سياسيون دانماركيون نادمون على دعم إسرائيل: الخطيئة الكبرى

08 يوليو 2014
من آثار العدوان على غزّة (تصوير: محمد رمضان)
+ الخط -

تتصاعد اللهجة المناهضة لإسرائيل في الشمال الأوروبي، وتحديداً في الدول الإسكندنافية. لم يعد أصدقاء إسرائيل كما كانوا. وحشية الاحتلال وعنصريته، والإدراك الشعبي والرسمي لمعاناة الشعب الفلسطيني، حررت هؤلاء مما رسب في "ثقافة الذنب". وزير الصحة الدانماركي السابق، توربن لوند، من الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" الحاكم، كان أحد هؤلاء الأصدقاء، قبل أن تصبح قناعته: إنشاء دولة إسرائيل، وتشريد الشعب الفلسطيني، كانا الخطيئة السياسية والأمنية الكبرى منذ الحرب العالمية الثانية. أما عضوة البرلمان الدانماركي، والأوروبي سابقاً، غيتا سيبريغ، فتعتبر أن مقاطعة بضائع المستوطنين خطوة أوروبية في الاتجاه الصحيح.

في مقال نشرته صحيفة "بوليتيكن"، بتاريخ 4 يوليو/تموز المنصرم، يقول وزير الصحة الدانماركي السابق إن "إسرائيل أصبحت نظام فصل عنصري لسنوات خلت. كنت واحداً من أصدقاء إسرائيل، لكنني اليوم لست كذلك. وحشية الدولة العبرية كقوة احتلال، والقمع المنهجي للمدنيين الفلسطينيين غيـّرا رؤيتي تماماً. قنابل المذابح قتلت وجرحت آلاف الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين، والسجون الإسرائيلية تكتظ بالمعتقلين السياسيين".

ويضيف لوند في مقاله: "يبدو أن هناك معايير خاصة تماماً لانتهاكات إسرائيل للقانون الدولي وحقوق الإنسان وارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية". ويؤكّد أنّه "قد تم بناء نظام فصل عنصري مريض. نقاط تفتيش تمنع الفلسطينيين من التحرك بحرية والتواصل مع العالم المحيط، ويتم التحكم بتجارتهم وحدودهم. البيوت الفلسطينية يتم هدمها لإفساح المجال للعائلات اليهودية، جدار مرتفع يمنع الفلسطينيين من الاقتراب من أرضهم ورزقهم، والموارد المائية الحيوية تسرق من الفلسطينيين وتحفظ للمستوطنين اليهود، بساتين الزيتون تدمر، وأنشئت بنية تحتية هي فقط لليهود وأصدقائهم." ويقول إن "المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية هي اليوم موطن لنصف مليون يهودي. إنها استراتيجية مخطط لها ومكشوفة".

ويشير إلى أن "السلطة اليهودية لم ترغب إطلاقاً في أن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة، هذا أمر بالتأكيد كان واضحاً للأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والحكومة الدانماركية. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال هؤلاء يؤمنون بالسعي الوهمي والمزيف إلى الرغبة الإسرائيلية في التفاوض".

ويعتبر لوند أن "القتل الوحشي لثلاثة شبان مستوطنين وضع الأمور على حد النصل، وبدل الشروع في البحث الجنائي، من خلال تحقيقات الشرطة للقبض على الجناة وتقديمهم إلى المحاكمة، راحت الدولة اليهودية تمارس عقاباً جماعياً بحق الفلسطينيين. إنهم يتحدثون عن تنظيف الإسطبلات، وهذه لا تختلف ابداً عن الرؤية الصهيونية للشعب الفلسطيني كمجموعة يجب أن تطهر، هذا يثير أيضاً ذكريات غير سارة".

ويخلص إلى أنّ "إنشاء دولة إسرائيل وتشريد الشعب الفلسطيني أظهرا، منذ زمن بعيد، تلك الخطيئة السياسية والأمنية الكبرى منذ الحرب العالمية الثانية. نعم لا يمكن التراجع الآن عن الأمر. لكن يتعين على المجتمع الدولي أن يؤمن نهاية للاستيطان الصهيوني بشكل إجباري، يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية حرة وسيدة على حدود عام 1967".

من أجل دعم المقاطعة الأوروبية

أما سيبريغ فتتساءل، بدورها، "كيف لا يزال يطلق على إسرائيل بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط؟". وتقول إنّ "الدانمارك حققت تحولاً في سياستها الخارجية، تحولاً يبدو بالطبع بطيئاً وقد أخذ وقتاً طويلاً. لكن، الآن وضعت مواقفنا في المربع الفرنسي والبريطاني والألماني والإيطالي نفسه". وتضيف أن "التوصيات هي أن تتوقف الشركات عن التعاون مع الشركات العاملة في الضفة الغربية. من المهم بمكان ألا نتعاون مع الشركات، التي تجني الأرباح من القمع والاضطهاد، الذي يعيش في ظلهما الناس في الضفة الغربية". وتؤكّد أنّها "إشارة جيدة إلى إسرائيل، بأن أكثرية الدول في الاتحاد الأوروبي تدين وترفض سياسة الاستيطان".

وتشرح سيبريغ كيف تغيرت مواقفها من الاحتلال، وتقول: "لسنوات عديدة كنت أقف بعناد وقوة، وفي السراء والضراء مع إسرائيل، في سنوات صراعها مع الفلسطينيين، وكشابة ذهبت إلى (الكيبوتس)، ولديّ العديد من الأصدقاء الإسرائيليين. في كل تلك السنوات، كانت ما تقوم به إسرائيل بالنسبة إليّ مبرر وشرعي وضروري". غير أنها تضيف: "لكن مواقفي بدأت بالتعارض حينما تسنى لي، بنفسي، معرفة حقيقة ما يجري، ففي عام 2002 سافرتُ مع لجنة الشؤون الخارجية إلى فلسطين وإسرائيل، وتغير موقفي إلى الأبد بعد تلك الرحلة. لاحقاً، وبعد أن أصبحتُ عضواً في البرلمان الأوروبي، كنتُ أيضاً في جولة استطلاع في الضفة الغربية".

وتتابع سرد شهادتها: "عندما يتجول الإنسان مرة واحدة في غزة والضفة يكتشف الإذلال الذي يعيشه الناس، وحينها أعتقد أنه من المستحيل الإبقاء على الوهم القائل إننا يجب أن ندعم إسرائيل، التي يزعم بأنها الديمقراطية الوحيدة في ذلك الجزء من العالم".

وتقول سيبريغ: "أجد صعوبة في رؤية الديمقراطية تلك، في ظل واقع يعيش فيه شعب تحت ظروف مقيدة وبائسة. الديمقراطية لا تطبق سوى على الإسرائيليين، وليس على الفلسطينيين. متوسط دخل الإسرائيليين يفوق مرات ومرات متوسط دخل الفلسطينيين، هذا إلى جانب أن حياة الفلسطينيين مشروطة بالخضوع للقوانين والعقوبات العسكرية الإسرائيلية، التي تمنح الجيش سلطات واسعة وحرة".

وتشير إلى أنّه "بينما كان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، يجول في الشرق الأوسط متحدثاً عن سلام دائم بين إسرائيل وفلسطين، كان يجري إعطاء موافقات تِلـْوَ موافقات لبناء وتوسعة المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية".

 

 

المساهمون