سد النهضة.. أهم مكتسبات 30 يونيو!

04 يونيو 2015
لماذا أضطر لكتابة المديح في نظام أنا ضحيته؟!
+ الخط -

جاء إعلان المبادئ لسد النهضة الإثيوبي في توقيت مهم لإزالة حاله القلق والتوتر التي خيمت على العلاقات المصرية الإثيوبية، نتيجة للخلافات حول سد النهضة، ويؤسس الإعلان لأول مرة لمرحلة جديدة من التعاون والتنسيق فيما يتعلق بتشغيل السدود.

إن تأمل التحركات الدبلوماسية الحثيثة قبل وفي وأثناء وعشية إعلان مبادئ سد النهضة، يكشف عن نشاط ملحوظ لتفعيل دائرة حوض النيل ضمن دوائر السياسة الخارجية المصرية، لدرجة أن الحركة الرئاسية أصبحت تفوق سرعتها وتواترها حركة المؤسسات الأخرى.


وتتجلى دبلوماسية المياه كذلك في الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس المصري لدولة إثيوبيا في اليوم التالي للتوقيع على إعلان المبادئ في البرلمان الإثيوبى وخطابه الذى وجهه للشعب الإثيوبي وتصريحه بالغ الدقة والدلالة، حيث جاء تصريح الرئيس عبدالفتاح السيسي "إن توقيع إعلان المبادئ لسد النهضة الإثيوبي هو أولى خطوات طريق التفاهم والتقارب بين مصر والسودان وإثيوبيا".

ما سبق مقتطفات من مقالة لأحد أساتذة الجامعات لكلية من كليات القمة والتي التحقت بها أثناء معتقلي، والتي أدرجها ضمن مقرر دراسة مفاوضات نهر النيل وأزمة سد النهضة الإثيوبي.

هنا لفت انتباهي، كما تلاحظون، اقتحام وصلة، من المديح المبالغ فيه للسيد الرئيس وتحركاته ودقه تصريحاته من دون داع حقيقي لذلك، ولكن تفهمتها فى إطار "سلو" بلدنا العزيزة مصر، ولكني كنت أتمنى أن يخرج أساتذة الجامعات عن هذا النهج المبتذل، لكن المهم أني أود مناقشة نقتطين مهمتين..

النقطه الأولى متعلقة بمضمون المقالة والتعليق عليها، سأحاول إجمالها وإيجازيها سريعا حتى لا أرهق القارئ، وهى تتأسس أولا على الهدف من إنشاء سد النهضة الذي أثبت بعد دراسات مستفيضة فنية واقتصادية، هو الهيمنة على الهيدروبوليتيكية (المائية - السياسية) على حوض النيل، وبالتالي تضييق الخناق على مصر ومحاصرتها اقتصاديا، وهذا الكلام وفقا لمعادلة أوردها لاحقا، وهذه النزعة العدائية لإثيوبيا تجاه مصر داعمها التحريض (الصهيوأميركي).

فسد النهضة، نتاج دراسات، أجراها لإثيوبيا مكتب الاستصلاح الزراعي الأميركي عام 1964، كان بسعة تخزينية أقصاها 17 مليار متر مكعب، قامت إثيوبيا مؤخرا بعمل تعديل وصفه الخبراء الإثيوبيون أنفسهم، بأنه غير مبرر ومكلف جدا لزيادة السعة التخزينية إلى 74 مليار متر مكعب، وهو هذا الخطر المحدق بمصر حين ملئ الخزان وأثناء التشغيل.

هذا التحرك السافر الذي يهدد الأمن القومي المصري وينتهك مبدأين أساسيين من القواعد الدولية لإدارة الأنهار الدولية، هما:

-حسن الجوار وعدم الحاق الضرر بالدول الأخرى.

-الإخطار المسبق.

وهنا أهم أوراق اللعب الأساسية التي يمتلكها المفاوض المصري، والتي تلقى قبول وإقناع المجتمع الدولي ونقطة قوة في مصلحة مصر.

هذا الإعلان للمبادئ يمثل اعترافا صريحا بالمشروع، وبالتالي يرفع عن إثيوبيا الحرج لانتهاك قاعدة (الإخطار المسبق) وبالتالي يهدر أوراق اللعبة التفاوضية، وأقل ما يوصف به هذا الإعلان من وجهة نظري، التفريط المتعمد في قضية من قضايا الأمن القومي المصري.

العجيب أن المقالة قد أوردت هذه السلبيات والمخاطر، ولكن بشكل هامشي، وسرعان ما بدد الأستاذ تلك المخاوف، من دون رد مقنع يشفي صدور المتخصصين والمهتمين بهذا الشأن الذين أوردوا تلك المخاوف.


النقطة الثانية التي كتبت لأجلها هذا المقال هي ملمح التسييس السائد في مناهج التعليم، وهذا الانحياز في الطرح، حيث صادفت خلال مطالعتي لمعظم المنهج كلمة "بفضل ثورة 30 يونيو المجيدة" والحديث بإسراف عن التحول الهائل الذي أحدثته على كل المستويات الداخلية والإقليمية والدولية.

لماذا هذا الكم من النفاق والتزلف، ولماذا نقحم الأمور الخلافية في مناهج الدراسة بهذا التحيز المثير للسخط؟

وكل هذا في غير محله فما زادت الأمور بعد 30 يونيو إلا خرابا ووبالا، وكأنه جاء ليحرق مصر لا لينقذها كما يدعي، فأين مشروع قناة السويس، أين الأمن والاستقرار، الأموال التى ستسقط علينا من السماء، أين.. الخ أين؟!

ولماذا هذا المسلسل المتكرر بسخف من التطبيل والتزمير، ثم العودة مرة أخرى إلى منصات ادعاء البطولة وأصوات المعارضة، وما نباح مطبلي الرئيس الأمس، معارضي رئيس اليوم منكم ببعيد.

السؤال الذي يعنينى الآن، هل أنا مضطر أن أكتب رأي الأستاذ الذي أخالفه في مديح نظام أنا أحد ضحاياه؟! وغيري من الشباب المعروفين بوطنيتهم موجود الآن رهن الاعتقال.

هل أنا مضطر لأن أكتب رأيه في ورقة الإجابة حتى أحصل على درجة النجاح؟!


*معتقل في أحد السجون المصرية

المساهمون