بجهاز حاسوب واحد وبعض الأدوات والتصاميم الهندسية، بدأ الأشقاء الثلاثة رغدة وأحمد وبسمة السوسي العمل على تأسيس شركتهم التجارية المتخصصة بتصميم وتنفيذ قطع الأثاث المتعددة الاستخدام بشكل إبداعي مبتكر.
وتقوم فكرة الشركة، التي أطلقوا عليها اسم (Mini Space)، على تصميم قطع الأثاث التي تحتاجها الشقق السكنية ومكاتب العمل، بما يتناسب مع المساحة المتوفرة وبما يتيح استخدام القطعة الواحدة على عدة أوجه دون صعوبات تذكر.
وتقول المهندسة رغدة، لـ"العربي الجديد"، إن الفكرة تبلورت لديها في عام 2012، عندما لاحظت معاناة المواطنين الغزيين والشباب المقبلين على الزواج تحديدا، من مشكلة ضيق الشقق السكنية وتكدس قطع الأثاث المختلفة في زوايا المنزل بشكل عشوائي ومنفّر.
واطَّلعت السوسي قبل الانطلاق في الخطوات التأسيسية الأولى للشركة، على عدة تجارب خارجية وأفكار تساهم في حل مشكلة المساحات الضيقة وتجعل من أعمال الشركة مصدر دخل مالي لها ولأفراد عائلتها.
أما الطالبة في كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية في غزة، بسمة السوسي، فبيّنت لـ"العربي الجديد"، أن مخرجات الشركة تتميّز بالمرونة في التصميم ومواكبة أحدث الموديلات العالمية في تصميم الأثاث المنزلي والمكتبي، مشيرة إلى أن الفريق استفاد من منصات التواصل الاجتماعي في تسويق فكرة المشروع الريادي.
وأوضحت بسمة أن أعمال الشركة نالت قبول المجتمع المحلي، كونها تتميز بتوفير الجهد والمال على الزبائن، حيث يستطيع الزبون شراء قطعة أثاث واحدة يمكن تحويلها من شكل لآخر واستخدامها في عدة وظائف داخل مساحة محدودة.
واعتمد الفريق على شبكة الإنترنت في الوصول إلى زبائنه والتعاقد معهم، نظرا لضعف قدراتهم المالية التي حالت دون افتتاح مكتب خاص بالشركة، إلا أن فوز الفريق أخيرا بتمويل مالي من إحدى حاضنات الأعمال الريادية شجعه على افتتاح مقر رئيسي للشركة في مدينة غزة.
ويواجه الفريق الهندسي عدة معيقات أثناء مراحل العمل والتنفيذ، أغلبها متعلقة بالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ قرابة العقد، سواء من إغلاق المعابر الحدودية أو انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يوميا، فضلا عن نقص بعض المعدات والمواد الخام من الأسواق المحلية.
المدير التنفيذي للشركة، أحمد السوسي، قال لـ"العربي الجديد"، إن فرض الاحتلال لقيود مشددة على إدخال بعض أصناف الخشب إلى غزة المستخدمة في عمليات التأثيث المنزلي، أعاق بشكل كبير عمل الشركة ورفع من كلفة منتجات الشركة، نظرا لارتفاع أسعار الخشب في الأسواق.
وأوضح المهندس أحمد أن الإغلاق المستمر لمعبر رفح البري منعه من السفر إلى عدة دول عربية وأجنبية من أجل تطوير أفكار الشركة وتسويق منتجاتها في الخارج، وكذلك حال إغلاق المنفذ البري الوحيد لسكان القطاع دون مشاركة الفريق بالعديد من المسابقات والمعارض الإقليمية والدولية.
وحصدت فكرة الشركة، التي تعد الأولى من نوعها على مستوى قطاع غزة، عدة جوائز محلية، كالمركز الأول في مسابقة "سبارك" للمشاريع الصغيرة، إضافة إلى الفوز بالمركز الأول في مسابقة (Celebration of Innovation) على مستوى الأراضي الفلسطينية عام 2013.
ويدرس الفريق حاليا فكرة تصميم قطع أثاث تخدم وتلبي احتياجات فئة ذوي الإعاقة الحركية، وكذلك يسعى الأشقاء الثلاثة إلى الحصول على حقوق الملكية الخاصة بتصاميم وأعمال الشركة، الأمر الذي سيمكّنهم من بيع منتجاتهم للشركات العالمية المهتمة بصناعة قطع الأثاث متعددة الأغراض.
وتقول هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار وإعادة الإعمار في غزة، إن نحو 60% من الشباب الغزيين أصبح حاضرهم مظلماً ومستقبلهم مجهولاً، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ صيف 2006، وعدم إيجاد بدائل حقيقية لحل الأزمة الإنسانية.