في تركيا، لا سيّما في شوارع إسطنبول ومقاهيها، يتجوّل باعة سنغاليون شباب ويعرضون سلعهم على من يقابلونه. السيّاح هم هدفهم بالدرجة الأولى، فيحاولون إغراءهم بالبضائع الأنيقة المقلّدة من ساعات يد وجلديات
في إسطنبول، لا يمكن لك أن تفوّت هؤلاء الشباب السنغاليين المتخصصين في بيع ساعات اليد، والذين أدخلوا أخيراً إلى "تجارتهم" بعضاً من الجلديات. لست في حاجة إلى البحث عنهم، فهؤلاء الباعة المتجوّلون سوف يقصدونك في مقهى أو مطعم أو نادٍ أو حتى في الشارع، ويعرضون أمامك بضاعتهم "الرخيصة". ويبدو هؤلاء متسامحين كثيراً، إذ إنّك قد تدفعهم إلى كسر السعر إلى النصف أحياناً. تجدر الإشارة إلى أنّ ساعة يد أنيقة تحمل علامة شهيرة مقلّدة تبلغ نحو 80 ليرة تركية (نحو 16 دولاراً أميركياً) وفي إمكانك الحصول عليها لقاء 40 ليرة (نحو ثمانية دولارات) بعد المفاصلة. كذلك يمكنك اقتناء حقيبة يد جلدية بنحو 50 ليرة (نحو 10 دولارات) وحزام جلديّ بنحو 15 ليرة (نحو ثلاثة دولارات).
لا بدّ من أن يشعر الواحد بالفضول ويبحث عن سبب تلك الأسعار الرخيصة. ويأتي تكتّم هؤلاء الشبان والشابات السنغاليين على "أسرار المهنة" ورفضهم التصريح رسمياً والتقاط صورهم، ليزيد ذلك الفضول. من أين يأتي هؤلاء بسلعهم الرخيصة؟ وما هي تكاليفها، من قبيل الضرائب وتعرفة النقل فضلاً عن سعرها الأصلي، حتى يتمكّنوا من بيعها بأسعار زهيدة؟ وكيف يستطيع هؤلاء الشباب العيش بمدينة مثل إسطنبول، نظراً إلى المال القليل الذي يجنونه؟ وهل وجودهم شرعي أم أنّ تهرّبهم من التصوير ومن "البوليس" سببه وجودهم غير الشرعي في بلاد بدأت تلاحق كل من لا يمتلك إقامة أو وثيقة شرعية على أراضيها؟
اقــرأ أيضاً
مختار واحد من هؤلاء الشباب السنغاليين، يوافق على الإجابة عن بعض الأسئلة شريطة عدم الكشف عن هويته كاملة. وعن مصدر البضاعة يقول إنّ "الساعات والجلديات تأتي من الصين عبر المطار، وثمّة من يؤمّن خروجها بضرائب بسيطة لتصل إلى مستودع بمنطقة بايزيد في إسطنبول. من جهتنا، نشتريها من المركز الرئيسي الذي يديره سنغالي، ونبيع بضاعتنا في الشوارع". يضيف مختار أنّ "ماركات الساعات سويسرية بمعظمها، وثمّة ماركات أوروبية أخرى كالإيطالية والبلجيكية، لكنّها كلها مقلّدة من النوع الثاني، لذا فإنّ أسعارها رخيصة. ولأنّ المستورد يأتي بكميات كبيرة، فإنّ ذلك يزيد من تدنّي أسعارها".
وعن الربح الذي يحققه الباعة المتجولون، يوضح مختار أنّ "الأمر مرتبط بالزبون. ثمّة من يكسر الأسعار وثمّة من يعطينا المبلغ الذي نطلبه. لكن، بصورة عامة، فإنّ معدّل الربح الوسطي لكل ساعة هو نحو خمس ليرات (نحو دولار واحد)". ويشير إلى أنّ "ثمّة سيّاحاً خليجيين وأوروبيين يعطوننا أكثر من القيمة المطلوبة، خصوصاً النساء". يُذكر أنّ كثيرين من زملاء مختار السنغاليين تفاجأوا للوهلة الأولى عندما رأوه يتحدّث إلى الإعلام في أحد أزقة إسطنبول الفرعية. لكنّ ذلك سرعان ما شجّع آخرين على التحدّث إلى "العربي الجديد".
من جهتها، تخبر عائشة أنّها تبيع "حقائب نسائية وبعض الجلديات الأخرى بإسطنبول منذ أكثر من عامَين، ولم أتعرّض في يوم إلى مضايقة أو اعتقال. ونحن باعة متجوّلون لا نسعى إلى فتح محال". تضيف: "وأخيراً، بدأنا نبيع بضاعتنا في بازارات إسطنبول. ونحن نحرص على عدم إزعاج أصحاب البسطات الذين لا ننافسهم بطبيعة الحال، لأنّ سلعنا غير متوفّرة لديهم". وتتابع الشابة السنغالية وهي تمزج ما بين الفرنسية والإنكليزية وقليل من التركية، أنّ "إقاماتنا بتركيا شرعية، وهي إقامات سياحية نحرص على تجديدها أو نخرج من البلاد ونعود قبل أن تنتهي. ونحن بالتأكيد لا نزعج أحداً من الباعة أو التجار، بل نكمّل المشهد السياحي التركي والجميع يحبّنا".
رحنا نوجّه أسئلة أخرى إلى شباب آخرين، لكنّ كثيرين تذرّعوا بعدم فهم اللغة، في حين أنّ بعضهم راح يضحك وهو يبتعد عنّا. أمّا محمود فوافق على الإجابة شريطة أن نشتري منه بعض السلع. وعند سؤاله عن تكاليف المعيشة بتركيا وعن عائداتهم اليومية وعن أماكن سكنهم، يجيب أنّ "الشباب السنغاليين يتشاركون المنزل نفسه في غالب الأحيان. كلّ ثلاثة شباب أو أكثر يستأجرون منزلاً لقاء مبلغ يتراوح ما بين 1000 و1500 ليرة (210 - 310 دولارات)، فيتقاسمونه مثلما يتقاسمون تكاليف المعيشة من طعام وفواتير كهرباء وماء وغاز وإنترنت. ونحن لا نلتقي في البيت إلا في آخر الليل".
اقــرأ أيضاً
ويشير محمود إلى أنّ "السنغاليين في إسطنبول يعرفون بعضهم، فنحن نعمل في المهنة نفسها، بيع الساعات والجلديات. والمركز الرئيسي يبيعنا البضاعة بأسعار معقولة، فنربح عن كلّ قطعة ما بين 3 و10 ليرات، وهذا ربح رائع بالنسبة إلينا". ويشرح أنّ "السنغال تعاني من بطالة مرتفعة، على الرغم من أنّ بلادنا غنية. كذلك فإنّ فارق سعر العملة يزيد من تشبثنا بتركيا وبهذه المهنة. هنا، نحن نعيش ونعيل أهلنا بالسنغال". وعن كيفية تمكّن السنغاليين من المنافسة وبيع سلعهم، الساعات والجلديات، في تركيا المشهورة بمثل هذه الصناعات وبالإكسسوارات، يقول محمود: "نحن نبيع ماركات عالمية مقلدة وبأسعار أدنى من أسعار السلع التركية. كذلك، نحن نقصد مكان إقامة السائح أو سهره، ولا مجال للمنافسة". ويلفت محمود إلى أنّه "طالب ومعظم أصدقائي في تركيا طلاب، ولدينا إقامات طالبية ولا نخالف القوانين"، قبل أن يبتعد مبتسماً. يُذكر أنّ نحو 130 طالباً سنغالياً يعيشون في تركيا بحسب مصادر رسمية، وقد حصلوا بمعظمهم على منح تشرف عليها إدارة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى "واي تي بي" التابعة لرئاسة الوزراء.
في إسطنبول، لا يمكن لك أن تفوّت هؤلاء الشباب السنغاليين المتخصصين في بيع ساعات اليد، والذين أدخلوا أخيراً إلى "تجارتهم" بعضاً من الجلديات. لست في حاجة إلى البحث عنهم، فهؤلاء الباعة المتجوّلون سوف يقصدونك في مقهى أو مطعم أو نادٍ أو حتى في الشارع، ويعرضون أمامك بضاعتهم "الرخيصة". ويبدو هؤلاء متسامحين كثيراً، إذ إنّك قد تدفعهم إلى كسر السعر إلى النصف أحياناً. تجدر الإشارة إلى أنّ ساعة يد أنيقة تحمل علامة شهيرة مقلّدة تبلغ نحو 80 ليرة تركية (نحو 16 دولاراً أميركياً) وفي إمكانك الحصول عليها لقاء 40 ليرة (نحو ثمانية دولارات) بعد المفاصلة. كذلك يمكنك اقتناء حقيبة يد جلدية بنحو 50 ليرة (نحو 10 دولارات) وحزام جلديّ بنحو 15 ليرة (نحو ثلاثة دولارات).
لا بدّ من أن يشعر الواحد بالفضول ويبحث عن سبب تلك الأسعار الرخيصة. ويأتي تكتّم هؤلاء الشبان والشابات السنغاليين على "أسرار المهنة" ورفضهم التصريح رسمياً والتقاط صورهم، ليزيد ذلك الفضول. من أين يأتي هؤلاء بسلعهم الرخيصة؟ وما هي تكاليفها، من قبيل الضرائب وتعرفة النقل فضلاً عن سعرها الأصلي، حتى يتمكّنوا من بيعها بأسعار زهيدة؟ وكيف يستطيع هؤلاء الشباب العيش بمدينة مثل إسطنبول، نظراً إلى المال القليل الذي يجنونه؟ وهل وجودهم شرعي أم أنّ تهرّبهم من التصوير ومن "البوليس" سببه وجودهم غير الشرعي في بلاد بدأت تلاحق كل من لا يمتلك إقامة أو وثيقة شرعية على أراضيها؟
مختار واحد من هؤلاء الشباب السنغاليين، يوافق على الإجابة عن بعض الأسئلة شريطة عدم الكشف عن هويته كاملة. وعن مصدر البضاعة يقول إنّ "الساعات والجلديات تأتي من الصين عبر المطار، وثمّة من يؤمّن خروجها بضرائب بسيطة لتصل إلى مستودع بمنطقة بايزيد في إسطنبول. من جهتنا، نشتريها من المركز الرئيسي الذي يديره سنغالي، ونبيع بضاعتنا في الشوارع". يضيف مختار أنّ "ماركات الساعات سويسرية بمعظمها، وثمّة ماركات أوروبية أخرى كالإيطالية والبلجيكية، لكنّها كلها مقلّدة من النوع الثاني، لذا فإنّ أسعارها رخيصة. ولأنّ المستورد يأتي بكميات كبيرة، فإنّ ذلك يزيد من تدنّي أسعارها".
وعن الربح الذي يحققه الباعة المتجولون، يوضح مختار أنّ "الأمر مرتبط بالزبون. ثمّة من يكسر الأسعار وثمّة من يعطينا المبلغ الذي نطلبه. لكن، بصورة عامة، فإنّ معدّل الربح الوسطي لكل ساعة هو نحو خمس ليرات (نحو دولار واحد)". ويشير إلى أنّ "ثمّة سيّاحاً خليجيين وأوروبيين يعطوننا أكثر من القيمة المطلوبة، خصوصاً النساء". يُذكر أنّ كثيرين من زملاء مختار السنغاليين تفاجأوا للوهلة الأولى عندما رأوه يتحدّث إلى الإعلام في أحد أزقة إسطنبول الفرعية. لكنّ ذلك سرعان ما شجّع آخرين على التحدّث إلى "العربي الجديد".
من جهتها، تخبر عائشة أنّها تبيع "حقائب نسائية وبعض الجلديات الأخرى بإسطنبول منذ أكثر من عامَين، ولم أتعرّض في يوم إلى مضايقة أو اعتقال. ونحن باعة متجوّلون لا نسعى إلى فتح محال". تضيف: "وأخيراً، بدأنا نبيع بضاعتنا في بازارات إسطنبول. ونحن نحرص على عدم إزعاج أصحاب البسطات الذين لا ننافسهم بطبيعة الحال، لأنّ سلعنا غير متوفّرة لديهم". وتتابع الشابة السنغالية وهي تمزج ما بين الفرنسية والإنكليزية وقليل من التركية، أنّ "إقاماتنا بتركيا شرعية، وهي إقامات سياحية نحرص على تجديدها أو نخرج من البلاد ونعود قبل أن تنتهي. ونحن بالتأكيد لا نزعج أحداً من الباعة أو التجار، بل نكمّل المشهد السياحي التركي والجميع يحبّنا".
رحنا نوجّه أسئلة أخرى إلى شباب آخرين، لكنّ كثيرين تذرّعوا بعدم فهم اللغة، في حين أنّ بعضهم راح يضحك وهو يبتعد عنّا. أمّا محمود فوافق على الإجابة شريطة أن نشتري منه بعض السلع. وعند سؤاله عن تكاليف المعيشة بتركيا وعن عائداتهم اليومية وعن أماكن سكنهم، يجيب أنّ "الشباب السنغاليين يتشاركون المنزل نفسه في غالب الأحيان. كلّ ثلاثة شباب أو أكثر يستأجرون منزلاً لقاء مبلغ يتراوح ما بين 1000 و1500 ليرة (210 - 310 دولارات)، فيتقاسمونه مثلما يتقاسمون تكاليف المعيشة من طعام وفواتير كهرباء وماء وغاز وإنترنت. ونحن لا نلتقي في البيت إلا في آخر الليل".
ويشير محمود إلى أنّ "السنغاليين في إسطنبول يعرفون بعضهم، فنحن نعمل في المهنة نفسها، بيع الساعات والجلديات. والمركز الرئيسي يبيعنا البضاعة بأسعار معقولة، فنربح عن كلّ قطعة ما بين 3 و10 ليرات، وهذا ربح رائع بالنسبة إلينا". ويشرح أنّ "السنغال تعاني من بطالة مرتفعة، على الرغم من أنّ بلادنا غنية. كذلك فإنّ فارق سعر العملة يزيد من تشبثنا بتركيا وبهذه المهنة. هنا، نحن نعيش ونعيل أهلنا بالسنغال". وعن كيفية تمكّن السنغاليين من المنافسة وبيع سلعهم، الساعات والجلديات، في تركيا المشهورة بمثل هذه الصناعات وبالإكسسوارات، يقول محمود: "نحن نبيع ماركات عالمية مقلدة وبأسعار أدنى من أسعار السلع التركية. كذلك، نحن نقصد مكان إقامة السائح أو سهره، ولا مجال للمنافسة". ويلفت محمود إلى أنّه "طالب ومعظم أصدقائي في تركيا طلاب، ولدينا إقامات طالبية ولا نخالف القوانين"، قبل أن يبتعد مبتسماً. يُذكر أنّ نحو 130 طالباً سنغالياً يعيشون في تركيا بحسب مصادر رسمية، وقد حصلوا بمعظمهم على منح تشرف عليها إدارة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى "واي تي بي" التابعة لرئاسة الوزراء.