سكك الحديد في السودان: مشاريع بلا أمل

01 نوفمبر 2015
يحاول السودانيون استخدام وسائل نقل غير مكلفة (فرانس برس)
+ الخط -
وقّعت السودان أخيرا عدة اتفاقيات مع دولة الصين لإنشاء خطوط للسكة حديد وتزويد البلاد بالقاطرات في محاولة لإعادة تأهيل القطاع الذي شهد تدهوراً مريعاً خلال الفترة الماضية. وتُعد سكة الحديد أول ناقل منظم دخل السودان مع الاستعمار الإنجليزي، ومثّل وقتها أكبر شبكة سكة حديد في القارة الأفريقية، بوجود أكثر من (5000) كيلومتر من المسار يمتد من الحدود المصرية إلى دارفور في الغرب، وبورتسودان على ساحل البحر الأحمر إلى مدينة واو في جنوب السودان. 
لكن واقع السكة الحديد الآن يحكي عن مأساة عملاق ترجل، إذ توقفت حركة القطارات اللهم إلا من قطارات تعد على أصابع اليد لا تستطيع السفر لأكثر من 40 كلم في الساعة، بسبب ضعف العوارض الخشبية والمسارات لاسيما وأن 73% من خطوط السكة حديد شيدت قبل عام 1930.

اقرأ أيضاً:الاختناق المروري يُفقد مصر 5.6 مليارات دولار سنوياً

وتحمل الحكومة السودانية الولايات المتحدة الأميركية، مسؤولية تدهور القطاع بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على البلاد مطلع التسعينات، إذ أكد وزير النقل مكاوي محمد أحمد وجود 70 من رؤوس القطارات المعطلة بسبب فشل الحكومة في استيراد القطع اللازمة بسبب الحظر الأميركي.

خطط تأهيلية

ومن حين لآخر تعلن الحكومة في الخرطوم عن خطط لتأهيل السكة حديد لكنها لا تجد طريقها للتنفيذ، حيث أعلنت العام الماضي عن إنشاء خط جديد يمتد من بورتسودان (حيث الميناء النهري) إلى الخرطوم وهو أكثر الخطوط حركة ويكلف أكثر من مليار دولار أميركي.
وتتهم الحكومة بتفكيك سكك الحديد والمساهمة بشكل مباشر في تدميرها عبر إهمال القطاع وتشريد ما يزيد عن 20 ألفاً من العاملين فيها... فماذا يقول الاقتصاديون؟
يعتبر الخبير الاقتصادي بابكر محمد في حديث لـ "العربي الجديد" أن سكك الحديد من أهم القطاعات الداعمة للنشاط الاقتصادي باعتبار أنها تسهم في إيصال السلع للأسواق والمستهلكين بأسعار مخفضة. ويوضح أن "تكلفة ترحيل الذرة والسمسم في دارفور بالنقل البري تعادل تكلفة إنتاجه". ويشير إلى إسهام قطاع سكك الحديد في نقل الركاب باعتباره أرخص وسيلة وذا سلامة عالية. ويقول "إن إهمال سكك الحديد في مراحل معينة أدى لتدهورها ومن ثم تدهور الاقتصاد". لافتاً إلى أن وسيلة النقل هذه تحل من أزمة المحروقات المتكررة، كما أن تأهيل القطاع من شأنه أن يقلل تكلفة النقل على المواطن.
ويرى أستاذ الاقتصاد كمال أحمد، أن قطاع سكك الحديد يلعب دوراً اجتماعياً واقتصادياً مهماً باعتبار أنه يؤثر بشكل مباشر في ازدهار المناطق التي يمتد عبرها ويعمد لنقل الحضارات والثقافات والتجارة. ويضيف "كما يعتبر القطاع أكبر مرفق لضم العمال".

ويحمّل الدولة مسؤولية تدهور القطاع لصالح النقل البري، ويقول: "هناك مستفيدون عمدوا لتحطيم قطاع سكك الحديد عمداً". ويوضح أن "الحكومة قامت بالفصل الجماعي الذي طاول الآلاف من عمال سكك الحديد وإصدارها أوامر إخلاء الورش والمنازل الخاصة بسكك الحديد، حينها دقت أول مسمار في نعش القطاع. فضلاً عن إهمالها القطاع لسنوات طويلة، ومحاولة خصخصته". ويوضح أن هذه السياسة "أثرت في قطاع النقل، فضلاً عن إغلاق بعض الخطوط نهائياً وخروجها من الخدمة، لا بل استولت الولايات على أراضي سكك الحديد حتى أصبحت ضيقة المنافذ".
ويؤكد "أن تراجع سكك الحديد يؤثر على الاقتصاد باعتبار أن النقل البري التقليدي هو الأعلى تكلفة والأكثر استهلاكاً للوقود". ويؤكد أن "هناك شريحة بعينها داخل النظام عمدت إلى تدمير سكك الحديد لتلبية مصالحها في إنعاش النقل البري وتشغيل أساطيلها". ويشير إلى أن "الإعلان عن مشروعات تأهيل سكك الحديد عبر شراء قاطرات وغيرها لن يغير واقع الحال أو يسهم في إحياء القطاع، وذلك لتدهور البني التحتية". ويضيف: "ومن المفارقة أن نتحدث عن قرض لتأهيل سكك الحديد، وهي غير موجودة على أرض الواقع".

اقرأ أيضاً:نقل الفقراء: معاناة يومية مع الاكتظاظ وخدمة رديئة
المساهمون