سجال قانوني سياسي حول استبعاد قوائم انتخابية لحركة "فتح"

06 سبتمبر 2016
خلال تحديث السجل الانتخابي للمواطنين (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
أثار استبعاد لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية قوائم انتخابية كاملة من السباق الانتخابي، على خلفية الاعتراضات، التي قُدمت ضد أحد أعضاء هذه القوائم، سجالاً قانونياً، بين الأطراف المشاركة في الاستحقاق الأول منذ 11 عاماً، والمقرر في 8 أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وألغت لجنة الانتخابات 5 قوائم انتخابية في بلديات بيت حانون، وأم النصر، والزهراء، والنصيرات في قطاع غزة، ويطا بالضفة الغربية المحتلة، في إثر قبولها طعوناً بحق بعض المرشحين في هذه القوائم.

وتلقت لجنة الانتخابات المركزية خلال المدة المحددة للطعون 163 طلب اعتراض على قوائم ومرشحين بالضفة والقطاع. شملت الاعتراضات 24 طلب اعتراض بخصوص براءة الذمة، و42 بخصوص الإقامة لبعض المرشحين، و25 بسبب الاستقالات، و20 أخرى قُدمت بوجود أحكام قضائية ضد مرشحين، و52 طلباً لأسباب أخرى.

وفي موقف قانوني، اعتبر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان قرار اللجنة باستبعاد قوائم كاملة بأنه لا يتفق مع مضمون وروح قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005 وتعديلاته. كما ويتنافى مع جوهر العملية الانتخابية، والتي تتمحور حول التعرف على الإرادة الحقيقية للناخبين، وإيجاد ممثلين حقيقيين لهم، وهو ما يحول دونه إلغاء قوائم ربما تمثل شريحة عريضة من الناخبين. ووفق المركز، يعيب قانون انتخابات الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005 غموضه ونقص مواده في ما يتعلق بنتيجة الطعون على القوائم الانتخابية. ويرى أنّ لجنة الانتخابات لم توفق في تفسيرها للقانون، وأعطت نفسها صلاحيات خطيرة تعصف بفكرة التمثيل الحقيقي لإرادة الناخبين.

وأغلب القوائم، التي قُبلت فيها الطعون الانتخابية، تتبع لحركة فتح، التي ترفض اللجوء لمحاكم البداية في قطاع غزة للاعتراض على قرارات لجنة الانتخابات المركزية، وفق ما ينص القانون. ويقول المتحدث باسم "فتح"، فايز أبو عيطة، لـ"العربي الجديد"، إنّ من حق حركته الطعن في قرارات لجنة الانتخابات لاستعادة قوائم الحركة التي تم استبعادها، لكنه يلفت إلى أنّ "فتح" ستلجأ لمحكمة العدل العليا باعتبارها "محكمة من لا محكمة له"، في ظل ما سماه افتقار قطاع غزة إلى تشكيل محاكم قانونية من حيث التشكيل والتنسيب.

ويوضح أنّ ما استندت إليه لجنة الانتخابات، والذي أدى لاستبعاد كل القائمة لمجرد الطعن في أحد أعضائها، يتنافى مع المبادئ القانونية العامة المتعارف عليها، ومنها مبدأ العقوبة الشخصية، مشيراً إلى أنّ حركته تتفهم استبعاد أحد أعضاء القائمة لسبب يتعارض مع القانون، لكنها لا تتفهم استبعاد القائمة كاملة. ويلفت أبو عيطة إلى أنّ لجنة الانتخابات المركزية "مارست سياسة العقاب الجماعي بحق قوائم الحركة"، موضحاً أنّ هذا "سيلحق ضرراً بالمرشحين من أعضاء القائمة، وبالناخبين على حد سواء، من خلال حرمانهم من الترشح أو انتخاب القائمة".

وفي السياق نفسه، يرى الناشط الحقوقي، المحامي سامر موسى، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه كان يتوجب على قيادة حركة فتح وممثلي قوائمها الانتخابية الذهاب إلى القضاء المختص (محكمة البداية) والاستفادة من السابقة القضائية المتوفرة عن محكمة بداية رام الله عندما قررت عام 2012، "إلغاء قرار لجنة الانتخابات المركزية القاضي برفض تسجيل القائمة، وقبول تسجيل القائمة مع شطب اسم المرشح محل الطعن". وطالب بعدم استباق النتائج، الذي من شأنه أن يدخل الفلسطينيين في نفق آخر للانقسام، ويقوض فرص إنهاء الانقسام الداخلي ومعالجة آثاره.





ويوضح موسى أنّ اللجوء إلى القضاء المختص في الحالة الفلسطينية سيساهم في تجاوز آثار الانقسام الداخلي، ويعيد القضاء الفلسطيني إلى مكانه السليم عبر حرص الاحتكام إلى القانون وتطبيق أحكامه. ويبيّن أنه في حال فشلت "فتح" في استصدار حكم ينسجم مع السابقة القضائية لأسباب مستقرة وواضحة، يصبح من حق الحركة والمرشحين المتضررين التفكير في الخطوات القضائية اللاحقة، بما يضمن حقوق المواطنين في الانتخاب والترشح.

ويلفت إلى أنّ لجوء الحركة إلى القضاء المختص يعطي انطباعاً بالحرص على سيادة القانون. وهذا يشكل جوهر العملية الديمقراطية ويعطي فرصة قضائية وقانونية لتعديل تفسير لجنة الانتخابات لنصوص قانون الانتخابات، مما يضمن تعديل هذا التفسير بما ينسجم مع المبادئ القانونية المستقرة التي تحرص على ضمان إعمال حق المواطنين في الانتخاب والترشح، وترسيخ فلسفة نظام التمثيل النسبي القائمة على فكرة الشراكة في إدارة شؤون البلاد.

ويذكر الخبير القانوني أنّ الكل يدرك المآخذ القانونية على قرار لجنة الانتخابات وتفسيرها لنصوص القانون، "لكن الطبيعة القانونية لنظام القانون تجعلنا جميعا نصطف إلى جانب القانون، بما في ذلك إتاحة الفرصة أمام القضاء الفلسطيني المختص في القطاع، ليقول رأيه بهذا الجدل القانوني". ويشير موسى إلى أنّ "الجميع يتمنى أن يصطف القضاء إلى جانب ضمان حقوق المواطنين في الانتخاب والترشح، وذلك عبر رفض قرار وتفسير لجنة الانتخابات بشطب وعدم تسجيل قوائم انتخابية لمجرد قبولها طعن بحق أحد أعضائها".

على الطرف الآخر، يقول القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، النائب عنها في المجلس التشريعي، يحيى موسى، لـ"العربي الجديد"، إنّ العملية الانتخابية أعدها رئيس السلطة محمود عباس و"فتح"، من قوانينها وأنظمتها وقواعد اللعبة الانتخابية. ويضيف أنّ "حماس لم تكن طرفاً في صناعة اللعبة الانتخابية أو وضع القوانين الخاصة بها، في حين كانت حركة فتح الطرف الذي أشرف على وضع القوانين والأنظمة الخاصة بلجنة الانتخابات وتشكيلها واختيار القائمين عليها".

ويؤكد على أن العملية الانتخابية الخاصة بالمجالس البلدية قامت على تفاهمات واضحة ومحددة مع لجنة الانتخابات المركزية، بعد إعلان الحكومة الفلسطينية تحديد 8 أكتوبر/تشرين الأول موعداً لإجرائها، مشيراً إلى رفض حركته لاعتراضات "فتح" عن إسقاط القوائم الخاصة بها في عدد من الدوائر الانتخابية في قطاع غزة، كون فتح كانت القائمة على وضع قوانين الانتخابات. وعن رفض "فتح" اللجوء إلى المحاكم في غزة، يشير موسى إلى وجود تفاهمات واضحة مع لجنة الانتخابات تقضي بلجوء أية قائمة إلى محاكم البداية في الدائرة المرشحة عنها للطعن على قرار لجنة الانتخابات باستبعاد أية قائمة من القوائم.


المساهمون