سيف الإسلام خيرت الشاطر

04 فبراير 2016
كيف تحول "المسلمون" إلى "كفرة"؟! (الفيسبوك)
+ الخط -
انتهت الذكرى الخامسة ليناير، سناء نزلت وحيدة، ويقال إن عشرات من الإخوان نزلوا وحدهم في مكان بعيد. في أيام انتخابات الرئاسة الأولى بعد الثورة، أو بالأدق قبلها بقليل، أخبرني العم حسين أنه لا يتمنى أبداً أن يفوز خيرت الشاطر برئاسة الجمهورية.


كان عم حسين أحد المترددين على ميريت بكثرة والجالسين معنا دوماً، بود شديد وأريحية كبيرة، وبذاكرة لا بأس بها أبدى للشعر والأغاني اهتماماً، حتى حسبت أنه صديق لأحد الشعراء الكثيرين الذين يعبرون بالدار الدافئة والكبيرة مقاماً ودوراً، قبل أن أفهم أنها لأسباب تجارية، استطالت بعمق الصداقة التي بناها بعدد لا بأس به من أصدقائي.

هكذا كنت أتخيل أن يرد علي من زاوية أيدولوجية مؤكدة، ولكنه تابع بحماسة "طيب بذمتك دي خلقة الواحد يصطحب بها متعلقة في مكاتب الحكومة؟!" قالها بحرقة أثارت ضحكي، ليتابع مرة أخرى بجدية ما "لا والله بجد يا عم علاء، طيب يعني السايح من دول ينزل المطار يشوف الخلقة دي ويرجع أزاي طيب؟!".

يجادل بعض أصدقائنا من الإسلاميين بتفاصيل كثيرة عن فكرة واحدة: الغرب الشرير الذي يريد مسخ هويتنا وحضارتنا، يبدأون من أول تكليف أتاتورك بهدم الخلافة، أو للحق يبدأون من عمالة رفاعة الطهطاوي لفرنسا ومحمد عبده للإنجليز، عابرين بعمالة سعد زغلول للقمار تقريباً وكونه ربيباً للورد كرومر، غير ناسين - طبعاً - طه حسين، ولا نجيب محفوظ، ولا الرئيس المؤمن أنور السادات الذين قتلوه بأنفسهم، أو قتله بعضهم.

يجادلون بكل حمية، وكل حماس، في أن كل تطوير للدين هو بسبب العمالة، وأن كل تحديث للسياق هو بدع مكروهة والعياذ بالله، وأن كل هذا التاريخ تاريخ منحول من خونة ومتهاونين ومتعاونين وكفرة، وبالطبع سيضمون أحمد لطفي السيد لو يعرفونه من أصله، دعنا من لويس عوض، فيكفيه اسمه.

طيب، وإن كانت مسألة هيمنة ثقافة على أخرى مثاراً لجدل أكاديمي برع فيه أصدقاؤنا الشيوعيون من دول الجنوب عامة، وإن كانت زاوية "إعادة كتابة التاريخ" لها بريقها الحاد لدى أي ذهن حاضر وإبداعي، فيمكنني فقط أن أسألك كيف اختار الإسلاميون لأنفسهم، بمحض إرادتهم ورغبتهم، مظهراً أشبه بأبي لهب وأبي جهل في الأفلام المصرية الإسلامية القديمة؟! كيف تحول "المسلمون" - كما يروق لهم تسمية أنفسهم - إلى "كفرة"؟!

كيف راقب المصريون بذعر في جمعة الخلافة الإسلامية أو ما شابه، التي دعت لها كل الحركات الإسلامية السلفية فأتي لها الناس من 17 محافظة كاملة، بميكروباصاتهم بأكلهم بأطفالهم بزوجاتهم بذقونهم بجلاليبهم بزبيبتهم، ليعجزوا عن ملء شارع سموه تجاوزاً بميدان النهضة، كيف راقب المصريون هؤلاء "المسلمين" وهم يصرخون في وجوههم، ويتشنجون فوق المسرح، في حدث حرص دهاء العسكر على كونه التظاهرة الوحيدة في تاريخ مصر التي تفتح فيها ميكروفونات التلفزيون بلا وقت محدد، ويغطيها الأخير بـ"كريين" - رافعة كاميرا - تصول وتجول في بانورامية، لتصل أصداء المشهد العجائبي لعيون كل المصريين، حين خطب فيهم "المسلمون" ثم تبعوا الخطبة بصلاة صلوا فيها صورة "الفتح" دونها دون غيرها من سور القرآن الكريم.

كتبنا كثيراً في خيانة النخبة، ولكن، دعنا فقط نسأل: كيف تحولت صورة خيرت الشاطر إلى صورة أشد قبحاً واستغلاقاً من صورة عدلي كاسب في فيلم هجرة الرسول؟! كيف فاقت حقيقة رجل الإخوان المسلمين القوي خيال مخرج الفيلم في دور أبو جهل؟! بل كيف يتحمل بعض المصريين ما لا طاقة لهم به، فقط من أجل ألا يرجع هؤلاء؟!

وفي سياق متصل، وفي أرجاء ميريت أيضاً، قال لي الموك (اسم تدليل صديقنا أحمد أبو المكارم) إنه يتمنى فوز شخص يليق بالرئاسة، "رئيس فـِخـِم" على حد تعبيره. والحمد لله لم يصل أبو لهب المسلم لرئاسة الجمهورية، ولا حتى "الفـِخـِم".

(مصر)
المساهمون