سويسرا في المونديال: منتخب الدول المفككة والتنوع الثقافي

27 يونيو 2018
تنوع ثقافي كبير في تشكيلة سويسرا (العربي الجديد، Getty)
+ الخط -
احتفل اللاعبان شكردان شاكيري وغرانيت تشاكا من أصول ألبانية (كوسوفو) عبر استعمال حركة "النسر" الشهيرة وذلك في المواجهة التي تفوقت فيها سويسرا على صربيا (2 – 1). وسرعان ما تحول الأمر إلى قضية سياسية في مونديال 2018، نظراً للمشاكل الكثيرة التي وقعت في الماضي بين ألبانيا وصربيا، وهو الأمر الذي فتح الباب على التنوع والتداخل الثقافي في المنتخب السويسري الذي يضم لاعبين من عدة دول وقع فيها تنازع سياسي كبير.

كوسوفو والصراع
بعد تشتت جمهورية يوغوسلافيا السابقة الى جمهوريات متناحرة، برزت رغبة إقليم كوسوفو في الاستقلال عن يوغوسلافيا، خصوصاً أنه لم ينل استقلاله مع استقلال بلدان ككرواتيا والبوسنة والهرسك وسلوفينيا ومونتينيغرو.

وظلّ الإقليم خاضعاً للسيطرة الصربية، إلى أن حدثت المناوشات العسكرية، أواخر التسعينات، التي أدت إلى تدخل أممي ووقف التدخل الصربي في إقليم كوسوفو. وتم تكريس الوضع في الإقليم إلى أن أعلن استقلاله من جهة واحدة، فاعترفت به عدة دول، لكن صربيا رفضت الاعتراف باستقلاله.

وبسبب هذا الصراع الذي ما زال قائماً حتى اليوم، وُلد الكثير من اللاعبين في كوسوفو وأصبحوا متعصبين ضد صربيا، والبعض منهم أمسى اليوم يلعب لمنتخب سويسرا ويملكون جنسية مزدوجة، ولعل ما فعله شاكيري وتشاكا في مباراة سويسرا وصربيا يؤكد مشاركة هذين اللاعبين في الأزمة السياسية الواقعة بين ألبانيا صربيا وكوسوفو.

سويسرا التنوع الثقافي
وُلد شاكيري في كوسوفو التي نالت استقلالها في عام 2008، وما زالت صربيا حتى اليوم لم تعترف بهذا الاستقلال، فيما أصول والدي غرانيت تشاكا من كوسوفو أيضاً وهما مهاجران من ألبانيا، كما أن والد تشاكا سُجن على أيام يوغوسلافيا بسبب مشاركته في مطالبات استقلال كوسوفو.

ولا يقتصر الأمر على شكردان شاكيري وغرانيت تشاكا فقط، فهناك بلريم دزيمايلي من أصول ألبانية ومقدونية ويلعب مع سويسرا، فالون بهرامي (ألباني كوسوفي)، هاريس سيفيروفيتش (بوسني)، أدمير محمدي (ألباني)، ماريو غافرانوفيتش (كرواتي بوسني)، جوزيب دراميتش (كرواتي). كما أن شقيق غرانيت تشاكا (تولانت تشاكا) فهو من أصول ألبانية صربية ويلعب مع المنتخب الألباني.

لذلك فإن تواجد الكثير من اللاعبين من أصول ألبانية في المنتخب السويسري هو دليل على التنوع الكبير داخل المنتخب الواحد، وهو الأمر الذي يخلق جوا سياسيا متوترا بين أبناء ألبانيا المولودين في كوسوفو والذين يعادون صربيا بسبب صراعها مع كوسوفو، وهو الأمر الذي يُفسر سبب احتفال تشاكا وشاكيري في المباراة أمام صربيا في المونديال؟

السياسة وفيفا
بالطبع يُحظر الاتحاد الدولي لكرة القدم إقحام السياسة في كرة القدم مهما كلف الأمر، وهو صارم في هذه القضايا ويُعاقب المخالفين ويُنزل عقوبات قاسية بحقهم.

وما فعله شاكيري وتشاكا أصبح عُرضة للتحقيق اليوم من "فيفا"، وذلك بسبب استخدام اليدين لإيصال رسالة سياسية مُعينة في بطولة كأس العالم. ويمنع الاتحاد الدولي لكرة القدم استخدام اللاعبين لأرض الملعب من أجل إيصال رسائل سياسية أو توجيه رسائل سياسية مبطنة عبر ارتداء قميص مُعين أو حذاء يُظهر الانتماء السياسي المُباشر على العلن.

وهذا الأمر ينصُ عليه قانون مونديال 2018 أيضاً في الكُتيب الذي يُسلم لكل المنتخبات المشاركة في البطولة العالمية قبل انطلاق المنافسات. ورغم خرق شاكيري وتشاكا للقانون إلا أن "فيفا" وبعد فتحه التحقيق لم يُنزل أي عقوبة إدارية بحق اللاعبين، واكتفى بتغريمهما حوالي 10 آلاف فرنك سويسري (7 آلاف يورو)، ووجه لهما إنذارا خطيا يحذرهما من تكرار هذه الاحتفالات في المباريات القادمة.

في المقابل لم يرضَ الاتحاد الصربي لكرة القدم بهذه العقوبات وقد يلجأ بعد نهاية بطولة كأس العالم للمحكمة الرياضية ويُقدم شكوى رسمية للاتحاد الدولي لكرة القدم بسبب تساهله مع اللاعبين اللذين لم يحترما القانون واستفزا الجماهير الصربية عبر استعمال شعار النسر التابع لألبانيا وإقحام السياسة في أرض الملعب. فهل ينجح الاتحاد الصربي في الطعن وإيقاف اللاعبين في المباريات القادمة وتحديداً بعد نهاية كأس العالم، لأن "فيفا" أصدر قراره النهائي ولن يوقف أي لاعب في المونديال؟
المساهمون