01 نوفمبر 2024
سياسات إيران إلى الواجهة
مع انعقاد القمة الأميركية - العربية - الإسلامية خلال الساعات المقبلة في الرياض، تبرز مواجهة السياسة الإيرانية في المنطقة كإحدى النقاط الأساسية على جدول الأعمال، وخصوصاً بالنسبة إلى الدول العربية التي عانت الأمرّين خلال السنوات الماضية من التمدّد الإيراني في المنطقة، في ظل غض طرفٍ من الإدارة الأميركية السابقة في عهد الرئيس باراك أوباما، والذي كان يعوّل على إبرام اتفاق نووي مع طهران، بغض النظر عن نتائجه على دول المنطقة. وهي نتائج بدأت تظهر، منذ الأيام الأولى للحديث عن اختراقات على صعيد المفاوضات، على الرغم من الإصرار الأميركي، في ذلك الحين، على نفي أي ارتباطٍ بين المفاوضات وسائر الملفات في المنطقة.
لكن، مع ذلك، كان الربط حاضراً بقوة، وخصوصاً في اليمن، والذي شهد انقلاباً عسكرياً صريحاً على الحكومة الشرعية، برعاية إيرانية، ممثلةً بالحوثيين الذين تحولوا، خلال سنوات قليلة، إلى جيش مدرب ومسلح تسليحاً ثقيلاً. جيش قادر على احتلال مساحات واسعة من الأراضي اليمنية من دون أن يلاقي أي مقاومة تذكر، وذلك بفضل التدريب الإيراني المكثف الذي خضع له أفراد هذا التنظيم الذين كانوا يحجّون بالمئات إلى طهران، حيث كانت تنظم الدورات العسكرية لتخريج الكوادر المقاتلة، والتي كان مطلوباً منها نقل خبراتها إلى الداخل اليمني. خلال سنوات قليلة، نجحت طهران في هذا المجال، وخلقت قوة عسكرية موالية بالكامل لها في الداخل اليمني، والذي لم يكن، في السابق، ضمن حسابات التمدّد الإيراني المقتصر في فترة من الفترات على العراق ولبنان.
غير أن غضّ الطرف الأميركي، والبراغماتية التي كانت تتعاطى فيها الإدارة الأميركية السابقة مع السياسة الإيرانية، سمحا لطهران بمزيدٍ من التوغل في دول المنطقة، وإحكام القبضة على العراق بشكل شبه كامل عبر مليشيات الحشد الشعبي التي أصبحت تضاهي الجيش العراقي قوة وعدة وعديداً، وهو ما أصبح مثار امتعاضٍ حتى من السياسيين المحسوبين على إيران في العراق، وخصوصاً مع دخول "الحشد" طرفاً في تحديد سياسات البلاد وتحكّمها بجغرافية بسط الدولة لسيادتها.
سورية أيضاً باتت ساحة للتمدّد الإيراني، بعدما دخلت طهران والمليشيات الموالية لها بقوة في مواجهة الثورة، ومارست صنوفاً عدة من التنكيل بالمعارضين، وساهمت في عمليات التطهير الديمغرافي الذي تشهده سورية، سواء عبر الاجتياحات العسكرية أو اتفاقات التهجير. لم يعد الدخول الإيراني في سورية مجرد مساعدة الحليف بشار الأسد، إذ باتت طهران، مع موسكو، صاحبة الكلمة النهائية في تحديد السياسة السورية، وما ترضى به دمشق وما ترفضه، بعدما بات بشار الأسد مجرد هيكل لحكم بلا قرار.
كل ما سبق، ويضاف إليه الدور الإيراني القديم المتعاظم في لبنان عبر حزب الله المتحكّم بمفاصل السياسة اللبنانية وقرارات الدولة، أدى إلى ما هو أخطر على المديين، القريب والبعيد. فإذا كان النفوذ الإيراني، العسكري أو السياسي، غير دائم، فإن النعرات الطائفية التي أسس لها، وأخرجها حتى من حدودها الجغرافية الضيقة، لن تكون عملية إزالتها سهلةً على الإطلاق. فاللافت أن هذه النعرات ما عادت حكراً على المناطق التي تشهد على النفوذ الإيراني، بل تمدّدت إلى مساحات أوسع بكثير، وصلت حتى المغرب العربي الذي لم يكن في السابق معنياً بمثل هذه الخلافات، حتى أنها انتشرت في المهجر العربي والإسلامي الذي بات يشهد خلافات على خلفيات طائفية.
هذا المسار من السياسات الإيرانية على مدى العقد الأخير فقط أدى إلى تحولاتٍ كثيرة في المنطقة، والتي لن يكون الحد من آثارها سهلاً في المدى المنظور.
لكن، مع ذلك، كان الربط حاضراً بقوة، وخصوصاً في اليمن، والذي شهد انقلاباً عسكرياً صريحاً على الحكومة الشرعية، برعاية إيرانية، ممثلةً بالحوثيين الذين تحولوا، خلال سنوات قليلة، إلى جيش مدرب ومسلح تسليحاً ثقيلاً. جيش قادر على احتلال مساحات واسعة من الأراضي اليمنية من دون أن يلاقي أي مقاومة تذكر، وذلك بفضل التدريب الإيراني المكثف الذي خضع له أفراد هذا التنظيم الذين كانوا يحجّون بالمئات إلى طهران، حيث كانت تنظم الدورات العسكرية لتخريج الكوادر المقاتلة، والتي كان مطلوباً منها نقل خبراتها إلى الداخل اليمني. خلال سنوات قليلة، نجحت طهران في هذا المجال، وخلقت قوة عسكرية موالية بالكامل لها في الداخل اليمني، والذي لم يكن، في السابق، ضمن حسابات التمدّد الإيراني المقتصر في فترة من الفترات على العراق ولبنان.
غير أن غضّ الطرف الأميركي، والبراغماتية التي كانت تتعاطى فيها الإدارة الأميركية السابقة مع السياسة الإيرانية، سمحا لطهران بمزيدٍ من التوغل في دول المنطقة، وإحكام القبضة على العراق بشكل شبه كامل عبر مليشيات الحشد الشعبي التي أصبحت تضاهي الجيش العراقي قوة وعدة وعديداً، وهو ما أصبح مثار امتعاضٍ حتى من السياسيين المحسوبين على إيران في العراق، وخصوصاً مع دخول "الحشد" طرفاً في تحديد سياسات البلاد وتحكّمها بجغرافية بسط الدولة لسيادتها.
سورية أيضاً باتت ساحة للتمدّد الإيراني، بعدما دخلت طهران والمليشيات الموالية لها بقوة في مواجهة الثورة، ومارست صنوفاً عدة من التنكيل بالمعارضين، وساهمت في عمليات التطهير الديمغرافي الذي تشهده سورية، سواء عبر الاجتياحات العسكرية أو اتفاقات التهجير. لم يعد الدخول الإيراني في سورية مجرد مساعدة الحليف بشار الأسد، إذ باتت طهران، مع موسكو، صاحبة الكلمة النهائية في تحديد السياسة السورية، وما ترضى به دمشق وما ترفضه، بعدما بات بشار الأسد مجرد هيكل لحكم بلا قرار.
كل ما سبق، ويضاف إليه الدور الإيراني القديم المتعاظم في لبنان عبر حزب الله المتحكّم بمفاصل السياسة اللبنانية وقرارات الدولة، أدى إلى ما هو أخطر على المديين، القريب والبعيد. فإذا كان النفوذ الإيراني، العسكري أو السياسي، غير دائم، فإن النعرات الطائفية التي أسس لها، وأخرجها حتى من حدودها الجغرافية الضيقة، لن تكون عملية إزالتها سهلةً على الإطلاق. فاللافت أن هذه النعرات ما عادت حكراً على المناطق التي تشهد على النفوذ الإيراني، بل تمدّدت إلى مساحات أوسع بكثير، وصلت حتى المغرب العربي الذي لم يكن في السابق معنياً بمثل هذه الخلافات، حتى أنها انتشرت في المهجر العربي والإسلامي الذي بات يشهد خلافات على خلفيات طائفية.
هذا المسار من السياسات الإيرانية على مدى العقد الأخير فقط أدى إلى تحولاتٍ كثيرة في المنطقة، والتي لن يكون الحد من آثارها سهلاً في المدى المنظور.