سوريّون في حصار غزة

26 فبراير 2016
حياته صعبة للغاية (محمد الحجار)
+ الخط -
أثارت حلقة برنامج تلفزيوني فلسطيني حول "استقبال مليون لاجئ سوري في غزة"، الجدل في القطاع المحاصر، خصوصاً أنّ البرنامج استطلع آراء أطفال رحب معظمهم باللاجئين المفترضين. ففي المقابل، تعيش عدة عائلات سورية في غزة منذ عام 2011 في ظروف قاسية. وهو ما يؤكده الناطق باسم "التجمع السوري في غزة" وريف حميدو، الذي يشكر الأطفال لكنّه ينتقد الحكومة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية التي لم تقدم شيئاً للعائلات السورية ولم تمنحها فرص عمل أو بدل إيجار أو أيّ تقديمات أخرى.

جاءت هذه العائلات في معظمها من مخيمي اليرموك ودرعا للاجئين الفلسطينيين مع عائلات فلسطينية أخرى. في وقت لاحق، جاءت عائلات سورية الأصل من دمشق والحسكة وحلب وجبلة أيضاً، لتعيش واقعاً لا يقل قساوة في ظل الحصار.

لا يستطيع السوريون دخول الأراضي الفلسطينية. لكن استطاع البعض الوصول عبر الأنفاق، فيما تمكن آخرون من الدخول عبر معبر رفح، بعدما تعاطف معهم بعض عناصر الشرطة في الجانب المصري. تجدر الإشارة إلى أن معظم هؤلاء الذين تحدثت إليهم "العربي الجديد" رفضوا الإفصاح عن أسمائهم، خوفاً من أن يكون لكلامهم أي تأثير عليهم في المستقبل.

(أ.م) قدم من دمشق إلى غزة قبل ثلاث سنوات. اختارها بسبب عاداتها وتقاليدها التي لا تختلف كثيراً عن بلاده، علماً أنه كان قد مكث في مصر عاماً كاملاً. لم يكن الأمر سهلاً. كانت رحلته عبر النفق صعبة جداً. يقول لـ "العربي الجديد": "لا يوجد في غزة أي مقومات للحياة، حتى أنها لا تختلف عن بعض المدن السورية المحاصرة كثيراً. لكنها في الوقت نفسه، أفضل من مدن عربية أخرى. تآلفنا مع الناس، لكن يبقى هناك خطر من القصف الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، لا توجد مصادر دخل". يعاني من ظروف صعبة، وقد اضطر إلى الاستدانة لتسديد بدل إيجار بيته. من عمله، يتقاضى 8 دولارات يومياً، وهذا مبلغ لا يكفي لإطعام أسرته. في الوقت الحالي، يسعى للهجرة إلى الخارج.

من جهة أخرى، اضطرت عائلة (م.م) إلى تغيير سبعة بيوت منذ قدومها إلى غزة قبل عامين. وتعتمد على ما يصلها من أحد أقربائها في دمشق كل ثلاثة أشهر، نتيجة صعوبة تحويل الأموال إلى غزة. إذ يضطر قريبهم إلى تحويل المال إلى صديقه في لبنان، ثم إلى تركيا قبل أن تصل إلى غزة. يقول الوالد لـ "العربي الجديد": "على الرغم من أنني في الخمسين من عمري، وأعاني من مرض السكري، إلا أنني بحثت عن عمل لتأمين الطعام لأسرتي من دون أي نتيجة".

قبل أن يأتي إلى غزة، كان في تركيا. إلا أنه فضل الانتقال إلى بلد عربي. معاناته تتفاقم يوماً بعد يوم، ولا يوجد أي بوادر للتغيير، هو الذي كان قد تفاءل بعد الوحدة الوطنية. اليوم، يبحث عن أي وسيلة للسفر إلى أوروبا.

وأكثر ما يقلق السوريين هو عدم حيازتهم على أوراق رسمية، علماً أن معظم جوازات سفرهم منتهية الصلاحية، ولا يوجد أي وسيلة لتجديدها من سورية أو حتى عن طريق السفارة في القاهرة، وخصوصاً أن وجودهم في القطاع ليس قانونياً.

وإذا ما أصيبوا بأي مرض، يقصدون مستشفيات غزة التي بالكاد تتوفر فيها معدات بسيطة. والمشكلة أنهم لا يستطيعون السفر للعلاج في الخارج. وتجدر الإشارة إلى أن مواطنة سورية تبلغ من العمر 70 عاماً كانت قد توفيت نتيجة إصابتها بالسرطان، وقد عجز ابنها عن إخراجها من القطاع المحاصر. وبعد ثمانية أشهر من المحاولات، توفيت وهي تنتظر السفر عبر معبر رفح.

في السياق، يقول حميدو، إن عدد العاملين السوريين هما اثنان فقط، فيما البقية عاطلون عن العمل. ويعنى التجمع الذي يتحدث باسمه حميدو بشؤون الصحة والمساعدات، والتواصل مع المفوضية السامية التابعة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويشير إلى أن عدداً من هؤلاء السوريين كانوا قد مكثوا لبعض الوقت في مصر وتركيا. ودخل معظمهم القطاع من خلال الأنفاق.

يتابع حميدو لـ"العربي الجديد" أنّ الوضع في غزة صعب جداً خصوصاً بالنسبة للسوريين. ويشير إلى لجوء البعض إلى غزة بسبب صلات قربى تجمعهم مع غزيين، إلا أنهم دخلوا بطريقة غير شرعية، وقد انتهت صلاحية جوازات سفرهم، وباتوا عالقين في القطاع. يضيف أن الوضع الاقتصادي تحت الصفر، ففرص العمل ضئيلة جداً، والمساعدات ضعيفة. يؤكد أنه يتواصل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جنيف. وقد "أرسلنا لهم جميع التفاصيل حول العائلات السورية في غزة. ننتظر الحصول على مساعدات أو الخروج من غزة واللجوء إلى أي من البلدان الأوروبية".

اقرأ أيضاً: سوريانا في غزّة
المساهمون