سجال في الكويت حول وثيقة الإصلاح الاقتصادي لمواجهة تداعيات كورونا

11 يوليو 2020
مواطنون أكدوا رفض أية مقترحات تمس جيوبهم (الأناضول)
+ الخط -

فيما يتواصل الجدل في الشارع الكويتي بشأن وثيقة الإصلاح الاقتصادي المسربة التي تضمّنت فرض ضرائب جديدة وزيادة الرسوم وإلغاء العديد من البدلات التي تصرف للمواطنين، مثل بدل غلاء المعيشة، تفجّرت خلافات عميقة بين الأوساط السياسية والحكومية والشعبية بشأن خطة التحفيز الاقتصادي التي دفعت محافظ البنك المركزي محمد الهاشل إلى تقديم استقالته من رئاسة اللجنة.

وتسعى الحكومة الكويتية إلى تسريع استعادة الاقتصاد عافيت، من خلال خطة تحفيزية تساعد القطاع الخاص على تجاوز خسائره بسبب جائحة كورونا، وإقرار الإصلاحات الاقتصادية بالتوافق مع البرلمان، كما أقرت خطة للعودة التدريجية للحياة الطبيعية تتضمن 5 مراحل.

وفي السياق، كشف مصدر مصرفي لـ "العربي الجديد" أن خلافات حكومية كانت السبب الرئيسي لاستقالة محافظ البنك المركزي محمد الهاشل من رئاسة لجنة التحفيز العليا الاقتصادية، مؤكداً أن الهاشل لن يقبل أي محاولات لإفشال الخطة الهادفة لإنعاش الاقتصاد بعد مرحلة من الركود على خلفية تفشي فيروس كورونا الجديد "كوفيد 19".

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن هناك عدم استجابة من بعض الجهات والمؤسسات الحكومية للمقترحات والأفكار التي أعلن عنها الهاشل من أجل التعافي الاقتصادي، مشيراً إلى أن المرحلة الراهنة تتطلّب اتخاذ قرارات جريئة واستجابة سريعة لإنعاش الاقتصاد وتعويض الخسائر الفادحة الناجمة توقف الأعمال والأنشطة الاقتصادية.

 

 

وأوضح أن الخلافات الأخيرة وحالة السخط الشعبي والنيابي بشأن وثيقة الإصلاح الاقتصادي التي أعدها وزير المالية الكويتي براك الشيتان، التي تتضمن تقليص الدعم وزيادة الرسوم وتخفيض النفقات والامتيازات الممنوحة للمواطنين، مرتبطة بتطبيق خطة التحفيز الاقتصادي، لافتاً إلى أن غياب التوافق الحكومي النيابي سيؤدي حتماً إلى الفشل في نهاية المطاف.

وكانت خطة التحفيز الاقتصادي قد لاقت ترحيباً واسعاً من الأوساط الاقتصادية، وسط حالة تفاؤل واسعة بشأن عودة الانتعاش الاقتصادي.

وتضمنت خطة التحفيز تقديم تسهيلات بنحو 1.5 مليار دولار، لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فيما وافق مجلس الوزراء الكويتي على مشروع قانون للتمويل الميسر المقدم من اللجنة، ضمن برنامج دعم وضمان التمويل للوحدات الاقتصادية المتضررة من أزمة جائحة كورونا.

على جانب آخر، قال رئيس وحدة الأبحاث في المركز الدولي للدراسات الاقتصادية عبد العزيز المزيني إن استقالة محافظ البنك المركزي محمد الهاشل من رئاسة اللجنة العليا للتحفيز الاقتصادي ضربة قاسمة لخطط الإصلاح والتعافي الاقتصادي المنشود في ظل الظروف الدقيقة التي تشهدها الكويت ومختلف دول العالم.

وأوضح المزيني، خلال اتصال هاتفي لـ "العربي الجديد"، أنّ الأوساط الاقتصادية كانت قد رحّبت بخطط تحفيز الاقتصاد وانعكست على السوق بشكل إيجابي، غير أن الأنباء بشأن عدم التوافق الحكومي النيابي حول إقرار الإصلاحات والاستجابة لخطط التحفيز أصابت الجميع بخيبة أمل، مؤكداً أن هناك المئات من الشركات المتعثرة التي تراكمت عليها الديون والإيجارات ورواتب العاملين خلال فترة الغلق الإجباري.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة غضب غير مسبوقة مع تسريب بعض بنود وثيقة الإصلاح الاقتصادي المقترحة التي أعدها وزير المالية الكويتي براك الشيتان، إذ جرى تأكيد رفض أية مقترحات تمسّ جيوب المواطنين، ودعوة الحكومة إلى وقف إهدار المال العام ومحاربة الفساد بدلاً من تعويض خسائرها الاقتصادية على حساب المواطن الذي يسعى إلى تحسين أوضاعه المعيشية بسبب جائحة كورونا.

ودخل نواب في البرلمان الكويتي على خط الأزمة، فقد أكّد النائب في مجلس الأمة رياض العدساني رفضه خطط الإصلاح الاقتصادي المرتقبة، التي تتضمّن استهداف المواطنين والمسّ بشكل مباشر باستقرار الأوضاع المعيشية للكويتيين والنيل من قدرتهم على مواجهة الأعباء.

وأضاف العدساني، في تصريحات إعلامية، أن وثيقة وزارة المالية الكويتية ترتكز على 3 محاور رئيسية، تبدأ بالانتقاص من مكتسبات الموظفين الكويتيين، وتتضمن رفع أسعار الخدمات والوقود والكهرباء والماء، فضلاً عن تجميد كافة الزيادات المالية والترقيات السنوية بكافة القطاعات الحكومية والشركات التابعة وتخفيض بند العلاج في الخارج بنسبة 50%.

وتسببت أزمة جائحة كورونا في خسائر فادحة للاقتصاد الكويتي بسبب توقف الأعمال وتراجع الإيرادات المالية على خلفية انهيار أسعار النفط، ما أدى إلى تفاقم عجز الميزانية فيما تدرس الحكومة الكويتية خيارات عدة لتمويل العجز.

 

 

وفي وقت سابق، أكّد رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح أنّ الحكومة تواجه أزمة سيولة لتسديد رواتب العاملين في الجهات الحكومية، مؤكداً أن مجلس الوزراء قد يلجأ إلى تسييل الأصول في الخارج في حالة عدم موافقة البرلمان على إقرار قانون الدين العام.

بدوره، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت محمد الهاجري، لـ "العربي الجديد"، إن الإصلاح الاقتصادي أصبح الخيار الوحيد أمام الحكومة لانتشال البلاد من حالة التدهور، مشيراً إلى أن جائحة كورونا تمثل فرصة مناسبة لإقرار الإصلاحات المستحقة.

وأوضح الهاجري أن المضي في خطة التحفيز من دون إقرار الإصلاحات لن يؤتي ثماره، داعياً الحكومة إلى التوافق مع أعضاء البرلمان من أجل الإسراع في دوران عجلة الإنتاج من جديد، مؤكداً أن الأوضاع الراهنة لن تتحمل مزيداً من المزايدات التي تسعى إلى كسب أصوات الناخبين على حساب مستقبل البلاد الاقتصادي.