اختتم في مدينة سوتشي الروسية، اليوم الثلاثاء، اللقاء العاشر حول سورية بين الدول الضامنة، بترحيب الضامنين بـ"المشروع التجريبي" لإجراءات بناء الثقة بين النظام والمعارضة، والتي تتعلق بتبادل المحتجزين، في حين يستمر العمل في مناطق خفض التصعيد بمدينة إدلب، ولم يشر البيان الختامي لانتهائه.
وفي الجلسة الختامية الرسمية، تلا المبعوث الروسي الخاص إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، البيان الختامي الذي جاء فيه أن الدول الضامنة "تؤكد التزامها القوي بسيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي سورية، وعزمها على مكافحة الإرهاب من أجل القضاء عليه"، كما ناقشت الأطراف الضامنة الوضع الحالي على الأرض، وقامت بتقييم التطورات الأخيرة، ووافقت على "مواصلة التنسيق الثلاثي في ضوء اتفاقياتها"، معربة عن عزمها على "الوقوف ضد جداول الأعمال الانفصالية التي تهدف إلى تقويض سيادة سورية وسلامة أراضيها، وكذلك الأمن القومي للدول المجاورة".
إلى ذلك، ستواصل الأطراف الضامنة جهودها المشتركة التي تهدف إلى "دفع عملية التسوية السياسية التي يقودها السوريون من أجل تهيئة الظروف لتسهيل بدء عمل اللجنة الدستورية في جنيف في أقرب وقت ممكن، بما يتماشى مع قرارات مؤتمر الحوار السوري في سوتشي (نهاية يناير الماضي)، وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254"، معربة عن "ارتياحها لإجراء مشاورات مفيدة مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا، والذي اتفقت معه على عقد الجولة المقبلة من المشاورات، في جنيف خلال سبتمبر/أيلول المقبل".
من جهة أخرى، شددت الأطراف الضامنة على الحاجة إلى "تشجيع الجهود التي تساعد جميع السوريين على استعادة الحياة الطبيعية والسلمية، وبدأت المناقشات بالتنسيق مع المجتمع الدولي، والوكالات الدولية المتخصصة، من أجل تهيئة الظروف اللازمة للعودة الآمنة والطوعية للنازحين داخلياً، واللاجئين، إلى أماكن إقامتهم الأصلية في سورية، بالتعاون مع المفوضية العليا للاجئين".
وأكد البيان الختامي على أن الدول الضامنة "ستواصل الجهود المشتركة الرامية إلى بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة في سورية، بما في ذلك ضمن مجموعة العمل المعنية بالإفراج عن المعتقلين والمختطفين وتسليم الجثث، وكذلك تحديد هوية الأشخاص المفقودين بمشاركة خبراء الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، مرحبة بـ"الاستعداد الذي أبدته الأطراف المتصارعة لتنفيذ مشروع تجريبي"، دون إضافة تفاصيل حوله.
وختم البيان بالتأكيد على أن الدول الضامنة قررت عقد الاجتماع المقبل في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وعقب المؤتمر الصحافي، وجه رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، اتهامات بالجملة للولايات المتحدة وتركيا برعاية ما وصفه بـ"الإرهابيين"، خاصة واشنطن برعايتها لـ"الخوذ البيضاء"، فيما تركيا "تحتل مناطق من سورية، ولا تلتزم بما جرى الاتفاق عليه في بيانات أستانة التي صدرت عشر مرات"، على حدّ زعمه.
وحول لقاء سوتشي، أشاد الجعفري بـ"نتائج اجتماع هذه الجولة، خاصة أن هذا الاجتماع كان مثمراً، وأنتج بعض الأفكار الهامة، كبحث موضوع عودة اللاجئين السوريين في الخارج إلى سورية، وهناك معوق رئيسي لعودتهم من دول الجوار لبنان تركيا والأردن، وهو استمرار فرض الإجراءات القسرية أحادية الجانب من أوروبا وأميركا، وبعض الدول"، بحسب رأيه.
ورداً على الجعفري، أعرب رئيس وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات سوتشي، أحمد طعمة، خلال مؤتمر صحافي عقده وفد المعارضة عقب انتهاء الاجتماعات عن "الأمل بأن يتحقق شيء مهم للشعب السوري، يطمئنه ويعود به إلى حياة آمنة ومستقرة، تصل به بالنهاية لإنهاء الديكاتورية في البلاد"، لافتاً إلى أن "أهم الأفكار التي طرحت خلال اليومين مع وفود الأمم المتحدة وتركيا وروسيا، وتمت مناقشات بشكل مستفيض وشفاف وتمخض عن أربع نقاط، الأولى تتعلق بملف إدلب واستمرارية خفض التصعيد فيها، ونعتقد أن الأمور تسير بشكل معقول، لتتحول من منطقة خفض تصعيد، إلى منطقة وقف إطلاق نار شامل".
وقال إن "جهوداً كبيرة تبذل لإحلال السلام والاستقرار في إدلب بوجود الجيش الحر والحليف التركي القوي إلى جوارنا في نقاط المراقبة، التي تدعم إحلال السلام، والانتقال من منطقة اضطراب إلى منطقة أمان كامل، والنقطة الثانية ملف المعتقلين وتريد المعارضة تحقيق تقدما ملحوظ فيه، ونعتقد أنه حصل تقدم معقول، وكان طرح بادرة حسن نية لتبادل عدد محدود من المعتقلين في هذا الملف، ونعتقد انه يمكن ان يتطور ايجابيا بعد ترسيخ الآلية التي تم التوافق عليها من قبل مجموعة العمل".
وأضاف أن الملف الثالث "هو ملف اللجنة الدستورية، وهذه اللجنة سيتم البدء بأعمالها في جنيف بداية أيلول/سبتمبر المقبل، وهي خطوة هامة، فالعمل وفق الدستور الجديد يقوض دعائم الدكتاتورية في سورية، والملف الرابع الذي تقدم به الوفد الروسي، هو عودة اللاجئين والمهجرين. من حيث المبدأ هو حق لكل مواطن سوري، ولا نريد حصول أي تغيير ديموغرافي، ولكن في الوقت ذاته، نريد ان تتم بطريقة آمنة وتجهيز البيئة الآمنة لعودتهم، وتحقيق تقدم واضح المعالم في العملية السياسية، ما يضمن اطمئنان المواطنين بعدم اعتقالهم تحت سياط التعذيب".
وحول عمل اللجنة الدستورية المرتقب في جنيف، وإن كان سيناقش الدستور الموجود، رد طعمة على الجعفري قائلاً: "ورد في بيان سوتشي المؤسس عن اللجنة الدستورية، عبارة الإصلاح الدستوري، وهي كلمة شاملة تعني تشكيل دستور جديد، وليس مجرد تعديلات، والنظام حاول جاهداً تغييرها في سوتشي، لكنه لم يفلح، وحتى الضامن الروسي لم يقبل بتغيير الكلمة التي أصرت الأمم المتحدة على وضعها، والسير قدماً لتشكيل اللجنة الدستورية، وأن تباشر أعمالها قريباً"، خاتماً بالقول "لدينا قناعة أن إدلب ستكون بخير، والعملية السياسية ستسير رغم مساعي النظام لعرقلتها، ونتمنى أن تسير كما يتمنى الشعب السوري خلال الأشهر المقبلة".
أما المتحدث باسم الوفد أيمن العاسمي، فأوضح في كلمته أن "المناطق أكثر أماناً في سورية هي إدلب ومناطق درع الفرات وغصن الزيتون، أكثر من المناطق التي يحتلها النظام، ومدينة السويداء حصلت فيها عمليات إرهابية قام بها تنظيم داعش، جاءت عناصرهم من مخيم اليرموك".
وشدد على أن "المعركة إن جرت في إدلب، فستنسف الحلّ السياسي، ولن تكون نزهة للمليشيات الموالية للنظام"، ملخصاً "التغير بالموقف الروسي بإدراكهم أهمية التهدئة في الشمال، ومعالجة الأمر بتواصلات دولية ومع فصائل الشمال، والإقرار من قبل روسيا بأن هناك خروقات ارتكبها النظام، والمعرفة التامة بأن هناك اعتراض دولي على الوجود الإيراني، وكل ذلك ربما يساعد على الحلّ السياسي".