تواصل العلاقات الاقتصادية بين سورية والعراق انتعاشها، وذلك بالرغم من الأزمة الأمنية والسياسية والاقتصادية في العراق، وانهيار الاقتصاد السوري وضعف القيمة الاقتصادية المجزية التي يمكن أن يمنحها أي تعاون اقتصادي مشترك بين البلدين.
لكن العراق يحاول الحصول على المنافع الممكنة من سورية، فيما بات يشكل عوناً كبيراً للنظام السوري في تجاوز العقوبات الاقتصادية التي اشتدت من حوله.
فما نوع العلاقات الاقتصادية التي تجمع بين البلدين؟
تعزيز الصادرات
كشف "اتحاد المصدرين السوري" قبل أيام عن نيته إقامة مركز سوري للصادرات في كل من بغداد وطهران في الأشهر الثلاثة المقبلة.
ولفت الاتحاد وفقاً لصحيفة "الوطن" المحلية، إلى أنه سيعمل أيضاً على إقامة عدد من المعارض التجارية المتخصصة في الجلود ونباتات الزينة والأغذية والنسيج في العاصمة العراقية بغداد.
وكانت العلاقات السياسية والاقتصادية بين سورية والعراق قد عادت إلى الحياة من جديد بعد الغزو الأميركي للعراق، وتحديداً في العام 2006 بعد انقطاع دام زهاء عشرين عاماً على خلفية التوتر والعداء المتبادل بين النظامين البعثيين.
لكن العلاقات لم تكن قد توطدت بعد، حتى شابها التوتر والعداء من جديد، وذلك بسبب موقف القيادة السورية المناهض للحكومة العراقية بعد الغزو الأميركي، والدعم غير المعلن للمقاومة العراقية.
حتى أن نوري المالكي رئيس وزراء العراق، لم يتردد حينها في اتهام النظام السوري في تصريحات علنية بتقديم الدعم لـ"الإرهابيين" وتسهيل دخولهم إلى العراق.
الثورة نقطة تحوّل
تحت ضغط العلاقات المتوترة بين دمشق وبغداد في العام 2010، انخفضت الصادرات السورية إلى العراق بمعدل 15.6 في المائة عنها في العام السابق وفق بيانات وزارة الاقتصاد السورية. لكن نقطة التحول كانت مع اندلاع الثورة السورية التي حولت حكومة نوري المالكي من أشد متهمي النظام السوري بدعم "الإرهاب"، إلى أشد المدافعين عنه.
هكذا ارتفعت الصادرات السورية إلى العراق في العام 2011، وشكلت نحو 46 في المائة من إجمالي الصادرات السورية إلى الدول العربية، ونحو 76 في المائة من إجمالي واردات العراق من الدول العربية. وذلك بالرغم من أن الصادرات السورية نحو الدول العربية شهدت خلال العام 2011 انخفاضاً بلغت نسبته نحو 26.4 في المائة بحسب التقرير الاقتصادي العربي للعام 2012.
وبحسب وزارة الاقتصاد السورية، شكلت الصادرات السورية إلى العراق في العام 2011 ما نسبته 76 في المائة من إجمالي واردات العراق من الدول العربية.
لكن التبادل التجاري بين البلدين انخفض في العام 2012 إلى ما يناهز 35 مليار ليرة سورية في مقابل نحو 45 مليار في العام 2011.
ولا يعود ذلك إلى تدهور العلاقات التي توطدت بصورة أكبر، وإنما إلى انهيار قطاعات الإنتاج في سورية بسبب تحول الاحتجاجات السلمية إلى حرب مسلحة وامتدادها على كل الأراضي السورية، ما أدى إلى انخفاض الصادرات السورية بصورة عامة.
ورغم انخفاض صادرات سورية إلى العراق، لكن قيمة الواردات ارتفعت إلى أكثر من 2.3 مليار ليرة خلال العام 2012 مقابل 1.7 مليار ليرة في العام السابق.
تجارة سرية ناشطة
في شهر تموز/يوليو من العام 2011، أقام البلدان منطقتين للتجارة الحرة العراقية -السورية. وتقع المنطقة الأولى على مقربة من مجرى نهر الفرات، فيما تقع الثانية في أقصى الشمال على الحدود، وتصل بين بلدة ربيعة في محافظة الموصل العراقية واليعربية في محافظة الحسكة السورية.
في مطلع العام 2012، عندما كانت الحكومة السورية تمني نفسها بنهاية قريبة للاحتجاجات، عملت على ربط المرافئ السورية بالعراق عن طريق السكك الحديدية، وقدمت وزارة النقل خططها من أجل ذلك، لكن تطور الثورة أطاح بآمالها في النهوض بمثل تلك المشاريع.
وتحدثت تقارير في العام 2013 عن أن نظام الرئيس بشار الأسد قد تلقى على مدار العام واردات كبيرة من النفط الخام العراقي، وذلك في إطار تجارة سرية كسرت العقوبات الاقتصادية الغربية.
في نهاية العام 2013، وافقت "وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية" السورية على إعفاء البضائع العراقية التي تدخل سورية من الرسوم الجمركية. إذ سمحت بمتابعة الفواتير للبضائع الواردة من العراق إلى سورية عن طريق السفارة السورية في بغداد، ودون استيفاء رسم التصديق باعتبارها مستثناة من ذلك.
وبسبب دمار المطاحن التي تتركز في المناطق الملتهبة في سورية، وقعت الحكومة السورية في منتصف العام الماضي عقدين من أجل طحن القمح السوري في مطاحن العراق.
وأمنت بذلك حاجة منطقة الجزيرة في الحسكة والقامشلي، كما أفادت "الشركة العامة للمطاحن" في بياناتها. وبلغت الكميات الأولية 100 ألف طن للعقد الأول مع الحكومة العراقية، و100 ألف أخرى للعقد الثاني الموقع مع شركة عراقية خاصة.
ورغم انخفاض الصادرات السورية إلى العراق بشكل كبير في العام 2013-2014، لكنها لم تتوقف تماماً. إذ بلغت كمية الحمضيات المسوقة عبر المنافذ البرية الحدودية إلى العراق في العام 2013 نحو 100 ألف طن من مختلف أنواع الحمضيات المحلية.
كما صدرت سورية في الأشهر الثلاثة الماضية فقط 1500 براد وشاحنة من الأزهار ونباتات الزينة إلى العراق وبقيمة إجمالية بلغت 30 مليون دولار.