سوق الاتصال في المغرب... ثروة اقتصاديّة

07 يناير 2015
نمو قوي لقطاع الاتصالات المغربي (راكيل ماريا كاربونيل/Getty)
+ الخط -
قامت حكومة "التناوب التوافقي"، أواخر تسعينيات القرن الماضي، بخصخصة مجموعة من القطاعات في المغرب، منها قطاع الاتصالات. الأخير ظل لمدة طويلة محتكراً من طرف شركة "اتصالات المغرب"، التي كانت مملوكة للدولة، قبل أن تبيع حصة من أسهمها إلى شركة "فيفندي" التي حصلت في البدء على 35% من أسهم الشركة. وشكل بيع حصة "اتصالات المغرب" قفزة نوعية من حيث الخدمات والأرباح، بالنسبة للشركة ذاتها، وكذلك بالنسبة للفاعلين الجدد في القطاع. وقفزت الأرباح من 150 مليون يورو خلال سنة 1999، إلى 3 مليارات يورو في سنة 2013.
تحرير القطاع 
وبعد تحرير القطاع أمام الفاعلين في القطاع الخاص، ولجت السوق المغربية للاتصالات كل من شركة "ميديتل"، وشركة "إنوي" (كانت تحمل اسم "وانا" خلال تأسيسها). وساهمت الشركتان في خلق مناخ منافسة قوي، استفاد منه المواطنون المقبلون على مختلف خدمات الاتصالات والربط بشبكة الإنترنت، حيث إن الخدمات تطورت بشكل كبير، وانخفضت أسعار المكالمات. ودفعت هذه المعطيات مجموعة البحوث البريطانية "أوكسفورد بيزنس"، إلى القول بأن "المغرب يعرف طفرة نوعية في مجال الاتصالات، جعلته اليوم فاعلاً مهماً في أسواقه". وأوردت المجموعة نفسها، في دراسة لها، أن السوق شهدت خلال الفترة الممتدة ما بين سنة 2013 وسنة 2014 نسبة نمو بلغت 3.1%، وتوقعت أن تتجاوز نسبة نموه هذا الرقم خلال السنة الحالية.
ويبلغ عدد المشتركين في شركات الاتصالات المغربية الثلاث، حسب الأرقام المعلنة من طرفها، ما مجموعه 43,42 مليون منخرط، أي ما يزيد عن عدد سكان المغرب، حيث تستحوذ شركة "اتصالات المغرب" على 18,31 مليون مشترك، وشركة "ميديتل" على 12,9 مليوناً، وشركة "إنوي" على 12,21 مليون منخرط.
وحسب آخر الأرقام المعلنة من طرف "الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات"، خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول من سنة 2014، فإن أرباح قطاع الاتصالات المغربي تضاعفت خلال الـ15 سنة الماضية بنسبة 400%. وساهم القطاع كذلك في خلق 14 ألف فرصة عمل بشكل مباشر.
وأكدت الوكالة أن سعر المكالمات انخفض بشكل كبير بفضل المنافسة، حيث إن سعر الدقيقة الواحدة تراجع بشكل كبير جداً خلال السنوات الماضية.
ويرى الخبير الاقتصادي المغربي، عبد الحق التوهامي، في تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن خصخصة قطاع الاتصالات في المغرب ليست الفاعل الرئيسي في تطوره، بل كانت محفّزاً إضافياُ لتحريك القطاع نحو الأفضل. ويبرر ذلك بالقول: "ليس كل ما تملكه الدولة لا ينمو. المغرب كان مستعداً لتطوير القطاع، ودخول الفاعلين من القطاع الخاص، عجّل بالتحوّل في القطاع ليصبح على ما هو عليه اليوم".
ويربط الخبير التوهامي الانتعاش القوي لقطاع الاتصالات في المغرب، بالسلوك الفردي للمغاربة، الذين أصبحوا يرون في تقنيات الاتصال المختلفة بوابة للتواصل وتنفيذ الأعمال والولوج إلى المعلومة، حيث إن المجال، حسب المتحدث إياه، تمت "دمقرطته"، بحيث إن مجموعة من الخدمات لم تعد حكراً على المؤسسات والمقاولات فقط.
ويشير الخبير التوهامي إلى أن قطاع الاتصالات في المغرب، وعبر فاعليه الثلاث، أضحى يقدم خدمات متميّزة وبأسعار أقل ممّا هو متوفر في مجموعة من الدول المتقدمة. ويضيف أن هذه الخدمات وصلت إلى حد توفير تبادل الأموال بين الأفراد والأداء، كذلك عبر الهاتف النقال وبتسعيرة جد منخفضة مقارنة مع شركات تحويل الأموال.
ويتوقع الخبير ذاته أن تستمر نسب نمو قطاع الاتصالات في المغرب، لكن بشكل أقل مقارنة مع العشرية الماضية، والسبب، حسب وجهة نظره، توفير شركات الهواتف الذكية لتطبيقات تجمع خدمات متنوعة، يكفي أن يكون زبونها مرتبطاً بشبكة الإنترنت لكي يجري مكالمة مجانية ويرسل آلاف الرسائل النصية القصيرة، ما سيؤثر على أرباح الشركات مستقبلاً، خاصة في مجال الهاتف النقال.
ويوضح صاحب أحد فروع شركة اتصالات في المغرب، رشيد الوافي، أن إقبال المغاربة على مختلف خدمات الهاتف النقال والإنترنت إضافة الى الهاتف الثابت ارتفع بشكل مهم خلال السنوات الأخيرة. ويكشف لـ"العربي الجديد"، أنه يبيع في اليوم الواحد ما يقارب 20 ألف درهم (2223 دولاراً) من بطاقات تعبئة شرائح الهاتف. وقد يتضاعف هذا الرقم خلال المناسبات والأعياد إلى أكثر من ثلاثة أضعاف الأيام العادية، وذلك بحكم العروض التي تطرحها الشركة التي يعرض خدماتها.
ويضيف المتحدث ذاته أن الأسبوع الواحد يعرف إقبال أكثر من 20 زبوناً جديداً على وكالته، وتتنوع الخدمات ما بين خط جديد مسبق الدفع أو خدمة الربط المباشر (الاشتراك الشهري)، وكذا خدمات الإنترنت.
ويبرز أن طلب خدمة الاشتراك شهد إقبالاً قوياً من طرف المغاربة، نظراً للعروض القوية المطروحة، حيث إن المشترك يستفيد من 8 ساعات من المكالمات في الشهر بسعر يقل عن 100 درهم (حوالي 11 دولاراً)، مع إمكانية الاتصال مجاناً برقم أو اثنين، بالإضافة إلى ربط هاتفه بشبكة الإنترنت عبر خدمة الجيل الثالث.
المساهمون