سورية: النظام يستدير نحو حماة بانتظار معركة حسم حلب

05 نوفمبر 2016
مقاتل من المليشيات الموالية للنظام بحلب (جورج أورفاليان/فرانس برس)
+ الخط -
تبدو قوات النظام السوري ومليشيات أجنبية تساندها، كمن يحاول الاستفادة من ساعات ما قبل انطلاق "المعركة الكبرى" في حلب، من خلال محاولة الاستدارة نحو ريف حماة الشمالي، وغوطة دمشق الشرقية، بينما تؤكد مصادر في الجيش السوري الحر، أنها تصدّ هذه المحاولات وتبادر للهجوم وتسيطر على مواقع جديدة تحت سيطرة النظام. كل ذلك في الوقت الذي تشهد فيه الجبهات هدوءاً نسبياً في مدينة حلب، فيما يواصل الطيران الروسي استهداف بلدات في ريفها الغربي.

وسط كل ذلك، لا يزال ريف حماة الشمالي مسرحاً لمعارك شرسة بين قوات المعارضة من جهة، وقوات النظام ومليشياته من جهة أخرى. وفي هذا الصدد، أفاد الناشط الإعلامي مصعب الأشقر، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات المعارضة سيطرت على قرية شليوط بعد معارك عنيفة مع قوات النظام، واغتنمت من الأخيرة أسلحة من بينها قاعدة إطلاق صواريخ، ومدفع 37 ميليمتراً مثبّت على سيارة".

وشليوط من المواقع المهمة في ريف حماة الشمالي، كونها "تقطع نارياً طريق مدينتي السقيلبية ـ محردة، واللتين تضمان أكثرية مسيحية، ما قد يجبر مليشيات محلية تقاتل إلى جانب النظام على الانسحاب من جبهة مورك، والعودة إلى محردة"، وفقاً لما ذكر الناشط الإعلامي شحود جدوع.

وأشار جدوع، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "السيطرة على شليوط تمكّن المعارضة من تأمين مدينة حلفايا ضد محاولات النظام السيطرة عليها". مع العلم أن قوات النظام والمليشيات تعمل على الوصول إلى مدينة مورك، التي تُعدّ من كبريات مدن ريف حماة الشمالي، وتُوصف بـ"مقبرة دبابات جيش النظام"، إذ خسر النظام فيها عام 2014 نحو 74 دبابة، ومئات العناصر أثناء معارك طاحنة دارت في المدينة.

ولفت جدوع إلى أن "النظام استقدم تعزيزات من الشبيحة، وقوات حزب الله، إلى ريف حماة الشمالي، محاولاً استغلال انسحاب مقاتلي جند الأقصى من المعارك، بعد الخلاف الدموي مع حركة أحرار الشام منذ نحو الشهر". وأوضح أنه "تمّ تشكيل غرفة عمليات واحدة، مكوّنة من فصائل الجيش الحر بالمنطقة، تحديداً جيش العزة، وجيش النصر، وجيش الفاروق، وفيلق الشام، وبلاد الشام، وسرايا الشام. وحملت الغرفة اسم غرفة عمليات ريف حماة الشمالي، هدفها تنسيق العمل، وتنظيم نقاط الرباط والمبادرة بالهجوم".

في موازاة ذلك، كثّف الطيران الروسي ومقاتلات النظام القصف على ريف حماة الشمالي، مستهدفين مواقع تابعة لجيش العزة. وتركز القصف على مدينة اللطامنة، في محاولة لتمهيد الطريق أمام قوات النظام والمليشيات الحليفة له، عبر استخدام سياسة "الأرض المحروقة"، وشنّ حرب إبادة على من بقي من مدنيين. ومن المتوقع أن يشهد هذا الريف معارك كبرى خلال الأيام القليلة المقبلة، بفعل تأهب فصائل المعارضة للرد، لمنع قوات النظام من قضم المزيد من المناطق، وتوعّدتها بـ"مفاجآت".

وقد سيطرت قوات النظام على نقاط عدة تشرف على مدينتي مورك، وطيبة الإمام، يوم الجمعة، بعد أن استعادت السيطرة منذ أيام على مدينة صوران، إثر حملة قصف جوي استخدم فيها طيران النظام أسلحة محرمة، فاضطرت قوات المعارضة إلى الانسحاب، وفق مصدر في جيش العزة التابع للجيش السوري الحر.



في غضون ذلك، ساد الهدوء المشوب بالحذر الجبهات داخل مدينة حلب، بعد أيام من معارك ضارية، بين قوات المعارضة ومليشيات طائفية، وبقايا قوات النظام داخل حي حلب الجديدة. وذكرت مصادر مقربة من جيش الفتح الذي يقود العمليات العسكرية في معركة "ملحمة حلب الكبرى" أن "فصائل المعارضة في صدد تقييم نتائج المرحلتين الأولى والثانية من المعركة، قبل مواصلة العمليات العسكرية". وذكرت لـ"العربي الجديد" أن "المعركة مستمرة، ولن تتوقف قبل فك الحصار عن الأحياء الشرقية في حلب". وأشارت إلى أن "النظام استقدم تعزيزات من المليشيات استعداداً لجولة حاسمة"، مشيرة إلى أن "قادة هذه المليشيات باتوا يسيطرون بشكل كامل على القرار العسكري للنظام في حلب".

وقد انتهت "الهدنة الإنسانية" التي أعلنتها روسيا، يوم الجمعة، من دون تحقيق غايتها وهي إخراج أكبر عدد ممكن من مقاتلي المعارضة المتمركزين في شرق المدينة، وتهجير نحو 300 ألف مدني موجودين في هذه الأحياء المحاصرة بشكل كامل منذ نحو أربعة أشهر. حتى إن النظام السوري "ناشد" المدنيين الخروج من المدينة، أمس. وعبّرت روسيا عن غضبها لفشل مساعيها في إخضاع حلب من خلال قصف ريف المدينة الغربي.

وذكر ناشطون أن "القصف طاول خان العسل، وكفرناها، والأتارب، وأبين سمعان، ودارة عزة، وأوروم الكبرى. ما أدى إلى مقتل واصابة العديد من المدنيين بينهم أطفال. وأكد الدفاع المدني في حلب أن الطيران الروسي استخدم صواريخ مظلية، والقنابل العنقودية، ونشر صوراً ومقاطع مصوّرة على صفحته على موقع "فيسبوك" تظهر حجم الدمار الكبير الذي طاول منازل وممتلكات.

من جهته، أعلن الجيش السوري الحر عن تمكنه من قتل ثمانية عناصر من لواء القدس الفلسطيني في عملية "انغماسية" على جبهة العويجة، شمال المنطقة المحاصرة من مدينة حلب، أمس. مع العلم أن قوات النظام تحاول اقتحام مواقع المعارضة في المنطقة الشرقية من حلب عبر تلك المنطقة بشكل متكرر، لسيطرتها على مواقع عدة تحيط بطريق الكاستيلو الواصل بين حلب وريفها الشمالي. ولواء القدس مشكّل من مجموعة مقاتلين من اللاجئين الفلسطينيين في سورية، من الموالين للنظام السوري، ويعتبر إحدى أكبر المليشيات المقاتلة إلى جانب النظام في حلب ضد المعارضة.

وتوالت خسائر المليشيات المقاتلة إلى جانب النظام، تحديداً بعد إعلان المعارضة الأسبوع الماضي بدء معركة "ملحمة حلب الكبرى" بهدف كسر الحصار المفروض على المنطقة الشرقية. وكانت وسائل إعلام موالية لحزب الله قد نشرت أسماء تسعة عناصر منه، ذكرت أنهم "قضوا أثناء تأدية واجبهم الجهادي في حلب".

وفي السياق ذاته، أعلن جيش المجاهدين عن مقتل مجموعة من الحزب باستهداف موقع لهم بصاروخ مضاد للدروع، على تلة أحد، جنوب غربي مدفعية الراموسة، بمنطقة جبل سمعان بريف حلب الجنوبي. ونشر مقطع مصوّر يظهر استهداف المجموعة بصاروخ من نوع "تاو". في المقابل، شنت طائرات روسية غارات على مشروع 1070 شقة ومنطقة الراشدين وبلدة المنصورة غرب مدينة حلب دون وقوع ضحايا.

في الغوطة الشرقية لدمشق، سعت قوات النظام لاستغلال الخلاف بين كبرى الفصائل من أجل إحراز المزيد من التقدم، وتقطيع أوصال مدن وبلدات الخاصرة الشرقية للعاصمة. وكان النظام قد استعاد منذ أيام تل كردي، وتل صوان في شرق الغوطة، ويحاول التقدم من جهة بلدة الريحان في محاولة للسيطرة على أبنية عالية فيها، تتيح له عزل مدينة دوما، كبرى الغوطة، نارياً، وفق ناشطين، في تكرار للسيناريو العسكري الذي طبقه مطلع هذا العام جنوب غربي دمشق فاصلاً بين بلدتي داريا ومعضمية الشام. وقد أتاح له ذلك الاستفراد بكل بلدة على حدا ودفع المعارضة للموافقة على الخروج اضطراراً إلى شمال سورية.

وذكر الناشط الإعلامي ياسر الدوماني لـ "العربي الجديد"، أن اشتباكات وقعت في الشيفونية، بفعل محااول قوات النظام التقدم تحت غطاء جوي، بعد شنّ الطيران الحربي غارات أمس، بالصواريخ الفراغية، على الطريق الواصل بينها وبين مدينة دوما". وأشار إلى أن "أغلب المناطق التي استعادتها قوات النظام زراعية"، مشدّداً على أنه "الآن بدأ القتال الجدي". ولفت إلى أن "الأبنية تحول دون سعي النظام لعزل دوما عن بقية مناطق الغوطة".

إلى ذلك، أفادت مصادر محلية بوقوع جرحى بين المدنيين بغارة من الطيران الروسي على منطقة الشنداخيات، بريف حمص الشرقي، بينما قضى شخص برصاص قوات النظام في الأطراف الجنوبية لمدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي.

في قرفا بريف درعا، بلغت حصيلة انفجار لغم مساء الجمعة، خمسة قتلى بينهم طفلان، وكلهم من عائلة واحدة، كما قُتل عنصران من الجيش السوري الحر بانفجار لغم في بلدة بصرى الشام، وفقا لما أعلنه تجمع أحرار حوان.

بدورها، أفادت مصادر محلية، أن "اشتباكات عنيفة دارت بين المعارضة السورية المسلحة وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في منطقتي سيس ومكحول بالقلمون الشرقي في شمال دمشق وسط تقدم للمعارضة هناك، تزامناً مع فشل هجوم للنظام على مواقع للمعارضة في محيطة بلدة حوش نصري بمنطقة المرج في الغوطة الشرقية". وتواصلت المعارك بين "داعش" وقوات النظام في محيط اللواء 137 غرب مدينة دير الزور، سقط خلالها قتلى وجرحى من الطرفين.

المساهمون