سورية: جنود أميركيون في رميلان وروس في القامشلي

21 يناير 2016
ضباط ومهندسون روس توافدوا إلى مطار القامشلي(ماكس ديلاني/فرانس برس)
+ الخط -

تشهد مناطق شمالي سورية، وأقصى شمالها الشرقي، وخصوصاً تلك الواقعة قرب الشريط الحدودي مع تركيا، صراع نفوذٍ بين القوى الإقليمية والدولية، يأخذ بالتصاعد خلال هذه الفترة، في ظل معلومات حول قيام الجيش الأميركي بتهيئة مطارٍ صغيرٍ قرب مدينة رميلان بريف الحسكة؛ لاستخدامه كمنطلقٍ لطائراتٍ عسكرية، ومعلومات أخرى حول زيارات أجراها ضباط روس أخيراً، لمطار القامشلي الواقع غرب رميلان بنحو خمسةٍ وستين كيلو متراً.

وفي حين رجح ناشطون سوريون ينحدرون من مدينة الحسكة، صحة المعلومات، والتي تحدثت عن قيام وحدات عسكرية أميركية، خلال الأيام أو الأسابيع الماضية، بتهيئة المطار الزراعي الصغير، والمتوقف عن العمل منذ أكثر من خمس سنوات، نقل "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، قبل يومين، عن مصادر وصفها بالموثوقة في محافظة الحسكة، تأكيدها بأن المطار الواقع قرب مدينة رميلان (يسمى أيضاً مطار أبو حجر) "بات شبه جاهز لاستخدامه من قبل الطائرات الأميركية، والتي عملت على توسيع مدرجه خلال الأسابيع الماضية".

وقال المصدر نفسه "شوهدت الآليات التي تعمل في المنطقة، وهي توسع مدرج المطار، بالتزامن مع هبوط وإقلاع طائرات مروحية أميركية من المطار، والذي من المتوقع أن يكون نقطة انطلاق للطائرات الأميركية التي تقصف مناطق سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية".

ويقع المطار الذي يجري الحديث عن تهيئته من قبل الجيش الأميركي بالقرب من مدينة رميلان، الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة الحسكة، بمسافة تبعد حوالي مائة وخمسة عشر كيلو متراً، وجنوب الشريط الحدودي مع تركيا بمسافة تبعد حوالي ستة عشر كيلو متراً. وتسيطر على المنطقة، والتي تضم واحداً من أهم آبار النفط في سورية، ما تُعرف بـ"الإدارة الذاتية"، والتي تتخذ من مدينة رميلان مقراً لها.

وكان المتحدث باسم "قوات سورية الديمقراطية" العقيد طلال سلو قد ذكر الأسبوع الماضي في تصريحات لوسائل إعلام كردية، أن قواته تلقت وعوداً من اﻹدارة اﻷميركية بإرسال 50 خبيراً عسكرياً على مستوى التدريب والاتصالات وخبراء توجيه الطيران، وأن هناك استعدادات لاستقبالهم.

اقرأ أيضاً: "قوات سورية الديمقراطية": نواة مواجهة "داعش" في الرقة

وحول الحديث عن قيام الولايات المتحدة بتهيئة مطار رميلان لاستخدامه كمنطلق لطائراتها في سورية، قال إن "المطار زراعي، وإن كان يتم تجهيزه فستكون له فاعلية بالمستقبل من أجل المساعدات الإغاثية فقط نتيجة الحصار المفروض على المنطقة"، لأن "الطائرات الأميركية ليست بحاجة لمطار مثل مطار رميلان، إن كانت تقوم بعملياتها العسكرية من قواعدها من البحر ومن الخليج وحتى من مطار انجرليك بتركيا"، على حدّ تعبيره.

وعلى الرغم من عدم تبلور الصورة كلياً حول مطار رميلان، فإن استخدامه من قبل طائرات عسكرية أميركية، يجعله أول قاعدة جوية لواشنطن في سورية، داخل منطقة يسيطر عليها المعارضون المسلّحون المتحالفون مع الولايات المتحدة، إذ قدمت لهم إمدادات عسكرية وأسندت معاركهم الأخيرة، مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في ريف الحسكة بغارات جوية، ما مكّنهم من طرد التنظيم لخارج مناطق كانت خاضعة لسيطرته منذ نحو سنتين.

وتزامن الحديث عن تواجدٍ عسكري أميركي في المحافظة نفسها، مع ما ذكره "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، عن معلومات  تتحدث عن "توافد ضباط ومهندسين روس إلى مطار القامشلي، خلال الأيام الماضية، من أجل دراسة المطار وتحصينه وتوسيعه، لاستخدامه من قبل الطائرات الحربية الروسية وطائرات الشحن الروسية".

ويقع مطار القامشلي، شمال شرق مركز محافظة الحسكة، ويبعد جنوباً عن مدينة القامشلي نحو أربعة كيلو مترات، وضعف المسافة عن الشريط الحدودي مع تركيا، ويسيطر عليه النظام السوري، إذ يُستخدمُ لأغراض مدنية وتجارية وعسكرية معاً.

وباتت "قوات سوريا الديمقراطية"، والتي تُعتبر "وحدات حماية الشعب" الكردية أقوى الفصائل المنضوية فيها، تسيطر على معظم المناطق الممتدة المتاخمة للشريط الحدودي مع تركيا شرقي نهر الفرات، فيما تُسيطر جهات عدة على القرى والبلدات الواقعة غربي النهر، وهي المنطقة التي تسعى تركيا إلى إنشاء منطقة عازلة فيها، غير أن رغبتها هذه اصطدمت برفض أميركي.

وتخضع مناطق ريف حلب الشرقي لسيطرة "داعش" وأبرز معاقله هناك، مدن الباب، منبج، جرابلس. وتدور معارك مستمرة بين التنظيم وفصائل المعارضة السورية التي تسيطر على ريف حلب الشمالي، إذ تحاول الأخيرة طرد مسلحي "داعش" من القرى الواقعة على الشريط الحدودي غربي الفرات، فيما يهاجم التنظيم بين فترة وأخرى معاقل المعارضة في ريف حلب الشمالي.

في هذا السياق، كانت "فرقة السلطان مراد" قد أعلنت، قبل يومين، المناطق والقرى الواقعة في ريف حلب الشمالي، وخصوصاً القرى والبلدات الواقعة بين أعزاز وجرابلس، مناطق عسكرية، ونصحت المدنيين بمغادرتها.

وبعدها يومٍ واحد، أرسل الجيش التركي "كاسحات ألغام" إلى المنطقة الحدودية المحاذية لمدينة جرابلس، والتي تقع شمال شرق مدينة حلب بنحو مائة كيلومتر، "لنزع الألغام التي زرعها تنظيم الدولة في المنطقة الحدودية".

دفع هذا الأمر المراقبين للقول إن تركيا ربما تعتزم شن حملة عسكرية داخل الأراضي السورية، ضد تنظيم "داعش"، وهو ما تم نفيه من مصادر أمنية تركية. إذ نقلت وكالة "الأناضول" أمس عن هذه المصادر، نفيها لـ"صحة ادعاءات تناقلتها وسائل إعلام حول دخول الجيش التركي إلى مدينة جرابلس"، قائلة إن "الجنود الأتراك قاموا بمسح أراضٍ تركية، لنزع الألغام المزروعة فيها، و لم يتجاوزا متراً واحداً من الحدود السورية، أثناء تنفيذ مهمتهم".

اقرأ أيضاً: اقتراب نهاية "داعش" في الحسكة