شبكة الكهرباء المتهالكة تنذر المصريين بصيف ملتهب

23 ابريل 2014
اللعب على أضواء الهاتف (Getty)
+ الخط -

قالت مسؤولة كبيرة بوزارة الكهرباء في مصر إن مصر تحتاج لاستثمار ما لا يقل عن 4 مليارات دولار في محطات الكهرباء المتهالكة في الوقت الذي تواجه البلاد تفاقم مشكلة انقطاع الكهرباء خلال فصل الصيف.

وتؤرق أزمة الكهرباء الحكومات المتعاقبة في مصر، لاسيما في فصل الصيف الذي يصل فيه الاستهلاك لأعلى معدلاته في ظل الصعوبات التي تواجهها مصر في الحصول على وقود لتشغيل المحطات.

ويعزو البعض الأزمة لنقص امدادات الغاز. إلا أن صباح محمد مشالي وكيل أول وزارة الكهرباء والطاقة لشؤون تطوير الأداء والاتصال السياسي تقول إن الأولوية ينبغي أن تكون لتحديث الشبكة.

وقالت في مقابلة مع رويترز اليوم الأربعاء، "لا توجد لدينا طاقة فائضة... نحن نغطي الطلب فحسب."

وأضافت أن وجود طاقة فائضة ضروري لسد أي نقص مفاجئ للإنتاج بسبب حوادث أو أعمال صيانة في 52 محطة توليد كهرباء في مصر تعمل معظمها بالغاز وأكثر من ربعها يتجاوز عمره 20 عاما.

وقالت مشالي إن تحديث هذه المحطات وبناء محطات جديدة سيتكلف "ما لا يقل عن أربعة أو خمسة مليارات دولار" ومليارات إضافية لزيادة طاقة انتاج الشبكة.

وتعجز الشبكة المتهالكة التي تديرها الدولة عن تلبية الطلب سريع النمو على الكهرباء في بلد يقطنه 85 مليون نسمة.
وتفاقمت أزمة نقص الغاز في السنوات الأخيرة اذ لا يكفي الانتاج المحلي الآخذ في التناقص لتلبية الطلب المحلي والتزامات التصدير.

ويرتفع استهلاك الكهرباء في الصيف إذ تعمل أجهزة التكييف في المنازل ليل نهار غير أن نقص الغاز تسبب في انقطاع التيار حتى في الشتاء هذا العام لأول مرة منذ عقود.

وقد يتسبب استخدام أنواع وقود بديلة مثل زيت الوقود (المازوت) في تعرض محطات الكهرباء لأضرار.
وقالت مشالي "(اضطرنا) نقص الغاز لتأجيل صيانة بعض المحطات وأضحى الوضع أكثر تعقيدا."

ويخشى أن تصل الأزمة إلى ذروتها في شهري يوليو تموز واغسطس آب القادمين عندما تصل حرارة الصيف إلى أقصى مستوياتها.

وتتجه الحكومة المؤقتة مثل سابقتها لحلول قصيرة الأجل وتحث المواطنين على ترشيد الاستهلاك وتتفاوض مع دول خليجية داعمة للانقلاب العسكرى مثل السعودية والكويت والامارات لاستيراد منتجات النفط بشروط ميسرة.

وقال مسؤول بارز في وزارة البترول، في اتصال هاتفي لمراسل "العربي الجديد"، إن بلاده تواجه صعوبات في استيراد الغاز الطبيعي في الصيف المقبل، الذي يبدأ في مايو/أيار من العام الحالي، ما ينذر بمواجهة محطات توليد الكهرباء أزمة كبيرة.

ويقول مسؤولون إن المستثمرين من القطاع الخاص يعزفون عن تمويل تطوير انتاج الغاز وزيادته في غياب اصلاح نظام دعم الوقود الذي يتسبب في هدر كبير لموارد الدولة.

 وليس هناك من يرغب من المستثمرين ايضا في بناء طاقة جديدة لتوليد الكهرباء لتباع بأقل من تكلفة الانتاج.
كما أن الأسعار المنخفضة بشكل مصطنع لا تعطي المصريين حافزا يذكر لترشيد الاستهلاك.

وسعر الكهرباء للاستهلاك المنزلي يتراوح ما بين 5 قروش و67 قرشا لكل كيلووات/ساعة في مصر (بين سنت أميركي واحد و10 سنتات) بينما يبلغ في الولايات المتحدة بين 8 و37 سنتا حسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري أشرف العربي، الأسبوع الماضي إن الحكومة تعتزم رفع أسعار الكهرباء لأغنى 20% من مواطنيها قبل انتخابات الرئاسة المقررة يومى 26 و 27 مايو آيار المقبل، في مسعى لبدء إصلاحات هيكلية يلح الوضع الاقتصادي المتردي على إجرائها. 
وأكد مسؤول بارز بوزارة المالية، في تصريحات سابقة لـ"لعربي الجديد" إن الحكومة تبحث رفع أسعار الكهرباء بنسبة تصل إلى 50% لبعض الشرائح "حسب الاستهلاك"، وذلك لتوفير سيولة مالية تساهم في مواجهة أزمة انقطاع التيار الكهربائي المتصاعدة.

وقالت صباح مشالي إن ثمة حاجة لاستثمارات خاصة لتحديث الشبكة، ولكنها حذرت من أن هذا لن يحدث حتى تقلص الحكومة دعم الوقود الذي يستنزف 20 بالمئة من ميزانية الدولة.

وأضافت "حين يرفع الدعم ستأتي الشركات على الفور". غير أن بعض الخبراء يشككون في ذلك.

وقال ينز زيمرمان محلل الطاقة في الشرق الأوسط في شركة وود ماكنزي "لماذا يتعهد مستثمر من القطاع خاص ببناء محطة تعمل بالغاز إذا لم يكن بوسع الحكومة ضمان إمدادات وقود مستقرة وعجزت المحطة عن العمل بالطاقة المزمعة."

وقالت صباح مشالي إنه ينبغي خصخصة قطاع الكهرباء في نهاية المطاف بما يتماشى مع الاتجاه العالمي.

وتقول وزارة الكهرباء المصرية إن طاقة شبكة الكهرباء ستقترب من 34 ألف ميجاوات هذا الصيف بشرط الانتهاء من أعمال الصيانة في عدة محطات في الوقت المقرر وبدء تشغيل ثلاث محطات جديدة.

 وتقول الوزارة أيضا إن هذا يتيح تغطية آمنة لذروة الطلب في الصيف حين يصل إلى 28 ألف ميجاوات.

 لكن مصدراً مسؤولاً في زارة الكهرباء توقع في تصريحات لـ "العربي الجديد" أن يصل نقص الطاقة إلى نحو 4 آلاف ميجا وات خلال الصيف المقبل، حيث ستصل الطاقة المولدة إلى 25 ألف ميجا وات، بينما يتوقع أن يبلغ الإنتاج 29 ألف ميجا وات.

وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن هناك محطات كهربائية بطاقات توليد تصل إلى 31 ألف ميجا وات يوميا، غير أن الحصول عليها مرهون بكميات الوقود المطلوبة.

ويقول جاستن دارجين، الاستاذ بجامعة اوكسفورد، إن متوسط كفاءة تشغيل محطات الكهرباء في مصر بين 80 و85 بالمئة، مضيفا أن العجز الفعلي سيصل إلى بين أربعة وخمسة آلاف ميجاوات في يوليو تموز بعد احتساب الفاقد عند التوزيع.

 وذكر أن هذا العجز الكبير لن يؤدي لانقطاع الكهرباء لفترات طويلة فحسب بل سيضغط بشدة على شبكة الكهرباء المركزية وحالتها بائسة بالفعل.

 وأضاف "مصر تدفع الآن ثمن النقص المزمن للاستثمارات التى تم ضخها فى قطاع انتاج الكهرباء واهمال شبكة الكهرباء المركزية."

الدولار= 6.9902 جنيها مصري

المساهمون