شجرة الثقافة السودانية وسنة أخرى عجفاء

30 ديسمبر 2014
حسين جمعان/ السودان
+ الخط -

تسارعت وتيرة ضمور الحراك الثقافي والأدبي في السودان خلال 2014 مع تشديد القبضة الأمنية خناقها على المشهد السوداني. وهو ما تجلّى بوضوح في مواصلة إغلاق المراكز الثقافية، إضافة إلى العراقيل المعتادة التي توضع أمام تنظيم الفعاليات، فشهدنا إغلاق "مركز علي الزين الثقافي"، ثم عرقلة فعالية "جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي" التي كانت منتظمة على مدى 12 عاماً.

وفي ظل انخفاض معدل النشاطات الدورية لمؤسسات مثل "اتحاد الكتاب السودانيين"، والمراكز الثقافية المحلية والأوروبية، عطفاً على المشاكل التي تعتري الواقع السوداني ككل؛ تظهر فعالية "معرض تبادل وبيع الكتاب المستعمل - مفروش" التي تنظمها شهرياً "جماعة عمل الثقافية"، وكأنها النقطة المضيئة الأخيرة التي يلتقي عندها من تبقى من المثقفين السودانيين داخل الحدود، وهو الأمر الذي يطرح مزيداً من التساؤلات عند مقارنة الإقبال الكثيف على "مفروش"، بالإقبال الضعيف على فعاليات مشابهة، لعل أشهرها "معرض الخرطوم الدولي للكتاب".

ورغم زيادة الإصدارات هذا العام، إلا أنها تظل جزءاً يسيراً من كمّ الكتب التي تبحث عن فرصة للنشر، لذا شهد هذا العام ما يشبه اليأس من إيجاد حلّ لمعضلة النشر التي تواجه الكُتّاب الشباب في السودان، فتزايدت مغامرات النشر الإلكتروني، حتى بات الأمر مرشَّحاً للتزايد في قادم الأيام. ففي ظلّ محدودية فرص النشر المرتبطة بالفوز بإحدى "جوائز الطيب صالح" للرواية أو القصة القصيرة، والضغط الاقتصادي الذي يجعل الكثير من الكتاب غير قادرين على نشر أعمالهم على نفقتهم الخاصة، يبدو أننا سنشهد المزيد من الكتب المنشورة إلكترونياً في السودان.

ثمة محاولات قصيرة الأجل وفعاليات موسمية في مجالات المسرح والسينما والموسيقى، تعاني من عدم النضج ومحدودية التأثير، إضافة إلى انفصالها عن سياقها الاجتماعي العادي وتنفّسها في بيئة غير مساعدة على النمو، لذا كان مصير هذه المحاولات الخفوت المتوقع.

"الشيخوخة الثقافية" هي خلاصة هذا العام في السودان، إذ لم تحرِّك الفعاليات ساكناً، ولم يفلح المستضافون الأجانب في فعاليات يقلّ الاهتمام بها عاماً بعد عام في إحياء بعض الفضول المعرفي القديم، ولم تشعل عودة مثقفين مهاجرين توقاً للاقتراب منهم، فيما يبدو أن عوامل التثبيط أصبحت أقوى، في ظل الهجرة المتزايدة للسودانيين، والاغتراب الداخلي لمن هم داخل الحدود، فهل بدأت جذور شجرة الثقافة السودانية بالتيبس والاستسلام لأثر الجفاف الطويل الذي ضربها؟

دلالات
المساهمون