سكان بنغازي يشربون مياهاً ملوثة

08 سبتمبر 2020
أزمة مياه في ليبيا (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

يواجه سكان مدينة بنغازي، ثاني أكبر مدن ليبيا، خطر تلوث مياه الشرب من جراء ركود المياه في شبكات إمداد المياه  جراء الأعطال التي تعانيها الشبكة. ومنذ مطلع أغسطس/ آب الماضي، زادت شكاوى المواطنين بسبب انتشار روائح كريهة تنبعث في أرجاء المنطقة المحيطة بخزان المختار المسؤول عن تزويد المدينة بمياه الشرب، والمتصل بمنظومة النهر الصناعي. ويقول البعض إن هذه الروائح الكريهة ناتجة عن تلوث الخزان.
ونفى جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي والمكتب الإعلامي التابع له وجود إصابات بسبب تلوث مياه الشرب. وأوضح المكتب الإعلامي، في بيان، أن "خزان المختار زراعي بالدرجة الأولى، والروائح المنبعثة منه نتيجة طبيعية للمياه الراكدة في باطن أنابيب الخزان، ما يؤدي إلى تغير طفيف في الطعم وانبعاث رائحة مقبولة"، مشيراً إلى أنه "لدى الجهاز وحدة مراقبة تتولّى الكشف بصورة دورية على الخزان للتأكد من صلاحيته". وهو تصريح متناقض، بحسب رأي ماهر الشيخي، وهو أحد سكان بنغازي، فــ"أحياناً يؤكدون أنه خزان زراعي ومن ثم يقولون إنهم يفصحون دورياً صلاحية مياهه للشرب"، مؤكداً أن كل سكان بنغازي يعرفون أن المدينة تتزود بمياه الشرب من خزان المختار.

هذا الأمر يؤكده جبران الصديق، المسؤول بفرع الحساونة – الجفارة التابع لجهاز النهر الصناعي، إذ يشدد على أن المدينة حالياً تتزود منه بمياه الشرب بعد إقفال خط خزان أجدابيا المزود الأصلي لبنغازي بمياه الشرب للصيانة منذ أشهر، لافتاً إلى أن "الإجراء اضطراري فلا يوجد بديل عن خزان المختار لإمداد المدينة بمياه الشرب".
وبسبب الانقسامات الحكومية التي أثرت على إدارة جهاز النهر الصناعي، يقول الصديق لـ"العربي الجديد"، إن "فرق الصيانة التابعة لنا لا تستطيع الوصول إلى خزان المختار الزراعي الذي صمم ليكون مكشوفاً في الأصل".
ويتساءل الشيخي في حديثه لـ"العربي الجديد"، عن أسباب التصريحات التي تقلل من خطر تلوث الخزان، مشيراً إلى عدم صحة ما قاله المكتب الاعلامي حول "تغير طفيف في الطعم مع وجود رائحة مقبولة". ويقول إن "جميع سكان منطقة سلوق حيث يقع الخزان، يشمون الروائح الكريهة من بيوتهم، كما أنها منتشرة في كل المنطقة".

نسبة الكلور المضافة حالياً للمياه لا تجعلها صالحة للاستهلاك البشري


وفي وقت يؤكد الشيخي أن سكان المدينة يستخدمون مياه الخزان للشرب، يقول إن شهود عيان رأوا حيوانات وطيورا نافقة داخل الخزان المكشوف، من دون أن يكون لإدارة الصيانة والمراقبة أي دور. ويشرح الصديق قائلاً: "خزان المختار الزراعي يزود بالمياه من خلال خط مباشر قادم من الجنوب. وبعد توقف خط مياه الشرب من أجدابيا (150 كيلومتراً غرب بنغازي)، بسبب الصيانة والإصلاحات، ربط خزان المختار بمحطة ضخ مياه بنغازي لتصل إلى الخزان المسؤول عن إمداد المنازل بمياه الشرب في منطقة طلحية"، مؤكداً أنها "مخالفة كبيرة".
وعلى الرغم من نفي المكتب الإعلامي لجهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي في بنغازي، ربط خزان المختار بشبكة مياه شرب المدينة، إلا أن فرع الشركة العامة للمياه في بنغازي نشر على صفحتها الرسمية، اعترافاً من أحد مسؤوليها بـ"ضخ مياه هذا الخزان إلى شبكة مياه بنغازي لكن بعد تطهيرها وتعقيمها"، كما أقر بوجود حيوانات نافقة في الخزان.
ويشير المسؤول إلى قيام فريق الشركة بزيادة نسبة الكلور لضمان تنقية مياه الخزان، "ضمن الحد المسموح به بحسب المواصفات الليبية والأوروبية، بهدف تعقيم وتطهير مياه النهر". إلا أن العاملة في مختبر تحليل المياه التابعة لفرع إدارة مركز الرقابة على الأغذية والأدوية في شرق البلاد، رابحة البرغثي، تؤكد أن نسبة الكلور المستخدمة حالياً في مياه الشرب غير صالحة للاستهلاك البشري. 

صحة
التحديثات الحية

وتقول لـ"العربي الجديد"، إن "خطر التلوث كبير وجهود شركة المياه تتوقف عند حدود صلاحيتها فقط". وتشير إلى أن "خزان المختار مخصص للري الزراعي. لذلك، صمّم بشكل مكشوف من دون غطاء محكم، ما جعل مخلفات الطيور والحيوانات تتراكم فيه وتنتج مواد عضوية تهدد صحة الإنسان بشكل مباشر، في حال استخدام مياه الخزان في الشرب".
وتنفي البرغثي أن تكون مادة الكلور التي تضعها شركة المياه في الخزانات الفرعية في المدينة ناجعة لتنقية المياه من الشوائب الملوثة، مطالبة بضرورة توفير حلول بديلة والتوقف عن ضخ المياه للمواطنين عبر هذا الخزان. وعن أسباب الروائح المنبعثة من خزان المختار، تقول إنها "نتيجة طبيعية لارتفاع نسبة الكلور وتفاعلها مع المواد العضوية الناتجة سواء من نفوق الطيور والحيوانات، أو مخلفاتها".
وتطالب البرغثي بإجراء مسوحات في المراكز الطبية والمستشفيات في المدينة للتأكد من تأثيرات التلوث على صحة الأهالي، مثل رصد وجود فيروس السالمونيلا المسبب للنزلات المعوية، والبدء بالبحث عن بدائل بشكل سريع لتزويد المواطنين بمياه شرب صحية.

المساهمون