شاعرات بعيدات عن الورق: الاكتفاء بقارئ افتراضي

07 مايو 2016
"اتجاه خفي"، منى حاطوم
+ الخط -

ساهم فيسبوك في نقل جزء كبير من مساحات التبادل الثقافي من الواقع إلى الحياة الافتراضية، وظهرت كثير من الأسماء الشابة في الشعر والرواية، ولجأت أسماء مكرّسة، ومن أجيال مختلفة، إلى صفحاته للتعبير عن آرائها وتقديم صورة عن حياتها، وليس فقط عن أدبها.

للشاعرات الشابات في مجتمعات عربية مختلفة شيء من الخصوصية على هذا الوسيط الإعلامي، يُطلقن صفحات خاصة بهن ويتفاعلن اجتماعياً بأريحية أكثر، ويجدن قرّاء أكثر لاعتبارات مختلفة، ليست كلُّها ذات صلة بما يقدّمن من نصوص، ومنهن من جنّبها فيسبوك دوّامة البحث عن ناشر ومنبر في صفحة ثقافية. بالمقابل، حرمها من قراءة نقدية عميقة.

"العربي الجديد" استطلعت آراء بعض الشاعرات الناشطات على فيسبوك ممّن لم ينشرن أية مجموعة ورقية إلى الآن، وسألت عن صفحات التواصل كبديل للنشر الورقي.

الشاعرة المصرية هدى عمران ترى أن الفيسبوك "لعب دور المسرح الحداثي؛ حيث يحصل الشاعر والفنان على تفاعل مباشر، ويتعرّف على تجارب من جنسيات مختلفة". لكنها تستدرك أن فيسبوك يساهم في نوع من "الفساد الثقافي"، إذ يوّفر الإعجابات لنصوص ضعيفة ويجعل من أصحابها شعراء، ويتحوّل الإعجاب إلى معيار لتقييمها. تعزو عمران تأخّرها في نشر مجموعتها الشعرية الأولى إلى كسل ورغبة في إنجاز كتاب يضمّ تجربة مُرضية بالنسبة إليها، وإلى اعتقادها بصعوبة النشر في مصر.

الشاعرة السورية وداد نبي اختارت أن تنشر مجموعتها الأولى إلكترونياً، وتلفت إلى أنها كانت ستطبع المجموعة ورقياً، لكن ظروف الحرب في مدينتها حلب حالت دون ذلك، وتم تقديم المجموعة إلكترونياً فقط.

توضح نبي أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في وصول النصوص إلى القرّاء من دون المرور بالانتظار الطويل للنشر في الصحافة الورقية بكل مشاكلها ومجاملاتها، مضيفة أن هذه السهولة ربما تغري بالنشر السريع أيضاً.

بدورها، ترى الشاعرة المصرية إيمان السباعي أن "الشعر يواجه صعوبةً في النشر باعتباره فناً بلا جمهور"، مضيفة أن "هذا ليس السبب الوحيد في تأخّري عن نشر مجموعة شعرية، فالأهم يتعلّق برؤيتي للشعر ومسؤوليتي تجاهه، فالشاعر الحقيقي متشكّك ومرتاب إزاء نصّه".

تتابع السباعي أن الفيسبوك لم يعد موقعاً للتواصل الاجتماعي فقط، إنما تجاوز دوره هذا بكثير في ما يخص واقع النشر والكتابة الأدبية، وغدا الناشر الأول، ومن خلاله تشكّلت غواية اختبار النصوص عبر قارئٍ مباشر.

الشاعرة التونسية أمل كلوديل تعتقد أن مواقع التواصل تمنح شكلاً عفوياً وآنياً من التواصل، إذ لا تفضّل الخوض في شروط وتفاصيل تعاقدية مع الناشرين، وربما كان هذا سبب إحجامها عن نشر مجموعة شعرية ورقية، وتشير إلى أن مشكلة مواقع التواصل الاجتماعي تكمن في تقليص المسافة بين الكاتب والقارئ، ما يُفقد الكاتب أصالته ويُفقد الكتابة لذّتها التحرّرية.

الشاعرة المصرية أماني خليل، التي نوّهت لجنة تحكيم مسابقة أسامة الدناصوري بمجموعتها قيد الطبع، فتعتبر أن فيبسوك يسهل مشاركة النصوص فقط، ويجعل عملية النقاش وتبادل الآراء والاطلاع على تجارب مختلفة أسرع وأسهل.

دلالات
المساهمون