سر مشاريع الساحل السوري

30 نوفمبر 2015
استثمارات على الساحل الشرقي في سورية(فرانس برس)
+ الخط -
تستمر حكومة بشار الأسد بالإعلان عن استثمارات جديدة في كل من محافظات اللاذقية وطرطوس تقدر بمليارات الليرات السورية في محاولة منها لاسترضاء مؤيديها في هاتين المحافظتين.
فعلى سبيل المثال، وخلال الأسابيع الأخيرة أعلنت الحكومة حزمة من الاستثمارات بقيمة تقارب 30 مليار ليرة سورية (حوالي 85 مليون دولار) في المحافظات الساحلية.
وخلال زيارته الأخيرة للمنطقة، أعلن رئيس مجلس الوزراء السوري وائل الحلقي، عن استثمارات بقيمة 4.5 مليارات ليرة سورية في محافظة اللاذقية. تتضمن هذه الاستثمارات ثلاثة مشاريع كبرى هي: مشروع بناء 320 وحدة سكنية في اللاذقية، مشروع قناة مياه بطول 44 كم ومشروع توسيع جامعة تشرين بتكلفة 750 مليون ليرة.
ومن جهة أخرى، أشارت الصحف السورية، في الأسابيع الأخيرة، إلى مشاريع أخرى تشمل تحسينات في مطار باسل الأسد بقيمة 371 مليون ليرة، إضافة إلى إطلاق وصلة سكة حديدية بين مدينتي اللاذقية وجبلة في 16 من تشرين الثاني/نوفمبر.
وفي الشهر الماضي، وبمناسبة الاحتفال بذكرى حرب تشرين، قام الحلقي بتدشين الأعمال بعدة مشاريع في محافظة طرطوس بقيمة 16 مليار ليرة خصص منها قرابة 7 مليارات ليرة لتوسيع معمل الإسمنت، في حين كانت بقية المشاريع عبارة عن مطحنة بقيمة 1.5 مليار ليرة، مستودعات تخزين النفط وغيرها من المنشآت النفطية في مصفاة بانياس بقيمة 750 مليون ليرة، إنشاء جامعة في طرطوس بقيمة مليار ليرة، توسيع نبع السنّ بمبلغ 700 مليون ليرة، ومجمع سكني بقيمة 1.2 مليار ليرة.
إضافة إلى ما سبق ذكره، قال مدير شركة كهرباء طرطوس، وهي شركة تابعة للمؤسسة العامة لتوليد الكهرباء التابعة لوزارة الكهرباء، إن شركته تقوم حالياً بتطوير مشاريع البنية التحتية لشبكة كهرباء المحافظة بقيمة 10 مليارات ليرة.

اقرأ أيضاً:ماذا بعد اكتشاف النفط في الجولان المحتل؟

تبلغ القيمة الاستثمارية الإجمالي لهذه المشاريع ما يقارب 30 مليار ليرة سورية، وهي أكبر، على سبيل المثال، من ميزانية وزارة الموارد المائية للعام المقبل (البالغة 19 مليار ليرة)، وأكبر من موازنة وزارة الإدارة المحلية (20 مليار ليرة).
في واقع الأمر، بعض هذه المشاريع قد أنجز منذ زمن بعيد، وبعضها الآخر في بداية العمل به وعلى الأرجح أنها ستعاني الكثير من التأخير بسبب نقص التمويل المتوفر لدى الحكومة. وفي الوقت نفسه، يتولى القطاع الخاص بعضاً من هذه المشاريع، كمشروع تطوير معمل إسمنت طرطوس الذي تعهدته مجموعة فرعون.
وبكلمة أخرى، من الواضح أن الإعلان عن هذه المشاريع يحمل هدفاً سياسياً ويرمي إلى إظهار استمرار التزام الحكومة بتحسين وضع سكان المناطق الساحلية، وهي معقل النظام، إذ تشكل هذه الأرقام صدمة عند مقارنتها بالاستثمارات التي تخصصها الحكومة لبقية المحافظات.
في الواقع، لم يتم الإعلان عن مشاريع جديدة في أي محافظة أخرى. في بداية تشرين الثاني، قالت الحكومة إنها ستقدم مساعدة مالية لمدينة حلب بما يكفي لتغطية نفقاتها، إلا أنها، وعلى الرغم من أن عدد السكان في مدينة حلب يفوق، حتى في الظروف الحالية، عدد السكان في اللاذقية وطرطوس، فإن المخصصات المالية لها اقتصرت على مبلغ 500 مليون ليرة، أي ما نسبته 2% فقط من قيمة المشاريع المعلنة في المنطقة الساحلية.
ويبدو أنه حتى داعمو النظام يركزون اهتمامهم على المنطقة الساحلية كما ظهر خلال المقابلة الأخيرة التي أجريت مع الملحق التجاري الروسي في دمشق، والذي أعلن عن عدة مشاريع استثمارية مشتركة بين روسيا وسورية كانت في معظمها مخصصة للمنطقة الساحلية. كما أعلن عن التسهيلات المقدمة للمستثمرين الذين ينقلون أعمالهم من أجزاء أخرى من سورية إلى الساحل إضافة لإنشاء مناطق صناعية بالقرب من مدينتي اللاذقية وطرطوس لجذب استثمارات جديدة فضلاً عن مشروع لبناء مطار جديد قرب مدينة طرطوس، والذي، في نهاية المطاف، لم يتحقق.
وإذا قارنا بين المنطقة الساحلية وبقية مناطق سورية فإن الفارق الكبير الوحيد سنجده في استمرار إرسال المنطقة الساحلية لشبابها للقتال إلى جانب النظام لمساعدته على الاستمرار في البقاء، وهذا الاختلاف الوحيد كاف لتبرر الحكومة إعلان كل هذه المشاريع.
(باحث ومحلل اقتصادي سوري)

اقرأ أيضاً:هجرة مؤقتة للاستثمارات السورية؟
المساهمون