"لا يجب أن تقلق من أي شيء تواجهه، فالذي يبدو اليوم مهمّاً لن يكون كذلك يوم غد"، هكذا كان يردد تيتو فيلانوفا دائماً، والذي ودع كرة القدم منذ عام. غادر حينها تيتو الحياة وترك الجميع يعيش في ذكراه، بعد أن خطفه السرطان من عالم المستديرة.
دارت الأيام وها هي الذكرى السنوية تعود، لتحمل في طيّاتها ذكريات الماضي الجميل، عن رجل نعاه العالم بأسره، وبكته الصحف بأقلامها، فجعل برشلونة ولاعبيها يتوشحون بلون السواد، فقيل حينها "أغمض تيتو عيناه للمرة الأخيرة فبكت كرة القدم".
سنة على الرحيل:
مرت سنة واحدة على حادثة رحيل "الرجل المبتسم للمرض"، تيتو ذاك الشاب الذي لم يسطع نجمه كلاعب كرة قدم، قبل أن يعود إلى النادي الأم برشلونة كمدرب ليشرف على براعم المستقبل في "لا ماسيا"، بعدها تحوّل لمساعدة صديقه بيب جوارديولا في الفريق الأول، ليشارك في ربيع الإنجازات الكتالونية. تسلّم فيلانوفا مهمة تدريب الفريق بعد مغادرة "الشريك والزميل" إلى صفوف بايرن ميونيخ، عمل بصمت وقاتل فانتصر في كرة القدم وحقق لقب الليجا وكسر الأرقام القياسية، لكنه استسلم بعدها للموت في مستشفى داخل مدينته برشلونة.
"كرة القدم الحل الأمثل للعلاج"، وفعلاً كان تيتو ذاك الشخص الذي يعشق لعبة الجلد المدور، فكان يتابع فريقه وهو في المستشفى في نيويورك، يعطي التعليمات وكأنه داخل مسرح الكامب نو، وقد استحق لقب المدرب الناجح رغم مسيرته القصيرة، ويوم رحل بهدوء كشخصيته، ذرف ميسي وآنييستا وبويول وتشافي وجميع زملائهم الدموع على الصديق تيتو، على الرجل الذي وصفوه "بالطيب والأفضل بالعالم"، فكان لسان العالم بأسره "شكرا لك تيتو علّمتنا معنى الكفاح".
فيلانوفا ولحظات لا تنسى:
"كل شيء سيكون بخير"، 4 كلمات سحرية طرق بها فيلانوفا أبواب المجد، لا يمكن لمورينيو أن ينسى ما حصل بينه وبين تيتو وكيف "وضع إصبعه في عينيه"، ليعود ويعتذر على ذلك قائلاً: "أتقدم بأحر التعازي نيابة عن جميع الفريق. يوم وفاة تيتو هو يوم حزين لكرة القدم. العقوبة التي سنحصل عليها هي أن الصور ستطاردنا إلى الأبد". وقيل إن ميسي كان يريد الرحيل عن البرسا لكن تيتو أقنعه بالقول: هل تريد الرحيل فعلاً، تريد مغادرة النادي الذي تألقت داخل أسواره وخرجت منه للعالم بأسره نجماً أول؟ أنت بالتأكيد لن تفعل ذلك". وفي تغريدة يوم رحيله، قال إبيدال، الذي تغلّب على مرض السرطان بدوره: "سأتذكرك دائماً يا صديقي، من أجل كل لحظة عشناها سويّاً، شكراً على كفاحك".
تيتو في سطور:
ولد الإسباني فيلانوفا في 17 ديسمبر/ كانون الأول من العام 1968، لم يجد فرصته في ممارسة كرة القدم مع برشلونة، لعب في صفوف سيلتا فيجو ومايوركا وإلتشي، وكان مساعداً للمدرب الصديق جوارديولا من سنة 2008 حتى 2012، ليتسلّم دفة الإشراف الفني لموسم واحد حتى 2013 بعد رحيل الأول، قبل أن يتفرغ للعلاج من المرض. وقال حينها، في بيانٍ موجز: "هذه لحظات صعبة بالنسبة لي. لذا أطلب من وسائل الإعلام احترام موقفي وتفهّمه. لقد تركت تدريب البرسا لكي أنال الهدوء والخصوصية التي أحتاج إليها أنا وعائلتي في تلك الظروف". فوداعاً مرة أخرى تيتو، وداعاً لـ45 سنة عشتها، فالقدر شاء أن تتألق في موسم وتصبح بطلاً كبيراً، لكن القدر نفسه خطفك من ولدك أدريا، الذي يعيش اليوم داخل كنف النادي الكتالوني من دون والده. أما الكلمة الأخيرة "فكما عاش تيتو بسلام ودرّب بهدوء، رحل بذكرى طيبة أيضاً، وسيبقى اسمه يُذكر حتى اليوم الأخير في عالم كرة القدم".