وحسب التصريحات الإيرانية الرسمية، فإن السفينة التي كانت قد وصلت إلى خليج عدن يوم الأحد الماضي، مصرة على إكمال طريقها على الرغم من كل الاعتراضات على وصولها إلى اليمن، ومن التصريحات الرسمية اليمنية التي نقلت في وقت سابق أن السفينة لم تحصل على الترخيص ولم تقم بالتنسيقات اللازمة لدخولها إلى ميناء الحديدة.
لكن قد لا تمر الأمور بسلاسة كما يقول مراقبون. وقد أعلنت إيران في وقت سابق أن البارجتين العسكريتين الإيرانيتين المتواجدتين في مياه خليج عدن ومضيق باب المندب منذ شهر تقريباً سترافقان "إيران شاهد" وستحميانها حتى تصل إلى نهاية الخط في ميناء الحديدة.
في السياق، نقل موقع تسنيم الإيراني عن قبطان سفينة المساعدات، مسعود مير سعيد، تأكيده بأنه تلقى يوم الإثنين الماضي، اتصالاً من بارجة "البرز" المتواجدة في خليج عدن لإعلامه أن البارجة باتت ترافق السفينة، حيث ستبقى معها حتى تصل إلى الحديدة. كما أكد سعيد أن السفينة تسير بسرعة مناسبة لتصل إلى وجهتها في الموعد المحدد. كل التصريحات الرسمية الإيرانية تصب في سياق واحد، وتتحدث عن القيام بالتنسيق اللازم لوصول السفينة إلى تلك النقطة. كما تنقل إصرار إيران على إدخال مساعداتها إلى اليمن ورفض تفتيشها من قبل السعودية أو من قبل أي جهة من الجهات التابعة لقوات التحالف العربي، وحتى أنها تنقل رفض تحويل مسارها لتصل إلى جيبوتي كما فعلت سفن وطائرات أخرى خلال فترة الهدنة بين الحوثيين وقوات التحالف التي انتهت من دون أن تمدد. وتبرر طهران رفضها بأن المساعدات التي تصل إلى جيبوتي لا تطال كل اليمنيين وبشكل أدق لا تصل إلى من يستحقها من اليمنيين، كما قال بعض المسؤولين الإيرانيين.
اقرأ أيضاً: اليمن يستدعي سفيره بطهران على خلفية أزمة السفينة الإيرانية
وفي سؤال عن الموقف الإيراني من رفض بعض الأطراف الإقليمية لإدخال السفينة وعن الخطة التي ستتبعها البلاد في حال منعها من دخول اليمن، يوضح عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، محمد حسن آصفري، لـ"العربي الجديد" إن إعلان الخارجية اليمنية بانتهاء مهلة وقف إطلاق النار وعدم تمديدها لا يؤثر أبداً على حركة السفينة الإيرانية نحو اليمن. ويشدد على أن بلاده ترفض رسمياً تفتيش السفينة كونها تابعة للهلال الأحمر الإيراني، ولا يحق للسعودية ولأي طرف غيرها القيام بتفتيش ما عليها لأي سبب كان. وفيما يلفت النائب الإيراني إلى أن بلاده تعد حدوث هذا الأمر انتهاكاً واعتداءً على حقوقها، يوضح أن طهران لن تمنح هذا الإذن بالتفتيش إلا إن طلبت الأمم المتحدة ذلك، فيمكن في هذه الحالة بحث ومناقشة الأمر.
وعن وجود أي تهديد عسكري قد يعرقل وصول السفينة ويطور الأمور نحو توتر أوسع بين طهران والرياض، يقول آصفري إن أي تهديد سيوجه نحو السفينة سترد عليه السفن الحربية الإيرانية بشكل فوري وسيقابل بدفاع فوري.
على الرغم من التصعيد الملحوظ في كل التصريحات الرسمية الإيرانية، يتوقع خبراء هدوء المشهد في المستقبل القريب، ومحاولة إيران تجنب المزيد من التصعيد قدر المستطاع. ويلفت الأستاذ الجامعي والخبير في العلاقات الدولية، حميد غفاري، إلى أن إيران تؤكد أن ما على متن سفينتها مساعدات إنسانية، غذائية ودوائية حصراً وليست مساعدات عسكرية، معتبراً أن إيران أرسلت سفينتها هذه بعد منع طائرة إيرانية من الهبوط في مطار صنعاء وبعد قصف مقاتلات سعودية لمدرج المطار. وهي الخطوة التي استدعت كل هذا الإصرار الإيراني على إيصال السفينة، حسب رأيه.
ووفقاً لغفاري، فإنه من المفترض أن تتدخل الأمم المتحدة لتحل هذه الأزمة، وتساعد على التقليل من التوتر عبر فتح خط آمن يسمح بمرور السفينة ووصولها إلى اليمن. ويعتبر أن "هذا الأمر سيقف بوجه تفاقم الأزمة بين الرياض وطهران"، متوقعا في حال منع السفينة من الدخول للمياه اليمنية، أن يتم تسليم المساعدات للأمم المتحدة حينها، وإن لم ينجح هذا أيضاً فستكون طهران مضطرة للتوجه نحو جيبوتي، حيث سيكون هذا أفضل وأسهل الخيارات، فطهران ستحاول تجنب التصعيد من طرفها حسب تعبيره.
أما التصعيد برأي غفاري، فقد يحدث في حال دخلت السفينة إلى المياه اليمنية وتم إشعال اشتباك في تلك المنطقة، موضحاً أن إيران ستعتبر في هذه الحالة أن من حقها الرد على الهجوم، لكنه يستدرك بالقول إن السياسة الإيرانية الحالية تتطلب الابتعاد عن الخيارات العسكرية قدر المستطاع. وبحسب المراقبين، فإن إيران خلال هذه الأيام ستكثف من جهودها الدبلوماسية وستزيد من اتصالاتها، ولاسيما مع أطراف غربية في محاولة لتبني مقترح فتح حوار يمني يمني يكون الحوثيون جزءاً أساسياً منه.
وفي الوقت الذي تستمر فيه البلاد بخوض مفاوضاتها النووية مع الغرب، وتتبنى الحكومة الإيرانية برئاسة حسن روحاني خطابا دبلوماسياً معتدلاً، ستحاول طهران جاهدة الابتعاد عن التصعيد مع السعودية وحلفائها، إذ إن هذا الأمر سيؤثر سلباً على ملفات إيرانية أخرى. لكنها في الوقت نفسه ستلتزم بسياسة التوازن، وستبقي على موقفها الداعم للحوثيين في اليمن. فالملف اليمني بات هو الآخر بعد الأزمة السورية والبحرينية ملف صراع جديد بين إيران والسعودية، وجميعها ملفات تمنح طهران ثقلاً إقليمياً حتى وإن اضطرت للتربع على الطرف المقابل تماماً للعديد من الأطراف.
اقرأ أيضاً: إسقاط الحوثيين والمخلوع في جنوب اليمن أولوية المرحلة