ما لا يُعتاد غيابُهُ ويُسمّى الوطن. ما لا يفنى ولو فنيتَ. ما تقول عنه عجائزُنا: الحيلة والفتيلة. اللانهائيُّ مثل صياغات اللغة. الواقعيّ ـ الشعريّ، وما بينهما من حوائج ووشائج ومعارج. مانِحُك النكهة والاسمَ، .. والسمّ أيضاً.
تتوسّله النومَ، فلا يسمع. وتعذره فهو جدّ بعيد. بينك وبينه أربعة آلاف كيلومتر، وبحرٌ بطولِهِ، ومليون سجين، ومئات آلاف القتلى، وأمنية واحدة: أن يرجع لك وترجع له.
رومانسيةٌ وسط كواسر وجوارح؟ فليكن. فلكي تكون أنت أنت، وكي لا ينقطع حبْل السرّة، ما هَمَّ لو عشت واقعياً ومتّ رومانسياً، مثل شاعر فاشل.
حتى؟
حتى تعود الدارُ لمن بناها، حجراً حجراً، لا لمن هدمها في لحظة. حتى تعود "الوطاه" لمن حنا على اخضرارها الكنعاني، بذرة وبرعماً وشَقَّاً، لا لمن وطأها بالبلدوزر مُستجْلَبَاً من خلف بحار. حتى تعود السماء لمن طيّر فيها حسّوناً وأحلاماً، لا لمن زحَمَها بالطائرات والبُمْب.
أو كما قال: "... الوجودُ لدورته الدائرة".
شعريّاً، يؤلمك أن تموت، قبل أن تشاهد بأم عينك، يومَ بريطانيا ويومَ أميركا.
وتعرف: سيرافقك هذا الألم المبرّح، إلى أن تصبح عِظَامُك مَكاحل.
الله يرحمك يمّا. ويرحم جميع أموات الفلسطينيين. وجميع من ماتوا وبلادهم ما زالت مسروقة في حادث سطو مسلّح.
* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة