سورية: النظام ينقل حصار التجويع إلى ريفَي حماة وحمص

04 يناير 2016
أنشأ النظام نقاطاً عسكرية لقواته بريفَي حماة وحمص(فرانس برس)
+ الخط -
يعتمد النظام السوري، منذ انطلاق الثورة قبل نحو خمس سنوات، سياسة الحصار والتجويع لإخضاع العديد من المناطق المناهضة له، مثل حمص القديمة، والزبداني، ومضايا، وقدسيا. وشنّ النظام السوري، أخيراً، حملة عسكرية من ريف حماة الجنوبي الشرقي باتجاه ريف حمص الشمالي، ما سيتسبب، إنْ تابع النظام تقدّمه، في حصار الريفَين بشكل خانق. يأتي ذلك، بالتزامن مع الحملة العسكرية على مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا الشمالي. يقول الناشط الإعلامي، الملقب بـ"أبو طالب الحموي"، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات النظامية، التي يشكل أكثر من نصفها عناصر مليشيا الدفاع الوطني، وهم أبناء القرى الموالية للنظام، بدأت أواخر ديسمبر/كانون الأوّل الماضي، حملة عسكرية في الريف الجنوبي لمدينة حماة بقيادة وغطاء جوي روسي، استهدف مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة".

ويضيف الحموي، أن "قوات النظام تتقدم في قرى جنان والشيخ عبد الله، وباتجاه قرية جرنية العاصي، وتلّتها القريبة من قرية زبادة، ووصلت، أمس الأوّل السبت إلى قريتَي الرملية وحنيفة. في حين دارت الاشتباكات، أمس الأحد، على أبواب قرية القنطرة. وتقع هذه القرى على الجهة الشرقية من أوتوستراد حماة ـ حمص، جنوب غرب السلمية الخاضعة لسيطرة النظام". ويلفت الناشط الإعلامي، إلى أنّ "العملية تترافق عبر تمهيد مدفعي للقوات النظامية، من قواعد عسكرية عدة، أهمها جبل البحوث العلمية، وكتيبة الدفاع الجوي في الكافات، واللواء 47. أمّا جواً، كان الاعتماد على الطيران المروحي، الذي كثّف قصفه للمناطق".

ويلفت الحموي إلى أنّ "هذه المناطق منذ البداية غير محصّنة ومعرّضة للاجتياح، وكانت تُستهدف بين الحين والآخر من قبل القوات النظامية. لكن ما يختلف اليوم، هو أنّ قوات النظام باتت تنشئ نقاطاً عسكرية تتمركز فيها عناصرها، في ظل مقاومة ضعيفة من قبل فصائل المعارضة الموجودة في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، بسبب سوء التنسيق ونقص الدعم والسلاح الثقيل".   

ويوضح الناشط ذاته، أنّ "إقامة قوات النظام نقاط التمركز، سيتسبب بحصار الريف الجنوبي، كذلك ريف حمص الشمالي الذي ستغلق بوجه ساكنيه وفصائله المسلحة، أهم الطرق الحربية، التي كان يدخل عبرها المواد الغذائية والدواء وأحياناً السلاح". ويشير هذا المصدر، إلى أن قوات النظام تعمل على فرض حصار خانق على ريف حماة الجنوبي وريف حمص الشمالي، يشبه حصار حمص القديمة، وحي الوعر، والزبداني، وغيرها من المناطق المحاصرة".

ويستدرك الناشط الإعلامي حديثه، قائلاً، "لكن هذا الواقع ليس ثابتاً. ففي حال توحّدت جهود الفصائل المسلحة في المنطقة، ستكون قادرة على إخراج القوات النظامية من المناطق التي سيطرت عليها، أخيراً، إذ أنّ طبيعة المنطقة الجغرافية المكوّنة من هضاب وسهول، تساعدهم على تحقيق ذلك".

اقرأ أيضاً: الاستراتيجية الجديدة للنظام السوري وروسيا: قطع الإمداد والتحكّم بالطرق

في سياق متصل، يقول المتحدث الرسمي باسم مركز حماة الإعلامي، حسن العمري لـ"العربي الجديد"، إن "الأهمية الاستراتيجية لمناطق الريف الجنوبي، وهي؛ جنان، وحنيفة، والجرنية، وتقسيس، وتل تقسيس، والرملية، تكمن في كونها المنفذ الوحيد لريف حمص الشمالي. وفي حال سيطر النظام عليها يكون بذلك، قد أطبق الحصار تماماً على ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي الغربي". ويوضح العمري، أنّه "الحصار، إنْ تم، يُنبئ بكارثة إنسانية في الأيام المقبلة في الريفَين، إذ يبلغ عدد السكان المحاصرين في هذه المناطق أكثر من 300000 نسمة من المدنيين".

من جانبه، يوضح المتحدّث باسم مركز حمص الإعلامي، محمد السباعي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الريف الشمالي يقترب من مواجهة مصير مشابه لحمص القديمة أو الزبداني، إن تابعت قوات النظام تقدمها في ريف حماة الجنوبي الشرقي"، مضيفاً أنه "بعد اغلاق طريق الدار الكبيرة عام 2013، بقي لريف حماة الشمالي منفذَان لإدخال المواد الغذائية، وهما تيرمعلة، وقرية جنان. لكن منذ بدء المعارك في تيرمعلة منذ شهرين، أغلق هذا الطريق، ولم يبق سوى طريق قرية جنان في ريف حماة الجنوبي. هذا الأمر، يعني أن 250 ألف نسمة يقطنون مدن وبلدات الريف الشمالي، معرّضون للتجويع، ما ينذر بكارثة إنسانية. كما أنهم قد يتعرضون للتهجير كما حدث في حمص القديمة، والوعر، وقدسيا، والزبداني".

ويبدو أنّ ما يحدث في حمص وحماة يشبه، وإنْ بشكل أعنف، ما يجري في مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا الشمالي، حيث تتواصل الحملة العسكرية بغطاء جوي كثيف، سمح لقوات النظام التقدّم حتى الآن، في اللواء 82 وكتيبة النيران، وفقاً للناشط ذاته.

ويقول الناشط الإعلامي المتواجد في الريف الشمالي، عماد الحوراني لـ"العربي الجديد"، إن "الحملة العسكرية اشتدت من قبل الطيران الحربي وراجمات الصواريخ. كما شنّ الطيران الروسي، أمس، 33 غارة، في حين أن القصف المدفعي والصاروخي شبه مستمر". ويوضح أنه، "سجّل يوم الجمعة الماضي، للمرة الأولى، غارات جوية ليلية في محافظة درعا، إذ تمّ استهداف مدينة الشيخ مسكين بـ5 غارات جوية ليلاً، كذلك بصر الحرير بـ3 غارات، ومدينة نوى بغارة واحدة". وتُمثّل السيطرة على الشيخ مسكين، التحكّم في شبكة طرق مواصلات وإمدادات حيوية بين دمشق إلى شمالها، ومركز محافظة درعا إلى جنوبها، إضافة لموقعها بين محافظة القنيطرة غرباً والسويداء شرقاً.

على الجانب الآخر، تحاول فصائل المعارضة في ريف اللاذقية الشمالي، استعادة برج القصب الاستراتيجي في جبل التركمان، بعد هجوم عنيف، بدأوه، أمس الأول السبت. ويبدو أنّ النظام يدرك تماماً أهمية البرج بالنسبة له، لذا يعمد جاهداً للتصدي لمقاتلي المعارضة عبر غطاء جوي روسي، ودعم بري من مليشيات عدة، ومنها، كتائب البعث"، و"صقور الصحراء"، و"الدفاع الوطني"، و"المقاومة السورية لتحرير لواء اسكندرون"، ومليشيا "درع الساحل".

واعتمد النظام أيضاً وسيلة الحصار للسيطرة على البرج الاستراتيجي، الذي يكشف معظم جبل الأكراد، ويطلّ على الطريق الرئيسي لحلب ـ اللاذقية، بعدما سيطر على جبل النوبة من الجهة الجنوبية الشرقية، وجبل الزويك وقرى الدغمشلية، ودير حنا، وكفردلبا، وجبل دورين من الجهة الجنوبية. كما أطبق الحصار على برج القصب ومدينة سلمى، بقوس يمتد من الغرب إلى الشرق.

اقرأ أيضاً: المعارضة السورية بين النظام و"داعش"... معارك من درعا لحلب

المساهمون