وود غرين، شمال لندن.

وفي عام 2015، رتبت تصدير 26360 طناً من الأسبستوس، بقيمة إجمالية قدرها 71.46 مليون دولار للاستخدام في الهند وإندونيسيا والصين والمكسيك، وماليزيا وفيتنام وتايلاند وبنغلاديش وسريلانكا، وفقا للجمارك والبيانات الروسية.

وقامت شركة محدودة أخرى في المملكة المتحدة، وهي "Worldwide Cargo Logistics Solutions LLP"، بترتيب 36 شحنة من الأسبستوس بلغ مجموعها 2965 طنًا بقيمة 1.39 مليون دولار، اتجهت إلى الصين والهند وسريلانكا وإندونيسيا في أغسطس/آب وسبتمبر/ أيلول 2018.

في المقابل قال دوشيرتي-هيوز، الذي تضم دائرته الانتخابية منطقة كلايدبانك لبناء السفن، ولديها أعلى معدلات الإصابة بالسرطان في العالم بسبب التعرض للأسبستوس: "لقد تركت آلاف الأسر في جميع أنحاء اسكتلندا محطّمة بسبب تركة الأسبستوس، خاصة هنا في كلايدبانك حيث توجد أعلى معدلات الأمراض المرتبطة بالإسبستوس لكل فرد من السكان". وأضاف أنه من الأمور المقلقة أن الشراكات المحدودة كانت متورطة في التجارة، وأنّه سيضغط على حكومة المملكة المتحدة والحاجة إلى اتخاذ تدابير لمعالجة هذه المخاوف في أقرب فرصة".


وكشفت البيانات التي حصلت عليها صنداي تايمز أيضًا عن مدى مشاركة "سي جي بيترو & كو"، في تجارة الأسبستوس العالمية. ففي عام 2015، كانت الشركة التي تتخذ من جنوب إفريقيا مقراً لها مسؤولة عن 741 شحنة، بلغ مجموعها 65324 طنًا وقيمتها 38.7 مليون دولار، إلى الهند وإندونيسيا وسريلانكا وتايلاند والمكسيك.

وفي فبراير/ شباط من هذا العام، كانت مسؤولة عن شحن 2.128 طن من أسبستوس خام الكريسوتيل، بقيمة 1.2 مليون دولار، إلى الهند. ولكن يُعتقد أن أيون بيترو يقيم في فيفي، على الشاطئ الشمالي لبحيرة جنيف، ما أعطى محاميه ذريعة للدفاع عنه والقول إنّه لم يشارك في الإدارة اليومية للأعمال في جنوب أفريقيا.
وأضاف أنّه لا يوجد ما يشير إلى أن أيًا من الشركات البريطانية التي تربطه بها صلات تاجرت بـ الأسبستوس أو أن شركة " سي جي بيترو & كو"، قد قامت بأي تجارة مع المملكة المتحدة. مؤكّداً أن أيون بيترو "لا يتاجر شخصياً في الأسبستوس".

وكتبت صحيفة الصنداي تايمز أنّ أياً من الشركات لم ترد على استفساراتها. وأنّ الحكومة البريطانية، قالت: "نحن على علم بالتقارير التي تفيد بوجود عدد قليل من هذه الحالات، وتم استخدام شراكات محدودة اسكتلندية للقيام بنشاط إجرامي. لقد نشرنا مقترحات لإصلاح قانون الشراكة المحدودة، ونعتزم طرح تشريعات لتطبيقها في أقرب وقت ممكن".

المساهمون