سجون "جهنم" في مصر

22 مارس 2015
سجن العقرب أصبح معزولاً عن العالم (Getty)
+ الخط -
حولت السلطات المصرية ما لديها من سجناء ومعتقلين إلى رهائن أو مشروعات قتلى تحت التعذيب والقتل البطيء، لإحداث اختراق سياسي في الأزمة المتصاعدة مع رافضي الانقلاب العسكري، رغم تصاعد الإدانات لملف حقوق الإنسان في مصر، بحسب جهات حقوقية محلية ودولية.

وفي الوقت الذي تزايدت فيه حدة السياسات القمعية التي يتبناها وزير الداخلية المصري الجديد، وتكرار أحكام الإعدام الجماعية، أصبح من المعتاد حوادث القتل خارج إطار القانون خلال القبض على معارضي النظام خلال اعتقالهم أو مطاردتهم، كما حدث مساء أمس في الإبراهيمية بمحافظة الشرقية، حيث قتلت قوات الأمن اثنين من المعارضين وأصابت ثالثا خلال محاولتها القبض عليهم، مكررة سيناريو تفجير دراجة نارية بقائدها ومرافق له، قبل أسبوع في الفيوم، وما حدث مع سيد شعراوي في ناهيا، وأحمد جبر في الإسكندرية، والتهم التي تخرج بها بيانات وزارة الداخلية، واحدة، تتحدث عن مقاومة السلطات أو انفجار قنابل بدائية الصنع خلال زراعتها.

وفي هذا السياق جاءت الحرب على المعتقلين والسجناء داخل مقرات الاحتجاز غير الآدمية، في سجون العقرب وأبو زعبل وطره والأبعادية بالبحيرة، وغيرها.
والتي ضجت بها آلاف الشكاوى والتلغرافات والاتصالات، التي تلاحق إعلاميين مصريين ورجال قانون ومنظمات حقوقية فضلا عن مكتب النائب العام، في إطار حملة دشنها نشطاء لوقف تعذيب وتأديب السجناء بالسجون المصرية.


وتشهد سجون العقرب وأبو زعبل ومراكز الاحتجاز بأقسام الشرطة حملات تعذيب وانتهاكات بحق المعتقلين، يرى مراقبون أنها حملة ضرب تحت الحزام، للدفع نحو مصالحة سياسية تحقق انتصارا متوهما للنظام الحاكم، الذي يواجه تدهورا اقتصاديا وأمنيا كبيرا، بناءً على اقتراحات من وزير الداخلية الجديد مجدي عبد الغفار وجهاز الأمن الوطني، الذي يريد الاستفادة بأوراق الضغط التي يمثلها السجناء، للضغط على المعارضة، لتحقيق انتصار سياسي للنظام.

عزل "العقرب"
ومنذ الأسبوع الماضي تواصلت أزمة منع الزيارة عن معتقلي سجن العقرب، جنوب القاهرة، بعلم النائب العام، الذي رد على شكاوى أهالي المعتقلين بأنه "يعلم ما يجري وأن الأزمة مسألة وقت".

فيما أعلنت أمس، إدارة سجن العقرب منع زيارة ذوي المعتقلين رسميا، وعدم منح أي منهم تصاريح جديدة للزيارة، لأجل غير مسمى.

فيما أكدت رابطة أسر معتقلي العقرب، أن النيابة العامة أبلغتهم بمنع الزيارات ورفض التصاريح لأجل غير مسمى، كما منعت إدارة السجن الأهالي الذين كانوا في طريقهم لزيارة ذويهم، أمس السبت، من منحهم تصاريح الزيارة، وتعنتت نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس، شرق القاهرة، مع أسر المعتقلين، حين طالبوا باستخراج التصاريح، وادّعت أن "تصريح الخميس الماضي من إدارة سجن طره والعقرب بالتحديد، مزورة".


فيما خفضت إدارة سجون العقرب وطره فترة الزيارة من نصف ساعة إلى 10 دقائق إلى 5 دقائق، ثم منعتها نهائيا.

وتم الاعتداء على الأسر التي ذهبت لزيارة ذويها، واشتكت 5 زوجات لمعتقلين بنيابة المعادي من سوء معاملة ذويهم بالسجن، وعندما قررت النيابة التحقيق في الموضوع، وذهب مندوبون عنها للسجن، وجدوا المعتقلين في غرف 5 نجوم، بعد تسريب بشأن التحقيق، وبعد أن رحلت النيابة، عادت الأمور للأسوأ.

حملات تجريد السجناء
فيما قالت د.نهى دعادر، زوجة نائب رئيس حزب الوسط، المحامي عصام سلطان، إن حالة من التشديد تمارسها إدارة سجن العقرب على زوجها، إذ جرّدت "سلطان" وكل من في السجن من كل لوازمهم الشخصية.

وأوضحت "دعادر" عبر حسابها على "فيسبوك": "سلطان ممنوع عنه الزيارات وساعة التريض ألغيت، وتم تجريده وكل من في سجن العقرب من كل شيء إلا ملابس السجن الميري الصيفية في زنزانة انفرادية على الأرض، حتى الدواء والساعة والمصحف والبطانية الوحيدة التي أدخلتها له بعد كفاح وأي أطعمة من المنزل".



وتابعت: "ذهبت لزيارته يوم الخميس الماضي.. بعد شهر كامل؛ لأن الزيارات الاعتيادية التي من حق كل مسجون ممنوعة.. ولا بد من تصريح نيابة تتعطف به علينا النيابة كل شهر.. وبعد الحصول على تصريح النيابة مني وتسجيل الزيارة وأخذ فلوس للأمانات، وبذلك تم "تستيف" الأوراق والأدلة أن الزيارة تمت ولكن الحقيقة أنه تم تركنا 5 ساعات على بوابة السجن المشدد ليخرج أحد العساكر في النهاية ليخبرنا "مفيش زيارة".

وأكملت: "وهذا السيناريو تكرر مع كل من ذهب للزيارة بالسجن المشدد، خلال الأربعة أيام السابقة لزيارتنا، وبذلك فلا أحد يعلم شيئا عما يحدث داخل العقرب".

مأساة "أبو زعبل"
وفي سجن أبو زعبل بالقليوبية، تم نقل أغلب المعتقلين السياسيين للعنابر الموجودة في بدروم السجن، وُوضع ما يقارب الـ35 سجينا داخل زنزانة ضيقة، بداخلها حمام، مغلق بستارة صغيرة لحجب الرؤية في أثناء قضاء الحاجة، وممتلئة بكل أنواع الفئران والحشرات.

وأفادت بعض أسر المعتقلين لـ"العربي الجديد" أن المعتقلين لا يرون الشمس، ولا يسمح لهم بالتريض إلا مرة خلال ثلاثة أيام وقد تصل لأسبوع، لمدة ساعة أو أقل، وذلك داخل طرقات العنابر، دون النزول للتريض الكامل.

فيما تنتشر الأمراض الجلدية بشكل غير طبيعي داخل أبو زعبل بسبب عدم فتح الزنازين، كما نُقلت حالات كثيرة لعنابر العزل الصحي، ورغم ذلك ترفض إدارة السجن علاج المعتقلين،
كما ترفض إخلاء سبيل السجناء الحاصلين على عفو صحي من قبل النائب العام.
ومؤخرا، تناقل نشطاء واقعة ارتداء احد الشباب المعتقلين حفاضة "بامبرز"، لأن إدارة السجن ترفض إسعافه.

كما تمنع إدارة السجن دخول الأطعمة بكل أنواعها للمساجين، بزعم أن طعام السجن يكفي، وتقوم بمصادرة تلك الأطعمة. ومنعت مصلحة سجون أبو زعبل، دخول الملابس المدنية للمعتقلين، وإجبارهم على ارتداء الملابس الميري.

كما يواجه أسر المعتقلين معاملة سيئة خلال الزيارات تصل للتعدي اللفظي والبدني والتحرش بهم والتفتيش المهين، كما يتعرضون لابتزاز مالي من قبل أمناء الشرطة المكلفين بتنظيم عملية الزيارة.

وبحسب أسر المعتقلين، يتم التفتيش الدوري للعنابر بشكل مستفز، ومن يعترض يتم الاعتداء عليه بالضرب من قبل جنود الأمن المركزي.

فيما نقلت إدارة السجن 18 معتقلا منذ يومين دون أسباب لعنبر التعذيب، وجرى تعليقهم من أرجلهم مع ضربهم وإهانتهم إهانة لفظية وجسدية، وصلت إلى إجبارهم على الجلوس على زجاج مكسور.

اقرأ أيضاً:
"النديم" يوثق مقتل وتعذيب 89 معتقلاً مصرياً بفبراير
"رايتس ووتش" تدين التعذيب ومعتقلون يواجهون الموت بمصر
أنقذوا معتقلي "بورسعيد" من الموت
"أوقفوا القتل البطيء" لمواجهة المقابر الرسمية في سجون مصر