لم تأت الكاتبة والمعمارية الفلسطينية سعاد العامري (1951) إلى حقل الكتابة الروائية إلّا في مرحلةٍ متأخّرة من حياتها، حين نشرت روايتها الأولى "شارون وحماتي: يوميات الحرب في رام الله" (2003). تُرجمت الرواية، التي كتبتها خلال حصار قوّات الاحتلال الإسرائيلي مدينة رام الله سنة 2002، إلى قرابة عشرين لغةً، وحازت عدّة جوائز أدبيّة، لتجعل من مؤلّفتها واحدةً من أبرز الروائيات العربيات اللواتي يكتب عنهنّ بالإنكليزية اليوم.
تتالت إصداراتها الروائية في ما بعد؛ ومن بينها "غولدا نامت هنا" (2013)، والتي تتتبّع فيها أثر أفرادٍ من عائلات فلسطينية داخل بلدهم المحتلّ وفي بلدان الشتات. ومن خلال حكاياتٍ أشخاص عاديّين في خلفية تحضر فيها مشاهد من فنّ العمارة الفلسطينية، تسخر العامري من محاولات الاحتلال محوَ الهوية الفلسطينية في القدس الغربية.
وفي "مراد مراد: لا شيء تخسره إلّا حياتك" (2016)، اقتربت العامري من الحياة الإنسانية والاجتماعية لعمّال فلسطينيين يُغامرون للحصول على فرص عملٍ في المناطق المحتلّة، من خلال حكاياتٍ ترويها استناداً إلى تجربة شخصية قادتها إلى التنكُّر في زي رجلٍ وعبور الحدود "الإسرائيلية"، بشكل "غير قانوني" مع مجموعة من العمّال الفلسطينيّين.
آخر رواياتها تحمل عنوان "دمشقيَ" (my damascus)، وقد صدرت بالإنكليزية عن "دار نساء بلا حدود" سنة 2016. في هذا العمل، تسرد الكاتبة، التي وُلدت في مدينة يافا لأب فلسطيني وأمّ سورية، مصائر ثلاثة أجيال من عائلةٍ في مدينة دمشق، من خلال قصّة شابّة فلسطينية تُدعى بسيمة تُسافر إلى العاصمة السورية وتتزوّج فيها، لكن فلسطين تظلّ حاضرةً في ذاكرتها وذاكرة أبنائها وأحفادها.
تمزج الرواية بين التاريخ الجماعي والقصص الشخصية في حارات وأزقّة المدينة السورية العتيقة التي تُحوّلها العامري إلى شخصية من لحم ودم.
قبل أيّام، صدرت النسخة العربية من الرواية عن "منشورات المتوسّط" في روما، بترجمة أنجزها الكاتب السوري المقيم في إسطنبول عماد الأحمد، على أن تصدر لاحقاً ضمن سلسلة "الأدب أقوى" التي تتضمّن طبعاتٍ فلسطينية لعددٍ من إصدارات "المتوسّط".
ويُنتظَر أن يجري إطلاق الرواية في جلسةٍ تستضيفها "مؤسّسة عبد الحميد القطّان" في رام الله مساء بعد غدٍ الخميس، بحضور المؤلّفة.
يُذكَر أن سعاد العامري تُقيم في الضفّة الغربية منذ 1981؛ حيثُ تعمل أستاذةً في العمارة بجامعة بيرزيت في رام الله. حازت دكتوراه في الهندسة المعمارية التي درستها في "الجامعة الأميركية" ببيروت، وجامعتَي أدنبرة وميشيغان، وأسّست عام 1991 مركز "رواق" الذي يُعنى بإعادة تأهيل وحماية التراث المعماري الفلسطيني.
من مؤلّفاتها في مجال العمارة: "عمارة قرى كراسي"، و"البلاط التقليدي في فلسطين" بالاشتراك مع لينا صبح، و"العمارة الفلاحية في فلسطين: الفضاء والقرابة والنوع الاجتماعي".