شح السيولة يهاجم المصارف الليبية ويهدد القطاعات الحكومية

03 مارس 2016
تفاقم الأزمات المعيشية لليبيين (فرانس برس)
+ الخط -
امتدت أزمة السيولة التي ضربت القطاع المصرفي الليبي مجدداً، لتطاول قطاعات حكومية، ما أدى إلى تعطل مؤسسات إنتاجية وهيئات خدمية، ما أثر سلباً على الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وحذر محللون من تنامي المخاطر التي تهدد سلامة المراكز المالية للمصارف وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها القانونية تجاه عملائها أصحاب الودائع وحقوق المساهمين، وأشاروا إلى تأخير صرف رواتب العاملين في بعض المؤسسات الحكومية، لفترات تصل إلى 3 شهور.
وباتت المصارف المفتوحة للجمهور في العاصمة طرابلس، تُعد على أصابع اليد الواحدة وتقتصر خدمات بعضها على سحب مبالغ صغيرة تتراوح بين 250 و500 دينار، (الدولار = 1.39 دينار)، وتقوم بعض المصارف بسحب 10 دنانير على كل عملية سحب، ومنها مصرف شمال أفريقيا.
وفي هذا السياق، يرى الخبير المصرفي محمد أبوسنينة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الملاذ الأخير للمصارف هو اللجوء إلى المصرف المركزي لسحب النقود خصما من حساباتهم المصرفية لديه، ولكن قدرات المركزي في هذا المجال محدودة، حسب تعبيره. وشدّد على ضرورة عدم التوسع في إصدار العملة بلا حدود أو قيود، خوفاً من زيادة الضغوط التضخمية على معيشة الليبيين المتأزمة.
وأشار أبوسنينة، إلى احتمال عجز المصرف المركزي عن توفير السيولة النقدية إذا ما استمرت وتيرة السحب من خزائنه على نفس المنوال.
وأكد محافظ مصرف ليبيا المركزي بشرق البلاد، على الحبري، في تصريحات سابقة لقنوات محلية، أن المصرف المركزي سيقوم بطباعة عملة محلية في غضون شهرين لمعالجة أزمة السيولة التي تعاني منها المصارف التجارية.
وأوضحت هيئة الرقابة الإدارية بطرابلس، في بيان لها صدر مؤخراً، أن موضوع نقص السيولة في المصارف التجارية، يرجع إلى عدة أسباب منها تباطؤ حركة الإيداعات، وجار العمل علي معالجة المشكلات الخاصة بهذا الموضوع، من قبل الجهات المختصة، عبر طباعة مبلغ 10 مليارات دينار من فئة خمسة وعشرة دنانير، تم استلام الدفعة الأولى منها.

ولم يعلق أي مسؤول من مصرف ليبيا المركزي بطرابلس على أزمة نقص السيولة الحاد. ولكن وكيل وزارة الاقتصاد بحكومة الإنقاذ الوطني، علي المحجوبي، أكد لـ"العربي الجديد": إذا صح خبر عزم مصرف ليبيا المركزي طبع وضخ 10 مليارات دينار خلال الفترة القادمة، ولم يلغ التعامل بإصدارات قديمة، سنجد أنفسنا ندفع خمسة عشر دينار ثمنا لكوب القهوة او قطعة العلكة.
وحسب تقارير رسمية، تبلغ السيولة المتداولة خارج القطاع المصرفي نحو 24 مليار دينار، بينما المعدل الطبيعي للعملة في ليبيا لا يتعدى 8 مليارات دينار، كأقصى تقدير.
وامتدت الأزمة إلى قطاعات استراتيجية ستؤدي إلى تفاقم الأزمات المعيشية، ومنها المؤسسة الوطنية للنفط، والشركة العامة للكهرباء، التي تطالب بتوفير سيوله نقدية بشكل عاجل، وإلا ستتوقف خدماتها.
وقالت المؤسسة الوطنية للنفط، في بيان صدر مؤخراً، أن عدم بدء الإنتاج وقفل الحقول، أدى إلى نقص السيولة وتأخر صرف الرواتب. وأضافت: إذا استمرت الأزمة فقد تتفاقم لتصل إلى توقف الإنتاج، ما سيؤثر على باقي مؤسسات الدولة في البلد النفطي الذي يعتمد بشكل رئيسي في إيراداته على النفط.
ونظم موظفو الشركة العامة للكهرباء في طرابلس، الخميس الماضي، وقفة احتجاجية أمام وزارة المالية، يطالبون فيها الوزارة بصرف مرتباتهم عن ثلاثة أشهر. وقال مدير الشؤون الإدارية بالشركة العامة للكهرباء، يونس الحاراتي، إن الشركة تعاني من مشكلة توقف الإيرادات وعدم دفع المستهلكين مصاريف الكهرباء، ما أدى إلى عجز الشركة عن صرف مرتبات الموظفين.
ويخصص أكثر من نصف الموازنة الليبية لرواتب موظفي القطاع العام والدعم الحكومي لعدد من المنتجات، من بينها الخبز والوقود والخدمات، مثل العلاج في المستشفيات بالمجان وكذلك العلاج في الخارج.
ويواجه الاقتصاد الليبي مجموعة من المصاعب خلال الفترة الأخيرة، بسبب الاضطرابات السياسية وتصاعد الصراع المسلح، رغم تشكيل حكومة وفاق وطني، في محاولة إلى الخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد، إلا أن مشكلات تواجه الحكومة الجديدة عطلت بدء عملها حتى الآن.
وتوقع محللون ارتفاع العجز في الميزانية الليبية للعام الجاري إلى 30 مليار دينار، أي نحو 22 مليار دولار، بالإضافة إلى توقعات بتراجع حاد في الاحتياطي النقدي الأجنبي، الذي عمدت الحكومة إلى السحب منه لمواجهة أزمتها المالية.



اقرأ أيضا: داعش التهديد الأبرز لاقتصاد ليبيا
المساهمون