حوادث المرور في ليبيا خطر يُضاف إلى أخطار عدّة يواجهها الليبيون يومياً، من دون أيّ توعية تُذكر من قبل الجهات الرسمية أو من قبل جهات غير رسمية. وكانت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق قد أولت الأمر اهتماماً خلال السنوات الأخيرة عبر نشر إحصاءات متتالية ترصد حجم الوفيات والأضرار والخسائر المادية، إلا أنّ الأمر ما زال بعيداً عن متناول المعنيّين للحدّ من مخاطره.
وحوادث المرور هي السبب الثاني للوفاة في ليبيا بعد الحروب، بحسب ما يفيد الرائد سامي البكوش وهو مسؤول في وحدة مرور بنغازي. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "لا جهّة مدنية ولا جهة حكومية التفتت إلى خطر الحوادث وأعدّت خططاً للحدّ منها حتى اليوم".
وكانت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق قد نشرت خلال الأسبوع الماضي، إحصائية حول حوادث المرور لشهر أغسطس/ آب الماضي بيّنت حجم الأضرار والوفيات في كل المدن الليبية. وقد بلغ عدد الحوادث في ذلك الشهر 392 حادث مرور أدت إلى وفاة 178 شخصاً في كلّ أنحاء ليبيا، بينما بلغ عدد الإصابات 262 إصابة للأشخاص وعدد المركبات المتضررة 609 مركبات، فيصل حجم الخسائر مالياً إلى مليون و836 ألفاً و201 دينار ليبي، أي ما يعادل نحو مليون و341 ألف دولار أميركي.
وأشارت الإحصائية إلى أنّ مدينة مصراتة (شرق العاصمة طرابلس) تحلّ أولى في ترتيب شهر أغسطس/ آب الماضي مع 16 حادث مرور قضى خلالها 21 شخصاً، بينما تأتي بنغازي في الترتيب الثاني مع 17 حادث مرور قضى نتيجتها 17 شخصاً. يُذكر أنّ حوادث المرور تتزايد في البلاد، وقد بيّن التقرير السنوي الصادر في عام 2016 عن منظمة الصحة العالمية، أنّ ليبيا حلّت أولى عربياً في عام 2015، مع وفاة أربعة آلاف و398 شخصاً، بمعدّل 73.4 حالة وفاة لكلّ 100 ألف نسمة. وهذه النسبة تشير إلى تنامي تلك الحوادث بشكل لافت عن السنين السابقة. وكانت أمانة العدل (وزارة العدل في نظام القذافي) قد وثّقت وفاة ألفَين و301 شخصا في عام 2009.
اقــرأ أيضاً
في سياق متصل، يشير البكوش إلى أنّ "إحصاء المرور الرسمي هنا أصبح يستخدم مسمّى مركبة بدلاً من سيارة"، مضيفاً أنّ "نوعاً جديداً من المركبات بدأ يُستخدم في البلاد بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة ويسبّب الموت، وهو الدرّاجات النارية". ويقول إنّ "غياب تطبيق قانون المرور بصورة كاملة هو السبب الأوّل في ارتفاع معدّلات الوفيات والحوادث. فشرطة المرور تكاد تكون شكليّة بكل ما للكلمة من معنى، في عدد كبير من المدن، إذ إنّها لم تسجّل مخالفة مرور واحدة". ويشدّد على أنّ "خلوّ إحصاءات وزارة الداخلية من الإشارة إلى المخالفات المرورية المسجّلة من قبل شرطة المرور، هو اعتراف منها بعدم ضبط الوضع".
ويتحدّث البكوش عن "مساحة البلاد الكبيرة التي تتسبّب كذلك بحوادث مرور. فالمسافة بين طرابلس وبنغازي تصل إلى ألف كيلومتر، في ظلّ عدم وجود وسائل نقل أكثر أماناً من تلك المتوفّرة، من قبيل القطارات. كذلك فإنّ عدم تخطيط الطرقات بشكل يضمن سلامة السائق هو سبب آخر من جملة أسباب".
إلى ذلك، تأتي قصص المبتلين بفقد أحبابهم من جرّاء حوادث السيارات لتشير إلى ألم آخر يعانيه المواطنون في هذه البلاد، إلى جانب آلام عدّة أخرى. الحاج سليمان من مدينة الزاوية (غرب طرابلس) من هؤلاء، وقد مرّ حتى اليوم أربعة أشهر على فقد ابنه عصام. يخبر سليمان أنّ "ابني عصام (36 عاماً) غادر المنزل بعد ظهر أحد أيام رمضان الماضي لشراء مستلزمات الإفطار. وأثناء مروره في إحدى المناطق المتوتّرة، اضطر إلى القيادة بسرعة كبيرة للنجاة من إطلاق نيران اشتباك مسلّح، فكان الموت قدرا صادفه على أثر انقلاب سيارته بسبب السرعة". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّه "بدلاً من الاجتماع حول مائدة الإفطار، جمع البكاء والعويل الأسرة. ولن أنسى زوجته ودموعها فيما كانت تنظر إلى طفلها البكر ابن الأشهر الثلاثة وقد صار يتيماً".
من جهته، يقرّ محمد أو حميدة مثلما تدعوه والدته التي تلازمه في مستشفى الحوادث في طرابلس، بأنّ "التهوّر في القيادة" هو سبب الإصابة التي يعاني منها. ومحمد يتلقّى علاجاً في المستشفى بسبب كسور في رجله وفكّه. يقول لـ "العربي الجديد" إنه كان يقود درّاجته النارية "من دون أيّ ضوء في الليل وبسرعة جنونية، إلى جانب أصدقاء لي. فنحن كنّا قد تعوّدنا التسابق بالقرب من نادي الاتحاد في طرابلس، عندما تخفّ حركة السيارات". يضيف: "تفاجأت بسيارة لم ينتبه سائقها لي، فصدمتني بقوّة ووجدت نفسي بعد ساعات في المستشفى أعاني من كسور". يُذكر أنّ محمد ورفاقه لا يملكون رخص قيادة دراجات نارية، تلك المركبات التي يُطلَق عليها هناك "الموت المتنقل".
اقــرأ أيضاً
وحوادث المرور هي السبب الثاني للوفاة في ليبيا بعد الحروب، بحسب ما يفيد الرائد سامي البكوش وهو مسؤول في وحدة مرور بنغازي. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "لا جهّة مدنية ولا جهة حكومية التفتت إلى خطر الحوادث وأعدّت خططاً للحدّ منها حتى اليوم".
وكانت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق قد نشرت خلال الأسبوع الماضي، إحصائية حول حوادث المرور لشهر أغسطس/ آب الماضي بيّنت حجم الأضرار والوفيات في كل المدن الليبية. وقد بلغ عدد الحوادث في ذلك الشهر 392 حادث مرور أدت إلى وفاة 178 شخصاً في كلّ أنحاء ليبيا، بينما بلغ عدد الإصابات 262 إصابة للأشخاص وعدد المركبات المتضررة 609 مركبات، فيصل حجم الخسائر مالياً إلى مليون و836 ألفاً و201 دينار ليبي، أي ما يعادل نحو مليون و341 ألف دولار أميركي.
وأشارت الإحصائية إلى أنّ مدينة مصراتة (شرق العاصمة طرابلس) تحلّ أولى في ترتيب شهر أغسطس/ آب الماضي مع 16 حادث مرور قضى خلالها 21 شخصاً، بينما تأتي بنغازي في الترتيب الثاني مع 17 حادث مرور قضى نتيجتها 17 شخصاً. يُذكر أنّ حوادث المرور تتزايد في البلاد، وقد بيّن التقرير السنوي الصادر في عام 2016 عن منظمة الصحة العالمية، أنّ ليبيا حلّت أولى عربياً في عام 2015، مع وفاة أربعة آلاف و398 شخصاً، بمعدّل 73.4 حالة وفاة لكلّ 100 ألف نسمة. وهذه النسبة تشير إلى تنامي تلك الحوادث بشكل لافت عن السنين السابقة. وكانت أمانة العدل (وزارة العدل في نظام القذافي) قد وثّقت وفاة ألفَين و301 شخصا في عام 2009.
ويتحدّث البكوش عن "مساحة البلاد الكبيرة التي تتسبّب كذلك بحوادث مرور. فالمسافة بين طرابلس وبنغازي تصل إلى ألف كيلومتر، في ظلّ عدم وجود وسائل نقل أكثر أماناً من تلك المتوفّرة، من قبيل القطارات. كذلك فإنّ عدم تخطيط الطرقات بشكل يضمن سلامة السائق هو سبب آخر من جملة أسباب".
إلى ذلك، تأتي قصص المبتلين بفقد أحبابهم من جرّاء حوادث السيارات لتشير إلى ألم آخر يعانيه المواطنون في هذه البلاد، إلى جانب آلام عدّة أخرى. الحاج سليمان من مدينة الزاوية (غرب طرابلس) من هؤلاء، وقد مرّ حتى اليوم أربعة أشهر على فقد ابنه عصام. يخبر سليمان أنّ "ابني عصام (36 عاماً) غادر المنزل بعد ظهر أحد أيام رمضان الماضي لشراء مستلزمات الإفطار. وأثناء مروره في إحدى المناطق المتوتّرة، اضطر إلى القيادة بسرعة كبيرة للنجاة من إطلاق نيران اشتباك مسلّح، فكان الموت قدرا صادفه على أثر انقلاب سيارته بسبب السرعة". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّه "بدلاً من الاجتماع حول مائدة الإفطار، جمع البكاء والعويل الأسرة. ولن أنسى زوجته ودموعها فيما كانت تنظر إلى طفلها البكر ابن الأشهر الثلاثة وقد صار يتيماً".
من جهته، يقرّ محمد أو حميدة مثلما تدعوه والدته التي تلازمه في مستشفى الحوادث في طرابلس، بأنّ "التهوّر في القيادة" هو سبب الإصابة التي يعاني منها. ومحمد يتلقّى علاجاً في المستشفى بسبب كسور في رجله وفكّه. يقول لـ "العربي الجديد" إنه كان يقود درّاجته النارية "من دون أيّ ضوء في الليل وبسرعة جنونية، إلى جانب أصدقاء لي. فنحن كنّا قد تعوّدنا التسابق بالقرب من نادي الاتحاد في طرابلس، عندما تخفّ حركة السيارات". يضيف: "تفاجأت بسيارة لم ينتبه سائقها لي، فصدمتني بقوّة ووجدت نفسي بعد ساعات في المستشفى أعاني من كسور". يُذكر أنّ محمد ورفاقه لا يملكون رخص قيادة دراجات نارية، تلك المركبات التي يُطلَق عليها هناك "الموت المتنقل".