توثّق الشبكة الأوروــ متوسطية لحقوق الإنسان ظاهرة الانتهاكات المرتكَبة في حق النساء السوريات، اللواتي تمّ احتجازهنّ تعسّفاً في سورية من قوات النظام وأجهزته الأمنية. ويتطرّق التقرير الذي صدر قبل يومين بعنوان "احتجاز النساء في سورية: سلاح حرب ورعب"، إلى أنواع احتجاز النساء استناداً إلى روايات الضحايا واستخدام الاحتجاز كسلاح حرب، ما ينشر الرعب في مجتمعات برمّتها ويدمّر نسيجها، ويجبر أفرادها على النزوح.
ويورد التقرير عدداً كبيراً من حالات النساء اللواتي تعرضّن للاغتصاب داخل سجون النظام ومراكزه الأمنية، مثل قصة ليلى، امرأة ثلاثينية عاشت تجربة الاعتقال والتعذيب والاغتصاب، وكذلك سوسن التي تناوب على اغتصابها عشرة من عناصر الأمن أمام ابنها البالغ من العمر 16 عاماً، وهو مكبّل، ما ترك في نفسها صدمة، لا تزال آثارها بادية على وجهها.
توثيق الانتهاكات
يسعى التقرير إلى توثيق الانتهاكات المرتكبة من جانب قوات النظام السوري والمليشيات التابعة له، ضدّ النساء بطريقة منظمة وواسعة النطاق، فضلاً عن استخدامهن ورقةَ مساومة في تبادل الأسرى مع جماعات المعارضة المسلحة. ويشير إلى تعرّض النساء في مراحل الاحتجاز المختلفة إلى الحرمان والتهديد والحبس الانفرادي، بالإضافة إلى التعذيب، بما فيها الاغتصاب والتحرّش الجنسي. وبحسب التقرير، "لا تنتهي معاناة النساء مع إطلاق سراحهن، إذ يترك الاحتجاز أثراً اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً على حياتهن بعد فترة طويلة من الاحتجاز، بما في ذلك التسريح من العمل أو الإقصاء من المؤسسة التعليمية، والطلاق، والنبذ من الأسرة والمجتمع المحلي".
وقال رئيس الشبكة، ميشال توبيانا، إنّ "احتجاز النساء يؤثر في أسر ومجتمعات برمّتها، فيرغم الناس على النزوح أو اللجوء، ما يساهم في تفاقم أزمة اللاجئين السوريين".
اقرأ أيضاً: سورية... عندما يغيب الكبار
وكانت تقارير سابقة صدرت عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ألقت، أيضاً، الضوء على حجم الانتهاكات التي ترتكبها قوات النظام والمجموعات المسلحة التابعة لها في حق النساء عبر الاغتصاب الممنهج، الذي يطال الأطفال والرجال أيضاً. كما يوثق تقرير أعدّه مركز الإعلام في مشروع "نساء تحت الحصار" بالتعاون بين ناشطين وصحافيين سوريين وخبراء في جامعة كولومبيا، والجمعية الطبية السورية ــ الأميركية، 162 قصة اغتصاب تعرّض لها رجال ونساء في سورية، مع تحديد الجهة المعتدية لعدد من الحالات.
وفي القصص التي تمّ جمعها وقُدّرت بـ226 حالة تقريباً، كانت نسبة 80 في المائة من الضحايا تتراوح أعمارهن بين 7 و46 عاماً. ومن هذه النسبة 85 في المائة تعرّضن للاغتصاب، و10 في المائة تم الاعتداء عليهن جنسياً مدة 24 ساعة. وبحسب تقرير المشروع، فنسبة الاغتصاب الجماعي وصلت إلى 40 في المائة.
وعلى الرغم من أنّ الرجال عادة ما يجبرون على مشاهدة عمليات اغتصاب بناتهم وشقيقاتهم أو قريباتهم، إلّا أنّهم كانوا هم أيضاً ضحايا اغتصاب. ووصلت نسبتهم إلى 40 في المائة، و20 في المائة هي اعتداءات على صبيان ورجال تتراوح أعمارهم ما بين 11 و56 عاماً.
أما الفاعلون، فتقول الدراسة، إنّ غالبية الاعتداءات قام بها جنود النظام أو المليشيات العاملة معهم. فنسبة 60 في المائة من الاعتداءات على الرجال والنساء، قام بها أفراد من القوات الحكومية، ونسبة 17 في المائة، ارتكبها أعضاء المليشيات المعروفة بـ"الشبيحة"، و6 في المائة قامت بها بشكل مشترك قوات النظام والشبيحة معاً.
اقرأ أيضاً: النظام السوري يربح من "جوازات المعارضين"
سلاح الاغتصاب
وفي السياق ذاته، يفيد تقرير سابق لـ"الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، بأنّ قوات النظام استخدمت، منذ بداية الثورة، سلاح العنف الجنسي في محافظات، وارتكبت العديد من جرائم الاغتصاب على خلفية طائفية بهدف ردع الشارع المعارض، وإلحاق العار به، وإجبار السكان على هجر منازلهم.
كما يشير التقرير إلى أن عمليات الاغتصاب تسببت في حالات انهيار واسعة داخل المجتمعات وخصوصاً عند الأطفال، وحين تكون هناك حالات حمل نتيجة الاغتصاب. وما يزيد من وطأة الأمر، رؤية المجرمين طلقاء، بل ويواصلون القيام بهذا السلوك، ويفاخرون به من دون محاسبة من أية جهة محلية أو خارجية، وكان هذا أحد الأسباب الرئيسية لدفع المجتمع إلى التطرف والاحتقان.
وإذا كان ضحايا الاغتصاب والعنف الجنسي خلال سنوات الحرب في سورية يعدون بالآلاف من نساء ورجال وأطفال، فإنّ أحد التقارير يتحدث عن 420 حالة اعتداء جنسي تمكن من رصدها في حق أطفال دون سن الـ18، ارتكبت جميعها من قوات النظام والمليشيات التابعة لها.
ويورد التقرير شهادات أطفال ونساء تعرضوا للاغتصاب والعنف الجنسي داخل معتقلات النظام، وبينها شهادة صبي (15 عاماً)، يدعى محمد من مدينة حمص، أوقفه أحد حواجز النظام في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وقام العناصر باغتصابه في غرفة قرب الحاجز.
كما يورد التقرير حادثة سارة العلو (17 عاماً) التي ظهرت على شاشة التلفزيون الرسمي للنظام، العام الماضي، مع فتيات عدة قلن أنهن مارسن "جهاد النكاح" مع مقاتلي المعارضة. وقدمت سارة على أنها أميرة "جبهة النصرة" في مدينة البوكمال. وبعد التحري، اتضح أنها قدمت إلى دمشق من مدينة البوكمال للتسجيل في الجامعة، كلية الشريعة، فقام الأمن السوري باعتقالها قبل شهرين من ظهورها على الشاشة.
اقرأ أيضاً سجن تدمر وأسئلة ملحّة
اقرأ أيضاً "دير شبيغيل": الأسد يجلب المرتزقة من أفغانستان لأجل البقاء