سلمت خناجركم

17 أكتوبر 2015
سلمت خناجركم (فرانس برس)
+ الخط -
نحيل الجسم والساعد، قويّ الإيمان بقضيّته. هو ذاك مهنّد الحلبي، فدائي فلسطيني أشعل انتفاضة الخناجر ضدّ محتل أمعن في الغطرسة، فكان لا بدّ من ردّه عن غيّه بلا رصاص، لا قنابل ولا طائرات "الجيران" العرب، وإنما بسواعد هزيلة تخترق ضرباتها أحشاء عفنة نهبت الأرض وشبعت من مقدّرات شعب توّاق للتحرّر.


انتفاضة الطعنات، هكذا سمّاها المواطن العربي المتابع للأحداث في الضفة الغربية المحتلة، معلنا عن انتفاضة لطالما أراد أبو مازن والسلطة الفلسطنية في الضفة وأدها بمقولة "لن نسمح بانتفاضة ثالثة".

طوق أمني هنا، وآخر هناك، وتنسيق أمني بين سلطة لم تؤمن بعد بأن عهد تقديم القرابين والولاء للصهاينة قد ولّى، وبين محتلّ استمرأ الاعتداء تلو الآخر وتمادى، حتى أصبح الردّ ضرورة، وأصبح القول إنّ لا صوت يعلو فوق صوت مستوطن يتألّم من وقع انغماس خنجر مسنون، حملته أيادٍ طاهرة ترفع الظلم عن قضيّة عادلة.

مهنّد الحلبي، وسام جمال فرج، وغيرهما من شهداء انتفاضة من نوع خاص، انتفاضة لم تعتمد كما الأمس على الحجارة للردّ على الاعتداءات المتتالية على المسجد الأقصى المبارك، وعلى المواطن الفلسطيني في الضفّة، ذلك الذي مُنع من أن يدافع عن نفسه وعن مقدّساته، إمّا عبر سلطة متواطئة بالتنسيق مع الكيان الصهوني، أو بمنع السلاح وبتشديد المراقبة الأمنية إلى جانب معاضدة الجماعات الصهيونية المتطرّفة، التي تعتدي بوحشية على الأطفال والنساء.

حرب بدأها المحتلّ الغاصب الصهيوني عبر الاقتحامات المتتالية للمسجد الأقصى، ومنع المصلّين من دخوله، كما قام بقتل المواطنة الفلسطينية، هديل الهشلمون، عند حاجز في الضفة الغربية المحتلة، وسط تساؤلات حول ظروف وفاتها.

وقتلت الهشلمون برصاص الجيش الإسرائيلي عند حاجز في الخليل جنوب الضفة، وقال الجيش إنها حاولت طعن جندي ففتحت القوات النا، فيما أكّدت منظمة العفو الدولية أن "الأدلة التي حصلت عليها المنظمة، تشير إلى أن القتل جاء بمثابة تصفية خارج القانون". وتابعت أن "صور المواجهة، التي أدت إلى مقتلها وروايات شهود عيان قابلتهم منظمة العفو، تثبت أنها لم تشكل في أي وقت خطراً على الجنود يبرر استخدامهم القوة القاتلة"..

سلمت خناجر ترسم كرامة فقدتها الأنظمة الرسمية العربية، وإنسانية تلوح من بعيد لمجتمع دولي به من الكيل بمكيالين ما يكفي للشكّ في وجود ميزان أصلاً لكي يكيل به، فها هو العم سام يشجب الطعنات المباركة، معتبرا إياها إرهابية، فيما قصر نظره تجاه اعتداءات المحتلّ، وفيما يكتفي الحلفاء العرب بالفرجة على حرمات تنتهك ومقدّسات يُعتدى عليها لينعموا بالإستقرار المغشوش وقرابين الطاعة والولاء لكلّ ما لا يعّبر عن ضمائر شعوبهم، التي رفعت شعار" الشعب يريد تحرير فلسطين" بعد رفعها مباشرة شعار "الشعب يريد إسقاط النظام ".

(تونس)
المساهمون