سيناريو الانسحاب المحتمل لإنكلترا من مونديال روسيا بسبب "تسميم الجاسوس"

14 مارس 2018
الجماهير الإنكليزية ستكون في خطر بروسيا (Getty)
+ الخط -
يشغل كأس العالم 2018 في روسيا العالم بأسره، ليس على الصعيد الرياضي فقط وتحضيرات المنتخبات المشاركة، بل على الصعيدين السياسي والأمني.

الكثير من الأمور تدور في فلك التأثير السلبي على المونديال، ومع فتح باب شراء البطاقات مجدداً من قبل الاتحاد الدولي للعبة، يُتابع العالم بأسره التجاذبات السياسية التي تحدث بين بريطانيا وروسيا على خلفية محاولة اغتيال عميل روسي مزدوج يدعى سيرغي سكريبال مع ابنته بغاز الأعصاب، وهو حالياً في المستشفى ويخضع للعلاج.

وفي حال ثبت تورط موسكو بهذه القضية، فإن بريطانيا أكدت أنها لن تسكت عن هذا الأمر وستعتبره استخداماً غير قانوني للقوة من الجانب الآخر، بحسب ما ذكرت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي.


إنكلترا والمشاركة؟

تعلو الأصوات في إنكلترا مشددة على ضرورة عدم الذهاب إلى كأس العالم 2018 في روسيا، البعض يساند قرار الانسحاب الكامل فيما يرى قسمٌ آخر أنه من الممكن عدم إرسال جماهير أو أي وفد رسمي لا سيما من العائلة الملكية كما يحصل في الأمور العادية.

ويضغط البعض على الحكومة البريطانية كي تطلب من مدرب المنتخب غاريث ساوثغيت إعلان الانسحاب من البطولة الأهم في عالم الساحرة المستديرة والتي إن حصلت فستؤدي إلى عقوبات وخيمة، منها حرمانها حتى من التواجد في مونديال 2022 في قطر، إذ إن لوائح فيفا تنصّ على إلزامية خوض المباريات كاملة في حال التأهل المسبق، وإذ ما جاء الانسحاب فإنه سيتوجب عليها أيضاً دفع غرامة تتجاوز 190 ألف جنيه إسترليني، شرط أن يحدث ذلك قبل 30 يوماً من انطلاق البطولة، وإلا سيتضاعف المبلغ مباشرة. ورفض فيفا التعليق على أزمة دبلوماسية محتملة بين البلدين وانعكاساتها على مشاركة إنكلترا في كأس العالم.

قبل فترة كان الخوف يلف العالم بأسره بسبب "الهوليغانز" الروس، والآن وبعد الأزمة الأخيرة هناك تخوف أكبر من أن يتعرض المشجعون الإنكليز الذين سيتواجدون في المونديال إلى عمليات انتقام، إذ طالب توم توغندهات، رئيس لجنة الشؤون الخارجية، المسافرين إلى روسيا بضرورة توخي الحذر الشديد.

وشهد التاريخ استهدافاً كبيراً للمشجعين الإنكليز في روسيا، ويخشى توغندهات أن يُستخدم ما حصل بقضية سكريبال كسبب لإشعال فتيل العنف هناك، وقال في هذا الصدد لراديو "بي بي سي": "علينا أن نكون حذرين للغاية، حتى لا يتورط المشجعون بأي مشكلة قد تحصل".

السيناريو المحتمل؟
هناك الكثير من الفرضيات التي تُطرح في الأجواء بالوقت الحالي في حال ثبت تورط روسيا بمحاولة اغتيال سكريبال، الذي كان قد فضح العديد من الجواسيس الروس في القارة الأوروبية، قبل أن يتم القبض عليه من قبل موسكو وإيداعه السجن بعد ذلك، ليتم الإفراج عنه بصفقة تبادل جواسيس روس آخرين، ليذهب ويستقر في بريطانيا.


لا تكمنُ المشكلة في انسحاب إنكلترا من كأس العالم فقط، إذ سيكون بالفعل أمراً مركباً للاتحاد الدولي للعبة، الذي قد يجد نفسه في مأزقٍ كبير لتحديد هوية المنتخب الذي يستحق التواجد في المونديال، خاصة أن معظم الفرق خاضت مباريات الملحق الفاصل وبالتالي فإن الفرصة قائمة على سبيل المثال لإيطاليا للتأهل.

وقد يقرر فيفا على سبيل المثال خوض المجموعة التي تقع فيها إنكلترا بثلاثة منتخبات يتأهل منها الأول والوصيف إلى دور الـ16.

قد تبدو الأمور جيدة حتى اللحظة في حال انسحبت إنكلترا، لكن ماذا لو صدقت التوقعات وقررت بعض الدول الحليفة مساندتها والسير المباشر على خطاها على غرار اليابان وبولندا وأستراليا التي تعتبر مستفيدة من خدمات سكريبال، إذ مدّها بمعلوماتٍ كثيرة.

هنا سيقع فيفا في مشكلة أكبر بالفعل، فهل يقوم بتصفيات جديدة لتحديد هوية المنتخبات التي يحق لها خوض المنافسات أم يبقي على العدد كما هو؟ لكن ماذا لو ارتفع عدد الدول المساندة والمتعاطفة مع بريطانيا، والتي تمتلك نفوذاً ومصالح اقتصادية في مختلف أنحاء العالم.

ماذا عن روسيا؟

تسعى روسيا منذ فترة لتلميع صورتها أمام العالم، فقد استضافت أولمبياد سوتشي الشتوي عام 2014 لهذا الغرض، لكن فضيحة التنشط الممنهج أثّرت بشكل كبير عليها، ثم حصل شغب يورو 2016 من قبل "الهوليغانز" الروس، وتحدث العالم بأسره عن مدى وحشية سلوكهم والعنف الشديد، وهذا الأمر عاد وحصل هذا الموسم في مسابقة الدوري الأوروبي حين أقدم مشجعون روس على إشعال الألعاب النارية والشماريخ في إقليم الباسك ببلباو.
وفي حال ثبت تورط روسيا في محاولة الاغتيال، كيف سيتصرف "فيفا" مع الأمر في حال ارتفع عدد المنتخبات التي لن تشارك إلى النصف؟

يرى البعض أنه من الصعب إلغاء البطولة أو حتى تأجيلها أو نقلها تحديداً إلى بلدٍ آخر، إذ احتاجت روسيا لفترة طويلة لتحضر لهذه المنافسات، ومن دون شك لا يوجد أي بلد قادر على استضافة كأس العالم حالياً قبل أقلّ من 100 يوم على الانطلاق.

وربما لو لم تكن روسيا صاحبة الأرض لقرر "فيفا" طردها من المونديال، وقد حصل أمرٌ مشابه في عام 1992، حين قرر الاتحاد الأوروبي مشاركة الدنمارك في يورو تلك النسخة بدلاً من يوغسلافيا التي شهدت حرباً ضروساً.
يُذكر أن محاولة اغتيال سكريبال جرى تشبيهها بحادث مرتبط بقضية جاسوس المخابرات الروسية السابق، ألكسندر ليتفينينكو، الذي كان يعتبر أحد المعارضين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولقي حتفه في لندن عام 2006، بعد تناوله شاياً أخضر ممزوجاً بمادة البولونيوم-210 المشعة.

ووجد تحقيق عام بريطاني أن بوتين ربما أمر بقتل ليتفينينكو. وأعلنت بريطانيا اسمي روسيين مشتبه بهما، ولكن روسيا رفضت تسليمهما.
المساهمون