سورية: انتهاء معاناة قطاف الزيتون

20 ديسمبر 2015
عودة النشاط الزراعي في سورية(وكالة الأناضول)
+ الخط -
عاد أبو كرم (45 عاماً)، إلى أرضه في ريف إدلب من جديد لقطاف موسم الزيتون للمرة الأولى منذ ثلاثة أعوام، وذلك بعد أن سيطرت المعارضة السورية المسلحة على مناطق واسعة من إدلب وريفها في ربيع هذا العام. يقول أبو كرم لـ"العربي الجديد": "في السنوات الماضية لم نتمكن من فلاحة الأرض والقطاف، وذلك بسبب منع قوات النظام من الوصول لأراضينا أو الخوف من عمليات القنص والقصف التي كانت تقوم بها المعسكرات المحاذية لقريتنا". ويضيف: "كانت النتيجة يباس الزيتون وانخفاض الإنتاجية بشكل كبير".
حتى عام 2011، صنّفت سورية ضمن الدول الرئيسية المصدّرة لزيت الزيتون في العالم. في العام الماضي بلغ إنتاج الزيتون نصف مليون طن فقط، ليسجل انخفاضاً قارب 100% عن الإنتاج في عام 2011. وكذلك الحال مع إنتاج زيت الزيتون والذي بلغ في العام 2014 نحو 80 ألف طن مقابل 160 ألف طن في عام 2011، وذلك بحسب رئيس "مجلس زيت الزيتون السوري"، سامي تحسين الخطيب. لكن وزارة الزراعة السورية أعلنت عن تحسن كبير في محصول الزيتون لهذا العام، إذ توقعت أن يتجاوز المحصول مليون طن وذلك "نتيجة الأمطار".
يشكك المهندس الزراعي حسين خياط بادعاءات وزارة الزراعة حول محصول الزيتون لهذا العام الذي تراجع بشكل أكبر ممّا تصرح به الحكومة، وخاصة أنها تصدر أرقاماً متضاربة، فقد سبق وأعلنت بأن المحصول للعام الماضي بلغ 40 ألف طن فقط، ثم عادت ورفعت الرقم إلى 80 الف طن". ويضيف: "يبدو منطقياً أن يتراجع المحصول بشكل هائل نظراً للصعوبات الكبيرة التي تواجه المزارعين في مختلف أنحاء سورية".

فيما تشير الباحثة لمياء الخليل، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "صناعة الزيتون وزيت الزيتون تشكل مصدر دخل موسمي لنحو مليوني إنسان في سورية، لذلك فإن تراجع الإنتاج يشكل ضغطاً اقتصادياً كبيراً على مئات آلاف العائلات السورية". وتضيف: "رغم انخفاض الإنتاج، لكن الحكومة السورية تواصل التصدير، إذ يشكل ذلك بالنسبة لها أحد مصادر القطع الأجنبي الهامة، ولكنه من جهة أخرى يساهم في ارتفاع أسعار الزيتون وزيت الزيتون بالنسبة للمواطنين بشكل كبير".

هروب اليد العاملة

يلخص الناشط السوري فهد السيد، من ريف إدلب، صعوبات إنتاج الزيتون خلال الأعوام الماضية بانخفاض عدد العمال في المناطق المزروعة بالزيتون، وخصوصاً شمال غرب البلاد، حيث تشتد المعارك والقصف، وهجرة الشباب إلى تركيا. ويضيف لـ"العربي الجديد": "تسبب نقص العمالة في رفع الأجور بشكل كبير، ويعوّض الفلاحون ذلك بعمالة النساء والأطفال التي باتت شائعة، حيث تأتي مجموعات من العمال مع اقتراب موسم قطاف الزيتون لتعرض خدماتها لفترة مؤقتة على أصحاب الأرض مقابل أجر يراوح بين 1000-1500 ليرة سورية يومياً (3 إلى 5 دولارات)، وينخفض هذا الأجر قليلاً لبعض العمال الذين يؤمّن لهم صاحب العمل مسكناً مؤقتاً وطعاماً". يقول السيد: "لا يقتصر ارتفاع الأسعار على الأجور، إذ ارتفعت كلفة استئجار الجرارات الزراعية من أجل حراثة الأرض، كما ارتفعت أسعار المحروقات، فضلاً عن كلفة عصر الزيتون ونقله، وكل ما يتعلق بإنتاجه".

فيما يؤكد المهندس حسين الخياط ارتفاع كلفة فلاحة الأرض، حيث باتت كلفة فلاحة 1000 متر أكثر من ألف ليرة سورية (3 دولارات)، فيما تبلغ كلفة عصر الكيلوغرام من الزيتون نحو 8 ليرات". لكن المشكلة الأخرى التي تواجه المزارعين هي انخفاض الإنتاجية وضعف جودة المحصول والتي ترتبط بقلة العناية بالأرض وقلة الري، وهو ما يجعل حبات الزيتون يابسة وقليلة الزيت"، بحسب الخياط.
كما يشكل بيع المحصول مشكلة أخرى تواجه المزارعين، إذ رغم الارتفاع الكبير في السعر النهائي (سعر المستهلك) للزيتون وزيت الزيتون خلال السنوات الماضية، غير أن المزارعين يبيعون محصولهم بسعر يقترب من تكاليف الإنتاج، حيث يبيعون الكيلوغرام من الزيتون بنحو 100 ليرة والكيلوغرام من الزيت بنحو 600 ليرة".
السعر المنخفض لزيت الزيتون، والذي يشتكي منه المزارعون، يرتفع على رفوف المحلات التجارية بصورة عجيبة تدفع المستهلك بدوره للشكوى، إذ يراوح سعر الكيلوغرام من زيت الزيتون في الأسواق بين 900-1300 ليرة سورية (3-4 دولارات)، وذلك بحسب جودته.

اقرأ أيضاً:زيتون الأردن "رزقة" تحوّلت نكبة لبعض المزارعين
المساهمون