حرمت الحرب الدائرة في سورية منذ ثلاث سنوات المواطن السوري من خدمات كثيرة، من ماء وكهرباء ومحروقات واتصالات. وانقطاع الاتصالات جعل السوريّين معزولين عن العالم الخارجي، في عصر وصِف بأنه "عصر الاتصالات". لذا، يتحايل السوريّون على ما يفتقدونه من خدمات يوميّة، بأساليب قد تكون بدائيّة حيناً أو حديثة مبتكرة في أحيان أخرى.
واليوم يسجّل غياب خدمة الاتصالات الثابتة والخلوية عن معظم المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة. وقد سجّل في بعض المراكز انقطاع في الشبكة منذ نحو عامَين، واقتصر العمل فيها على الاتصالات في داخل المدينة.
ويقول محمد العيدو وهو موظف في أحد مراكز البريد في حلب إن "العمل في بعض المراكز يقتصر الآن على الاتصالات الداخليّة فقط، وذلك بسبب قيام النظام بفصل الكابلات الضوئيّة التي تؤمّن الاتصالات الخارجيّة والخلويّة للمراكز الواقعة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة".
يضيف العيدو لـ"العربي الجديد" أنه "ومنذ بداية الثورة نهج النظام سياسة حرمان المناطق التي تشهد حراكاً منهاضاً له من الاتصالات، وذلك في تصرّف عقابيّ لأهالي هذه المناطق".
ونتيجة ذلك، وجد بعض الأهالي في الأجهزة اللاسلكيّة العسكريّة المنتشرة في الأسواق وسيلة لهم لتأمين الاتصالات في ما بينهم، خصوصاً بعدما شاع استخدامها لأغراض عسكريّة، ما جعلها متوفّرة وبأسعار يصفها البعض بـ"المناسبة". ويبدأ سعر الجهازَين من مئة دولار أميركي.
عبد العزيز نجار هو صاحب أحد المحال التجاريّة التي تبيع هذه الأجهزة، فيصف إقبال المدنيّين عليها بـ"الكثيف". يضيف لـ"العربي الجديد" أن "بعض الأهالي يشترونها لاضطرارهم إلى إجراء الاتصالات، وخصوصاً أصحاب المشاريع الزراعيّة والتجاريّة. فهذه الأجهزة اللاسلكيّة توفّر إمكانيّة الربط بين عدد غير محدود منها، وذلك عن طريق تردّد رقمي مشترك يتمّ إدخاله إليها". ويبدو أن السوق التركيّة المجاورة تسهّل توفير هذه الأجهزة اللاسلكيّة للداخل السوري.
لكن عبد الرحمن وهو أحد مستخدمي هذه الأجهزة، يعيب عدم خصوصيتها وسهولة اختراقها، إلا أنه يؤكّد على نفعها مع غياب الاتصالات الخلويّة.
تجدر الإشارة إلى أن النظام يسيطر كلياً على الاتصالات في مدينة حلب، إذ ترتبط جميع مراكز البريد المنتشرة في أنحاء المدينة بمركز رئيس يقع في منطقة الجميلية الخاضعة لسيطرته، ما يزيد من سطوته على هذا القطاع.
أما بالنسبة إلى الاتصالات الخلويّة، فتغطي شركتان الأراضي السوريّة كلها، وهما شركة "أم تي أن" و"سيرياتل" الخاصتان المملوكتان لابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، رامي مخلوف، الذي لا يسمح بمنح ترخيص لغيرهما من شركات الاتصالات.