كشف مسؤول عسكري عراقي، لـ"العربي الجديد"، عن أن "إيران تسعى اليوم إلى إعادة الطريق البري مع سورية عبر العراق بأي من الأشكال"، مشددا على أن "الموصل لا تعني طهران في شيء، بل على العكس إن تأخر أو فشل الجيش والتحالف الدولي في تحرير المدينة يعني أنها تتفرغ تماما لتلعفر".
وفي سبيل هذا الهدف الإيراني لتأمين طريق آمن نحو دمشق، بلغ عدد أفراد المليشيات العراقية المتمركزة على المحور الجنوبي للموصل، عند قاعدة القيارة، حتى صباح اليوم الاثنين، أكثر من 23 ألف مقاتل، من تسعة عشر فصيلا مسلحا مدعوما من إيران، وأبرزها "حزب الله"، و"الخراساني" و"النجباء"، و"كتائب الإمام"، و"بدر"، و"العصائب"، بحسب ما كشف الشيخ سلام الجعفري، أحد قادة تلك المليشيات.
ويرافق المليشيات العراقية العشرات من المستشارين الإيرانيين، الذين وصلوا الثلاثاء الماضي مع قائد "فيلق القدس"، الجنرال قاسم سليماني.
ومن المقرر أن تبدأ تلك المليشيات، فجر غد الثلاثاء، أولى عملياتها العسكرية للتحرك صوب تلعفر، وسط صمت حكومي مطبق، بدءا من رئيس الوزراء، حيدر العبادي، وحتى آخر مسؤول بالدولة.
ومقابل الصمت العراقي الرسمي، توجد إشارات على عدم رضا التحالف الدولي، الذي قرر سحب دعمه الجوي لمحوري الجنوب والغرب لمدينة الموصل، بينما تستمر طائراته في تأمين تقدم القوات النظامية العراقية والبشمركة الكردية عبر محوري الشرق والشمال.
وفي السياق، قال المسؤول العراقي نفسه إن "إيران ترمي ثقلها في نينوى وليس في الموصل، وفي تلعفر تحديدا، وهذا ما فهمه أغلب المراقبين متأخرا".
وأضاف "تلعفر تقع في منطقة مناسبة جدا لإيران، إذ تنفع طريقا بديلا عن طريق الأنبار (غربي العراق) المغلق منذ ثلاث سنوات، والذي ينتهي بمناطق خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة في سورية. فالطريق الجديد الذي تحاول إيران تعبيده بآلاف من المليشيات، ويعتبر مثاليا، يمر بمناطق تخضع لسيطرة البشمركة التابعة لحزب الاتحاد الكردستاني، بزعامة جلال الطالباني، وليس للقوات الكردية التابعة لمسعود البارزاني أو الحزب الديمقراطي، ومناطق أخرى تخضع لسيطرة حزب "العمال الكردستاني"، أو أنها تمتلك نفوذا فيها، مثل كلار وآمرلي وطوزخورماتو، أو مليشيات "الحشد الشعبي"، التي تسيطر على بلدة البشير، أو الشرطة الاتحادية، التي تشكل مليشيا "بدر" قوامها، وتسيطر على مدن وبلدات مثل الحضر والشورى.
وشدد المتحدث على أن الطريق سالك ومعبّد، وبطول يبلغ 389 كيلومتراً، بنحو خمس ساعات فقط باستعمال السيارة، من الحدود الإيرانية مع مدينة كلار بمحافظة ديالى إلى الحدود العراقية مع سورية، عبر محور تلعفر، وهو أقل مسافة من طريق الأنبار السابق المغلق منذ ثلاث سنوات، والبالغ 523 كيلومترا، بنحو سبع ساعات ونصف الساعة، كما أنه أكثر أمنا بالنسبة للإيرانيين.
ويبدأ الطريق عبر بلدة قصر شيرين الإيرانية الحدودية مع العراق، ليدخل عبر محافظة ديالى شرق العراق، وتحديدا مدينة كلار، ويستمر إلى بلدات كفري وطوزخورماتو، ثم إلى سلسلة جبال حمرين، وصولا إلى تلول الباج في محافظة نينوى، ثم الحضر، ومنها إلى عين شمس شمال غرب تلعفر، التي تبعد 60 كيلومترا عن أولى المدن السورية.
من جهته، قال سعيد العفري، أحد مقاتلي "حشد نينوى"، لـ"العربي الجديد"، إن "المليشيات مارست ضغطا على رئيس الوزراء لرفض طلب تقدمنا به في 11 يونيو/حزيران الماضي بأن تكون عملية تحرير مدينة تلعفر وضواحيها من قبل السكان أنفسهم لخصوصية المدينة".
وذكر العفري: "لقد قلنا للعبادي نستطيع أن نحرر مطار تلعفر في ساعات، ونتخذه مقرا لنا، ونبدأ بقضم الأرض التي يسيطر عليها "داعش" بشكل متتال، لكنه رفض، بل ورفض، أيضا، تسليحنا، في مقابل إغداقه المال والسلاح على مليشيات الحشد".
وتابع: "تلعفر مدينة ذات غالبية تركمانية، وفيها طائفتان، ونتوقع أن تحدث جرائم، والحكومة تعلم أن "الحشد" سيرتكب فظاعات فيها، لكنها تبارك بصمتها، لأن القرار إيراني، ويرتبط بدعم نظام بشار الأسد".
وختم المتحدث بالتشديد: "الآن بدا واضحا سبب عدم إعادة سكان قبيلة شمر إلى ربيعة ومدن حدودية أخرى مع الحسكة، إذ أن إيران كانت تخطط منذ مدة لهذا الطريق، والدليل المدن التي تقع على جانبيه كلها باتت تحت سطوتها".
وتدعم إيران مشروع الحكومة العراقية بالنسبة لمستقبل الموصل بعد التحرير، والقاضي بإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل العاشر من يونيو/حزيران 2014، وهو يوم سقوطها بيد "داعش"، وذلك من خلال إعادة الجيش العراقي، ورفض الحديث عن أي عمليات تقسيم للمحافظة أو تحويلها إلى إقليم مستقل، مثل إقليم كردستان العراق، وهو ما ترفضه كل من أربيل وقوى سنية مختلفة، وتؤكد أن الهدف من مشروع بغداد خدمة مصالح إيرانية في مد نفوذها ومليشياتها في مناطق البلاد كافة.