أكد سفير دولة قطر لدى الجمهورية التركية، سالم بن مبارك آل شافي، أن دول الحصار تريد استخدام موضوع الإرهاب، لتضليل المجتمع الدولي والدول الكبرى، بشأن طبيعة نواياها وإجراءاتها غير القانونية وغير الإنسانية ضد قطر.
وقال آل شافي في حوار مع صحيفة "ديلي صباح" التركية، نقلته وكالة الأنباء القطرية "قنا"، إن إجراءات الحصار ضد دولة قطر ستظل وصمة عار إلى الأبد، مشيراً إلى أن دول الحصار تكرر ادعاءات لا أساس لها من الصحة، بشأن صلة دولة قطر بتمويل أو دعم الإرهاب.
ورداً على سؤال أن هناك من يعتبر أن لا حصار مفروضا على دولة قطر وإنّما هو مجرّد مقاطعة، قال السفير إن دولة قطر تتّصل برّياً بالعالم الخارجي من خلال ممر واحد فقط لا غير يربطها بالسعودية، وعندما تقوم السعودية بإغلاق هذا الممر، فهذا يعني أنها قطعت تواصلنا عبره مع العالم الخارجي، وفرضت علينا حصاراً، وتعريف الحصار بهذا المعنى واضح لغةً واصطلاحاً وقانوناً في البر والبحر والجو.
وأضاف "منعوا الطائرات القطرية من التحليق فوق أراضيهم، لكننا استطعنا خرق هذا الحصار من خلال المجال الجوي باتجاه إيران وتركيا، ولو كان الأمر بيد دول الحصار لأغلقوه أيضاً".
وتابع السفير القطري "إنه حتى إذا اعتبرنا أن الأمر يتعلق فعلاً بمقاطعة وليس حصاراً فهم يناقضون أنفسهم بأنفسهم، يقولون إنهم يمنعون شركاتهم ومواطنيهم من التعامل معنا، ثم يعرضون أن يقوم مركز الملك سلمان بمساعدة قطر في إمدادها بالمواد الغذائية والطبيّة، وطبعاً رفضنا ذلك، لأنّنا لسنا بحاجتهم وإن كنّا تحت الحصار".
ورأى أن الكثير من الموجودين في البلدان التي تفرض الحصار على قطر، يستحقون هذه المساعدات لذلك فمن الأولى والأجدر ان يقدّموها لهم.
واعتبر أن ما اتخذته هذه الدول من إجراءات غير قانونية وغير أخلاقية وبعيدة كل البعد عن القيم الإنسانية والعربية والإسلامية، مشيرا إلى أن آلاف العائلات تضررت بسبب هذه القرارات وقامت دولة قطر بتوثيق انتهاكاتهم التي ارتكبوها، وتتم ملاحقتهم الآن بشأنها في المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان سواء في مجلس حقوق الإنسان في جنيف أو عبر منظمة العفو الدولية.
وبشأن الادعاءات المتعلقة بدعم دولة قطر أو تمويلها لمنظمات إرهابية، قال السفير إن بلاده طالبت بشكل رسمي إلى جانب كثير من بلدان العالم كالولايات المتّحدة الأميركية، بتقديم أدّلة وبراهين على هذه الادعاءات الخطيرة ضد دولة قطر، حيث لم تقم دول الحصار بتقديم أي أدلّة أو براهين على هذه المزاعم. الأمر الذي دفع المسؤولين الأميركيين إلى التعبير عن إحباطهم واستهجانهم من هذا الأمر، حتى وصل الأمر بالخارجية الأميركية إلى أن تشكك علناً بالسبب الحقيقي للأزمة.
وشدد آل شافي على أن دول الحصار تريد استخدام موضوع الإرهاب لتضليل المجتمع الدولي والدول الكبرى بشأن طبيعة نواياها وإجراءاتها غير القانونية وغير الإنسانية ضد دولة قطر؛ فموضوع الإرهاب موضوع حساس حول العالم وهناك من يعتقد أنّه بمجرّد استخدامه لن يسأل أحد بعدها دول الحصار عن الأدلة على اتهاماتهم ضد قطر أو عن مسوّغات الإجراءات المتخذة ضد قطر.
وأشار أيضا إلى أن تاريخ دولة قطر معروف وسياستها شفافة، مضيفاً "لا يوجد قطريون من بين منفذي هجمات 11 سبتمبر ضد الولايات المتّحدة، لكن يوجد من دول الحصار، كما لا يوجد قيادات قطرية لمنظمات إرهابية حول العالم لكن يوجد من دون الحصار، كما لم يتم استخدام دولة قطر لتمويل عمليات إرهابية حول العالم، لكن تم استخدام مدن في دول الحصار لتبييض الأموال، ولتمويل منظمات إرهابية، قامت بتنفيذ عمليات في الغرب، كما انه ليس لدينا تعاطف من الناحية الاجتماعية مع العمليات الإرهابية أو منفذيها، لكن الدراسات أثبتت أنّ عددا كبيرا من المتعاطفين مع تنظيم "داعش"، هم من مواطني بعض دول الحصار.
وأكد أن تصنيف جماعات سياسية بأكملها كتنظيم "إرهابي" أمر غير مقبول عند معظم دول العالم، وغير ممكن أصلاً. ويكفي أن نشير الى تعليق وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، الذي قال في جلسة استماع عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي أخيراً، إن الجماعة تضم ملايين الأعضاء ما يجعل وضعها برمتها على قائمة الإرهاب أمراً معقداً، مضيفا أنّها أصبحت جزءًا من الحكم في بعض الدول.
وأشار إلى أن موقف دولة قطر واضح جداً ولا تستخدم موضوع الإرهاب كأداة سياسية، وإن دولة قطر ملتزمة بما يصدر عن الأمم المتحدة بشأن تصنيف الجماعات الإرهابية وآلية مكافحتها، وليس بما يصدر عن هذه الدولة أو تلك، مؤكدا أن دولة قطر عضو فاعل جدا في مكافحة الإرهاب الحقيقي، ومشاركة في كل المنصات الدولية المعنية بهذا الأمر، مالياً وسياسياً وحتى عسكرياً.
ونبه إلى أن تعاون دولة قطر مع العديد من دول الحصار كان ولا يزال فاعلاً فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن دولة قطر قامت بتسليم السعودية أحد المطلوبين كما شاركت في التحالف العربي والإسلامي الذي دعت إليه السعودية، كما شاركت في المعركة ضد الحوثيين، وقدّمت الشهداء دفاعاً عن حدود السعودية، لإيمانها عن حق بأن لا فرق بين أي دولة من دول المجلس ودولة قطر.
وبشأن مطالب دول الحصار بإغلاق شبكة الجزيرة، أشار السفير إلى تصريح وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الذي قال فيه إن مستقبل شبكة الجزيرة أمر غير قابل للنقاش والمطالبة بإغلاقها أو حجبها ومنعها، وهو تدخّل مرفوض في شأننا الداخلي.
وفي ما يتعلق بموضوع القاعدة العسكرية التركية في قطر، قال آل شافي إن الجميع يعلم أنّ هذه القاعدة تمّ تأسيسها استناداً إلى اتفاقية دفاعية مشتركة بين دولة قطر وتركيا عام 2014، وإن الاتفاقية ليست سرّية، وهدفها كما تم الإعلان عنه في حينه، هو المساهمة في تعزيز أمن واستقرار الخليج والمنطقة بشكل عام، كما هو الحال بالنسبة إلى القواعد الأخرى الموجودة عندنا وعند دول الحصار. ولم يعترض في وقتها أحد عليها أو على دورها آنذاك، بما في ذلك السعودية، بل إنّ الجانب التركي كما أفصح رئيس الجمهورية التركية، رجب طيب أردوغان، كان قد عرض على السعودية حينها إنشاء قاعدة هناك إن هي أرادت ذلك، في إشارة إلى أنّ القاعدة العسكرية في الدوحة ليست موجّهة ضد أي دولة أخرى في مجلس التعاون.
كذلك، أكد أن الاتفاقيات من هذا النوع تدخل في إطار العلاقات الثنائية بين بلدين مستقلين ويتمتعان بالسيادة على أراضيهما، وهي لا تخضع للموافقة المسبقة من قبل أي دولة ثالثة، وعليه فإنّ المطالبة بإغلاق هذه القاعدة، وقطع العلاقات الدفاعية بيننا وبين تركيا، هو تدخل سافر في شأننا الداخلي، وتعدّ على حقوقنا السيادية، ومحاولة لفرض وصاية علينا.
وبشأن التناقضات الكبيرة جداً في كلام المسؤولين في دول الحصار، قال السفير إن دول الحصار لم يطرحوا الخلاف عبر مجلس التعاون وحله من خلاله دون مساعدة خارجية لكنّهم يقوّضون المجلس بشكل مستمر، وعطلوا المادة 10 من ميثاق المجلس ولم يستخدموا الآليات التي يتيحها المجلس لحل أي خلاف. ولم يأخذوا آراء أعضاء المجلس في الإجراءات غير القانونية المتّخذة ضد دولة قطر، وقرروا تجاوزها بشكل عمدي لأنّها تتطلب إجماعاً بحسب المادة 9، ولم يكتفوا بذلك بل أدخلوا معهم مصر التي لا تعتبر عضوا من أعضاء مجلس التعاون. وهذا يؤكد أنّهم لا يريدون حل الأزمة المفتعلة من قبلهم، لا من قبل الوسيط الكويتي ولا في داخل مجلس التعاون.
كما أكد آل شافي أن أبواب الدوحة مفتوحة دوماً للتفاوض والحوار على أساس الندّية والمساواة والاحترام المتبادل، لكن لا يمكننا التعامل مع ادعاءات من دون تقديم أدلة قاطعة بشأنها، وبعد تقديم الأدلة والبراهين، وذكر مطالب معقولة وقابلة للتنفيذ، مشيرا إلى أن دول الحصار لا تمتلك الدلائل ولا تريد التفاوض ولا تطرح طلبات، وإنما أوامر لفرض وصاية علينا، وهذا ما لن يحصل.
(قنا، العربي الجديد)