عادت عصابات المواشي إلى الواجهة، بالتزامن مع مخاوف تجار المواشي ومربيها في مختلف المناطق الريفية في الجزائر. وعرفت المناطق الجنوبية للصحراء سرقات عديدة ارتكبتها عصابات منظمة لتهريب المواشي، تهدف إلى الاستيلاء على أجود أنواع سلالة الأغنام النايلية.
المهربون الذين تعوّدوا تهريب الوقود والمرجان والزيت والسكر والبيض وغيرها، غيّروا أنشطتهم المعتادة وتوجّهوا صوب الماشية، وخصوصاً أنها أصبحت جد مطلوبة في كل من تونس وليبيا وتدرّ عليهم أرباحاً موسمية كبيرة. وراح هؤلاء يحكمون قبضتهم على الأسواق والبوادي، تارة بعمليات الشراء وطوراً بالاستيلاء على أنواع الماشية الحلوب. وتستهدف العصابات مربي السلالات الجيدة لتهريبها إلى الخارج. ويأتي ذلك على الرغم من الجهود اليومية التي يبذلها رجال الشرطة، فالمهربون يعمدون دائماً إلى أساليب جديدة، وخصوصاً أنهم بمعظمهم من أبناء المنطقة، فيشقون في كل مرة مسالك جبلية وعرة جديدة للتهريب.
سجّلت مصالح الدرك الوطني 2031 قضية متعلقة بسرقة المواشي في خلال العام 2014. وقد أشارت، في وثيقة قدمت في خلال ملتقى حول سرقة المواشي، إلى تفكيك 85 عصابة وتوقيف 1536 شخصاً متورطاً في سرقة 34 ألفاً و250 رأساً، استرجعت 20 ألفاً منها. وانطلاقاً من هذه الأرقام، ترى قيادة الدرك الوطني أن سرقة المواشي، بالإضافة إلى طابعها الجنائي، "تمثل خطراً كبيراً على الأمن الغذائي وتبعث إحساساً متنامياً باللاأمان". كذلك تعد هذه الظاهرة "عاملاً في تفقير السكان والنزوح الريفي"، و"نشاطاً إجرامياً يمسّ خصوصاً ولايات الهضاب العليا".
يقول سليم عمير، وهو مربي وتاجر ماشية، إن "عصابات أفرادها ملثمون لا نعرف عددهم، تنشط في ولايات الجزائر. وهي تستخدم وسائل عديدة وسيارات وعربات نقل. وقد زرعت هذه العصابات الرعب في أوساط المربين والتجار". ولم يخف التاجر ما يعانونه بسبب ضيق المراعي والسطو المعلن لبعض الأشخاص على الأراضي من أجل تأجيرها لاحقاً بأسعار مرتفعة، "في انتظار تدخل السلطات وردع هؤلاء".
كذلك، لم يخف المربون الذين التقيناهم خوفهم من واقع أن السلالات تشهد انقراضاً، نتيجة إقدام البعض على خلطها في ما بينها، وهو ما يفقد الثروة الحيوانية الكثير.
وتؤمّن تربية المواشي في الجزائر أكثر من 25% من المداخيل الصافية للفلاحة. وتشير إحصائيات وزارة الفلاحة إلى أن الجزائر، مع 22.5 مليون رأس من الأغنام و20 مليون رأس من الأبقار، تعدّ أكبر بيئة لتربية المواشي في منطقة المغرب العربي.
اقرأ أيضاً: 4 ملايين جزائري يخافون انهيار منازلهم على رؤوسهم