بعثت الناشطة الحقوقية المصرية، ومديرة مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب، عايدة سيف الدولة، برسالة اليوم الأربعاء، لأبطال معركة الأمعاء الخاوية داخل السجون المصرية، ترجوهم فيها التوقف عن الإضراب عن الطعام.
وقالت سيف الدولة في رسالتها التي نشرتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، لكل المضربين عن الطعام في السجون المصرية، وخاصة صاحبي أطول إضراب، محمد سلطان، وإبراهيم اليماني: "رجاء رجاء رجاء توقفوا عن الإضراب عن الطعام.. نحن بحاجة إليكم، في كامل صحتكم وعنفوان شبابكم.. نحن في انتظار خروجكم، وفي انتظار الموجة الثانية من ثورة 25 يناير.. وحين تدق على أبواب البلد المنهوب سوف نحتاجكم بوافر صحتكم في الصفوف الأولى، لمواجهة الثورة المضادة التي عصفت بالأخضر واليابس وزجّت بكم مع آلاف آخرين في غياهب السجون ظلما وعدوانا، محاولة منها لمحو الثورة من ذاكرة من أشعلوها وما زالوا يحلمون بها رغم كل ما جرى".
واستطردت سيف الدولة في رسالتها: "لماذا تستمرون في إضرابكم؟ أذهلتم العالم بصمودكم ومعركتكم من أجل الحرية والعدالة والكرامة، وانقسمنا في هذا العالم إلى فريقين.. فريق لا يراكم ولا يسمعكم، بل لا يريد أن يراكم أو يسمعكم، التفت إلى إضرابكم للحظات ثم انشغل عنكم بألعاب السلطة وبهلواناتها.. وفريق ينفطر قلبه عليكم في كل يوم، يقف عاجزا سوى عن نشر صوركم وأسمائكم وعدّ الأيام التي تمر، وأنتم تحاولون بأجسادكم أن تضغطوا على سلطة لا تأبه بموت الثوار، وترى في فقدان كل واحد منكم انتصارا لها".
القاتل لا يأبه
"في مرحلة سابقة كان إضرابكم مثلا يحتذى داخل وخارج السجون، شحذ همم المناصرين داخل وخارج البلاد في واحدة من أروع حركات التضامن.. بدون يأس وبدون فقدان للأمل وبدون استسلام، أشعر أن هذه المرحلة انتهت مؤقتا، بعد أن استنفدت دورها وزاحمتها على خريطة الاهتمام والذاكرة أحداث أخرى.. أحكام بالإعدام وأحكام بالسجن تهدر العمر بقرار من قضاة في خدمة السلطة، أداروا ظهورهم للعدالة وحكموا برغبات الحاكم ورغباتهم في التخلص من كل ما يذكرهم بأنهم كانوا في يوم من الأيام على وشك أن يصبحوا خدما للشعب بدلا من أن يكونوا أسيادا عليه.. قتل في الشوارع وأقسام الشرطة والملاعب، والقاتل حر طليق يحكم ويبطش ولا يتوقف عن الجنون.. ومعتقلون يقضون في محبسهم بقرار من إدارة سجن سخّرت الحرس والجلاد وحتى الأطباء للتخلص من كل ما قد يقض مضاجع الحكام" بحسب الرسالة.
وتابعت مدير مركز النديم رسالتها قائلة: "أنتم في ذاكرة وقلوب أحبائكم وأهلكم وأصدقائكم رغم القضبان.. إضرابكم وعجزنا الحالي عن انتزاعكم من بين براثن السلطة، أصبح مصدر قهر لمن لا يحتاجون للتذكرة، لأنكم في قلوبهم وفكرهم في كل يوم.. كما أصبح مصدر نشوة وانتصار لمن وضعكم في تلك السجون، فخورا بأنه وحده يملك مفتاح الزنزانة.. سجان جبان يحتمي بالسلاح والجيوش في مواجهة مواطنين عزل سوى من إيمانهم بالحرية والكرامة".
واختتمت رسالتها "هذه الرسالة ليست ابتزازا لكم.. وليست إعلان هزيمة.. بل إنها تحمل توقعا بأن انتظارنا لانتفاضة الغضب لن يطول، وحين تشتعل سوف نكون بحاجة إليكم.. في
كامل صحتكم.. في كامل قدرتكم على الحلم والثورة.. الدولة التي تضغطون عليها باستهلاك أجسادكم لا تأبه بالبشر ولا بحياتهم.. بل إن فقدان أيٍّ منكم ليس سوى عبءٍ أزيل عن كاهلها.. لقد ضربتم مثلا في الصمود والتحدي وانتصرتم على جلادكم مع كل ما تعرضتم له من ترهيب وقهر.. رسالتكم وصلت لمن يريد أن يفهم.. لمن يريد أن يرى.. فلا تفقدوا حياتكم من أجل عديمي البصيرة.. رجاء رجاء رجاء توقفوا عن إضرابكم عن الطعام وجهزوا أنفسكم للجولة القادمة".
وعايدة سيف الدولة، هي طبيبة نفسية وناشطة حقوقية، تعمل بمركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب -منظمة مجتمع مدني مصرية- منذ افتتاحه عام 1992 وحتى الآن، عضو المجلس الاستشاري بمركز الجامعة الأوروبية للصحة النفسية وحقوق الإنسان 1996 حتى الآن، وهي عضو قسم الآثار النفسية للتعذيب والمطاردة في الجمعية العالمية للطب النفسي 1994 حتى الآن. وحصلت على تقدير منظمة هيومان رايتس ووتش 2004.