سندات خزانة الأسد الفارغة

21 اغسطس 2016
الليرة إلى مزيد من التدهور (Getty)
+ الخط -



لا يمكن، حتى لأعداء نظام بشار الأسد، أن يقللوا من شأن "هضامة" حكومته وخفة دمها، وعلى ما يبدو فإن الكوميديا في ابتكار الحلول ليست محصورة بحكومة وائل حلقي المنحلّة التي سعت لتقليل نسبة التضخم عبر زيادة المعروض النقدي ومنح قروض مصرفية للسوريين، بل وها هي حكومة عماد خميس تستمر بممازحة السوريين، لتخفف عنهم أعباء الحرب وغلاء الأسعار، ولتقتل عبر الذبحة القلبية كل من تسوّل له نفسه أن يفكر في أو يحلل ما تقترح.

إذ قبل أن تبرد سخونة دعابة تعويم الليرة، والتي أطلقتها حكومة الأسد كوعيد لكل من تسوّل له نفسه التلاعب أو المضاربة بسعر "سيدة العملات" بعد أن شهدت أعلى نسبة تضخم ربما في التاريخ الحديث، أطلقت الحكومة مقترحاً آخر، أقل ما يقال عنه، إنه بنّاء وبشدة.

والمقترح الذي يبدو أنه راق لعباقرة الاقتصاد بالعصر الحديث، هو طرح سندات خزينة، بالعملة السورية والأميركية، لتستغني الحكومة عن طبع العملة دونما تغطية، وتبتعد عن التمويل بالعجز والتضخم النقدي.

ولئلا تفوت صناع القرار الاقتصادي في دمشق فائتة، اقترحوا رفع سعر الفائدة على سندات الخزينة إلى نحو 20% للسندات بالليرة و3% للسندات بالدولار، لتكون الحكومة مدانة للشعب فستغني عن الديون الخارجية وأعباء فوائدها وما يتبعها من إملاءات سياسية، وتمتص جزءاً كبيراً من فائض السيولة، فتتحكم بالليرة وتحسّن من سعرها.

قصارى القول: إن قفزنا على مسائل مهمة من قبيل من سيشتري سندات خزينة من خزينة فارغة، أو من له ثقة باستمرار حكومة الأسد ليجازف ويشتري سندات، أو حتى من لديه فائض سيولة من سوريي الداخل، بعد التفقير والحرب والحصار لنيف وخمس سنوات، ليشتري سندات، أو الأهم المتعلق بالخسارة الحتمية للمشتري ومهما ارتفعت نسبة الفوائد، أمام واقع تضخم مذهل ومرشح للتضاعف إن جرّب اقتصاديو الأسد، حل التعويم.

لننطلق من احتمال أن حكومة الأسد أصدرت سندات خزينة وباعتها، وإن عبر إلزام الصناعيين والتجار، أو مساومة كل من تبقى معه مال، بين سجنه وحياته وبين الشراء، فما هي أعباء خدمة الدين الداخلي فقط على نفقات الموازنة ضمن ما قيل عن أسعار فائدة مرتفعة، وخاصة أن الدين الداخلي، فيما لو تم، سيستخدم في الشق الجاري؛ أي تمويل الحرب ورواتب مؤيدي الأسد، وليس في أي عملية استثمارية، ما يعني عدم توليد أي مال لتسديد الديون.

أو حتى إن استُخدم في أي عملية اقتصادية، وهو ما لم يحدث بواقع إفلاس حكومة الأسد، فهل من مشروع أو استثمار يمكن أن يعطي أرباحاً تزيد عن سعر الفائدة الممنوح، أي 20%؟

نهاية القول: على الرغم مما قد يؤخذ علينا من دحض اقتصادي لسلوكيات وحلول لا تمت للاقتصاد بصلة، بيد أن كارثة كهذه إن وجدت طريقاً للتنفيذ وتم إلزام أصحاب الملاءة بالداخل السوري، على قلتهم بالشراء، فسورية مبشرة بتراجع إنتاج وزيادة تحكم أصحاب السندات في السوق.. وطبعاً الليرة إلى مزيد من التدهور.



المساهمون