وددتُ عندما اشتريتها أن أحملها وأهدهدها على يديّ. كانت قد تأخّرت لتصل، وطال انتظارها. بحثت عن مواصفاتها كثيراً. بحثت عنها في الشوارع، وفي الصحف، وفي المواقع الإلكترونية. لفّيت البلاد بالطول وبالعرض. سألت عنها كثيرين. بحثت بجدّية.
لكن "النصيب" كان أقرب مما ظننت. في هذا حكمة لا أعرفها. عندما رأيت صورتها للمرّة الأولى، أسرتني. تسارعت ضربات قلبي. رفعت السماعة واتصلت. قال الرجل إنها في المعرض الفلاني. كان المعرض يبعد عن المنزل مسافة شارعين. صحيح أن عمرها عشر سنوات، إلا أنني أحببتها. فأنا "دقّة قديمة".
عندما اتفقت مع البائع على ثمنها ودفعت قسطاً على الحساب، شعرت بأن شيئاً ما قد ولِدَ لي في هذه اللحظة. ولأنني أحبها كثيراً فتّشت عن مكان آمن يحميها. الناس تسمّيه موقف سيارة وأنا أسمّيه بيتاً لها.
في الليلة الأولى لم أنم إلا قليلاً. فكرت فيها كثيراً. ترى، هل تنام هانئة؟ هل شربت ما يكفي من الوقود؟ هل عاملها العامل في المحطة برقّة؟ هل كان عليّ أن أغطيها حين نامت كي لا تبرد؟
وهكذا مضت الأيام بيننا، حبيبين، أدللها وتدللني. لكن، في بيروت، ممنوع على قصص الحب أن تنتهي بأن يعيش الحبيبان سعيدين إلى الأبد. لم يطل الوقت قبل أن تتحول عزيزتي الصغيرة إلى نقمة. بدلاً من أن تحمل همّ إيصالي، صرت أحمل همّ إيصالها. وفي مدينة مساحاتها الخالية المخصصة لوقوف السيارات من المعجزات التي لا تتحقق، صرت حيثما ذهبت لا أجد متسعاً لها لتنتظرني. وصرت أتأخّر عن مواعيدي بسببها، وبسببها صرت أحرق أعصابي. ولم أعد أحبها.
وصارت تأخذني الذاكرة إلى زمن لم تكن قد دخلت فيه إلى حياتي. تذكرت سائقي الأجرة، أصدقاء يومياتي الدائمين، وقصصهم التي لا تنتهي. انتبهت إلى أنهم على فظاظة وغرابة الكثيرين منهم كانوا يوفّرون عليّ عذاباً مخفياً. أحتاج فقط إلى فتح باب السيارة والنزول فأصير حراً من كل ارتباط. أما الآن فأصل إلى وجهتي ولا أصل. أدور وأدور وأدور بحثاً عن موقف.. وأصير أشتم الكوكب وما عليه. وإذا وجدت مرآب سيارات تعاطى معي موظفوه بفوقيّة. يعبسون وأنا مضطر إلى التودد إليهم، وهذا لا من طباعي ولا شيمي.
عامل المرآب نفسه، حيث أركنها قرب البيت، يلزمني بمساحة يحتاج الوصول إليها، لضيقها، إلى براعة لاعب سيرك يمشي على الحبال المعلّقة. بهلوانيات ارتضيتها على مضض. فمعظم شوارع المدينة تحتلّها خوازيق ودعّامات رجال السياسة والعسكر والدين. والخوازيق في بلادنا ممنوع المساس بها.
ربما في وقت قريب تصل قصة حبي إلى خواتيهما الحزينة.. أبيع حبيبتي وأشتري دراجة هوائية. أتخلّص من الهمّ والوزن الزائدين معاً. تعالوا نفكّر في الموضوع.
لكن "النصيب" كان أقرب مما ظننت. في هذا حكمة لا أعرفها. عندما رأيت صورتها للمرّة الأولى، أسرتني. تسارعت ضربات قلبي. رفعت السماعة واتصلت. قال الرجل إنها في المعرض الفلاني. كان المعرض يبعد عن المنزل مسافة شارعين. صحيح أن عمرها عشر سنوات، إلا أنني أحببتها. فأنا "دقّة قديمة".
عندما اتفقت مع البائع على ثمنها ودفعت قسطاً على الحساب، شعرت بأن شيئاً ما قد ولِدَ لي في هذه اللحظة. ولأنني أحبها كثيراً فتّشت عن مكان آمن يحميها. الناس تسمّيه موقف سيارة وأنا أسمّيه بيتاً لها.
في الليلة الأولى لم أنم إلا قليلاً. فكرت فيها كثيراً. ترى، هل تنام هانئة؟ هل شربت ما يكفي من الوقود؟ هل عاملها العامل في المحطة برقّة؟ هل كان عليّ أن أغطيها حين نامت كي لا تبرد؟
وهكذا مضت الأيام بيننا، حبيبين، أدللها وتدللني. لكن، في بيروت، ممنوع على قصص الحب أن تنتهي بأن يعيش الحبيبان سعيدين إلى الأبد. لم يطل الوقت قبل أن تتحول عزيزتي الصغيرة إلى نقمة. بدلاً من أن تحمل همّ إيصالي، صرت أحمل همّ إيصالها. وفي مدينة مساحاتها الخالية المخصصة لوقوف السيارات من المعجزات التي لا تتحقق، صرت حيثما ذهبت لا أجد متسعاً لها لتنتظرني. وصرت أتأخّر عن مواعيدي بسببها، وبسببها صرت أحرق أعصابي. ولم أعد أحبها.
وصارت تأخذني الذاكرة إلى زمن لم تكن قد دخلت فيه إلى حياتي. تذكرت سائقي الأجرة، أصدقاء يومياتي الدائمين، وقصصهم التي لا تنتهي. انتبهت إلى أنهم على فظاظة وغرابة الكثيرين منهم كانوا يوفّرون عليّ عذاباً مخفياً. أحتاج فقط إلى فتح باب السيارة والنزول فأصير حراً من كل ارتباط. أما الآن فأصل إلى وجهتي ولا أصل. أدور وأدور وأدور بحثاً عن موقف.. وأصير أشتم الكوكب وما عليه. وإذا وجدت مرآب سيارات تعاطى معي موظفوه بفوقيّة. يعبسون وأنا مضطر إلى التودد إليهم، وهذا لا من طباعي ولا شيمي.
عامل المرآب نفسه، حيث أركنها قرب البيت، يلزمني بمساحة يحتاج الوصول إليها، لضيقها، إلى براعة لاعب سيرك يمشي على الحبال المعلّقة. بهلوانيات ارتضيتها على مضض. فمعظم شوارع المدينة تحتلّها خوازيق ودعّامات رجال السياسة والعسكر والدين. والخوازيق في بلادنا ممنوع المساس بها.
ربما في وقت قريب تصل قصة حبي إلى خواتيهما الحزينة.. أبيع حبيبتي وأشتري دراجة هوائية. أتخلّص من الهمّ والوزن الزائدين معاً. تعالوا نفكّر في الموضوع.