أدت الأزمة المالية المتفاقمة في ليبيا إلى تدهور القطاع الصحي العمومي، ما أدى إلى لجوء عدد كبير منهم للعلاج بالمراكز الخاصة وفي الخارج، بسبب تواضع خدمات المستشفيات العامة.
وفي هذا الإطار قال مدير إدارة المستشفيات بوزارة الصحة بحكومة الإنقاذ الوطني بالعاصمة طرابلس، محمد العبيدي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن ليبيا بها 120 مستشفى عاما في أنحاء البلاد ومعظمها يفتقر إلى التجهيزات والمستلزمات الطبية والصيانة.
وأضاف أن المستشفيات تحتاج إلى 219 مليون دينار ليبي (156.5 مليون دولار) العام الحالي، وأن المصرف المركزي صرف 147 مليون دينار (104.5 ملايين دولار) فقط من إجمالي المبلغ المطلوب، مؤكداً أن الأوضاع تتدهور بمختلف المستشفيات، ولا سيما في الجنوب الليبي والمناطق النائية نظراً لشح الموارد المالية.
وأشار إلى أن بعض الخدمات الطبية في المستشفيات الموجودة في غرب ليبيا كعلاج الكلى والإسعافات وبعض العمليات الجراحية جيدة إلى حد ما، إلا أن باقي المستشفيات في باقي المناطق تواجه تحديات صعبة.
وأشار إلى أن إدارة المستشفيات مسؤولة عن توفير المستلزمات الطبية وإجراء عمليات الصيانة، ولكن بالنسبة لتوفير الدواء فالمستشفيات تقوم بالتنسيق بشكل مباشر مع شركات خاصة لتوريدها حيث أن لديها ميزانيات خاصة لهذا البند.
وأظهرت البيانات الرسمية أن ميزانية جهاز الإمداد الطبي الحكومي المسؤول التي تختص بأدوية المستشفيات العامة فقط، تبلغ سنوياً نحو 700 مليون دينار ليبي (507.2 ملايين دولار). وتبلغ الديون المستحقة على جهاز الإمداد الطبي للشركات الخاصة الموردة للأدوية نحو 1.4 مليار دينار (1.02 مليار دولار) للعام الماضي، حسب ديوان المحاسبة.
كما تسبب نقص حاد في الأدوية المدعومة بمختلف أنواعها في المستشفيات العامة في ليبيا، في إنعاش نشاط الصيدليات الخاصة، بعد اضطرار الكثير من المرضى إلى اللجوء للصيدليات الخاصة لشراء الأدوية، في ظل تقليص الإنفاق الحكومي على مخصصات العلاج.
اقرأ أيضاً: تأزم معيشة الليبيين في المناطق النائية
وكان ديوان المحاسبة الحكومي قد ذكر في تقريره السنوي خلال العام الماضي، أن ليبيا صرفت خلال ثلاث سنوات مضت 2.3 مليار دينار (1.67 مليار دولار) على الأدوية والمستلزمات الطبية.
وحسب تقارير رسمية، يشتكي الليبيون خلال السنوات الماضية، من نقص حاد في الخدمات العلاجية والدوائية، ما يدفعهم إلى السفر إلى الخارج على نفقاتهم الخاصة لتلقي العلاج والرعاية الصحية المفقودة في بلادهم، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد، وأشارت التقارير إلى غلاء الصيدليات والمصحات الخاصة لعدة أسباب، منها ارتفاع الدولار أمام الدينار الليبي.
ويقول الموظف بالمركز الصحي مزدة التي تبعد 186 كيلومترا شمال طرابلس، محمد علي، إن المركز الصحي لم تصله معدات أو مستلزمات طبية منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، وأن معظم المرضى يلجؤون للكشف الطبي والعلاج بقطع مسافة 150 كيلومترا إلى مستشفى بني وليد.
المواطن بشير مصلح، من منطقة أوباري التي تبعد 700 كيلو متر شمال طرابلس، أشار إلى أن المنطقة الجنوبية تفتقد بشكل كبير للخدمات الصحية وتعاني من الدواء والمستلزمات الصحية، ومعظم المشافي يحتاج إلى صيانة بعد تدهور أوضاعها وتضررها من الحرب التي طاولت المنطقة، وأكد مصلح أن مختلف الأدوية والمستلزمات الطبية تأتي عبر مساعدات الجمعيات الخيرية.
وترتكز الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين على عمال أجانب، مما أدى إلى تردي الأوضاع الأمنية في السنوات الماضية إلى هروب معظمها وعودتها لبلدانها، في الوقت الذي تعاني فيه المؤسسات الصحية من ضعف الموارد البشرية المحلية من أطباء وممرضين ومساعدين.
اقرأ أيضاً: اقتصاد ليبيا المنهك يترقب ثمار اتفاق طرفي الصراع