تسببت الأمطار الغزيرة وموجة البرد القارسة التي عاشتها مدن غرب ليبيا، منذ الخميس الماضي، في احتجاز مواطنين داخل بيوتهم، لا سيما أن أغلب الطرق كانت مقطوعة، وأعلنت السلطات المحلية للبلاد من خلال مجالسها عن توقف الدراسة بالمدارس وتعطيل الأعمال الإدارية.
وعاش سكان العاصمة طرابلس "حبساً إجبارياً"، مكتفين بالتبضع من المحلات التجارية القليلة التي تقع في نطاق أحيائها ويمكن الوصول إليها سيراً على الأقدام. ويقول أحد المواطنين لـ "العربي الجديد" "اكتفينا بما لدينا من مؤن وما نحتاجه نشتريه من محلات داخل الحي نصلها مشياً وسط برك المياه" .
ويتابع "حتى صباح اليوم السبت لم أتمكن من الوصول إلى سيارتي التي تركتها مساء الخميس مركونة في موقف العمارة لأجدها وسط بحيرة كبيرة صباح اليوم التالي، كل سكان العمارة سياراتهم غارقة وتحتاج لصيانة بسبب المياه التي تسربت إلى وسطها".
وأفاد مراسل "العربي الجديد" بأن أغلب أجزاء الطريق السريع الرئيسي الرابط بين كل أحياء العاصمة غمرته المياه التي ارتفع منسوبها، ما نجم عنه عرقلة في حركة المرور وغرق السيارات بسبب كثافة الأمطار. وفي السياق، أعلن المركز الوطني للأرصاد الجوية أنّ منسوب المياه بسد وادي المجينين جنوبي طرابلس وصل إلى تسعة ملايين متر مكعب نتيجة هطول الأمطار الغزيرة على المنطقة الغربية.
أما في المدن المحيطة بطرابلس، فقد أعلن المركز توقف الحركة في الطريق الساحلي بسبب انهيارات في أجزاء الطريق المارة على جسور الأودية بالقرب من مدينة الخمس، وفي طريق الأثل غربها وهو السد الذي تداولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو يظهر عملية إنقاذ قام بها مواطنون لشخص جرفت السيول سيارته، بينما تم انتشاله من المياه وإنقاذ حياته.
وفي ضاحية حي الأندلس، أحد أرقى أحياء العاصمة، اضطر عدد من الشباب إلى استخدام القوارب الصغيرة للتنقل، بينما نشر بعضهم صوره على صفحات التواصل وهو يرمي صنارته للصيد، في مشهد احتجاجي على إهمال سلطات البلاد الأوضاع في المدينة.
وتولى عدد من السيارات التابعة لجهاز الدفاع المدني مهمة امتصاص المياه من بعض الأحياء، لكنها سرعان ما تعود بسبب غزارة الأمطار واستمرارها.
Twitter Post
|
وبالتوازي مع أزمة توقف الحركة المرورية، أعلنت شركة الكهرباء أن العجز في استهلاك الطاقة الكهربائية زاد بشكل لافت، بسبب استخدام المدافئ الكهربائية في المنازل وما تستطيع أن توفره أقل بكثير من المطلوب من الطاقة.
وأدت الأمطار الغزيرة في طرابلس إلى غرق الحي الذي يسكنه مهجرو تاورغاء بمنطقة الفلاح، وبالرغم من أن الحي عبارة عن أكواخ صفيحية، إلا أن الأمطار لم تترك لهم مأوى حتى في هذه الأكواخ التي تحاول جهات إغاثية منذ الجمعة إصلاحها وشفط المياه منها، وسط رفض من قبل سكانها العودة إليها، مطالبين سلطات البلاد بإعادتهم إلى ديارهم التي هجّروا منها قبل سبع سنوات.
وبدأت صباح اليوم السبت عودة نسبية للحياة في بعض أرجاء العاصمة، بعد تراجع سقوط الأمطار بغزارة مقارنة باليومين الماضيين، لكن مخلفات الأمطار من الأتربة وبرك المياه لا تزال تعرقل السير داخل بعض الأحياء، ما يحتاج جهداً إضافياً دفع بعض المؤسسات الأهلية إلى حث سكان الأحياء على التعاون من أجل تنظيفها وعدم انتظار السلطات لتقديم العون إليهم.
Twitter Post
|
وتعاني العاصمة وغيرها من مدن البلاد انهياراً في البنى التحتية، لا سيما الطرقات وشبكات صرف المياه، وكانت آخر مشاريع الصيانة لأجزاء من البنية التحتية عام 2007.