سجال "التنوير": نفوذ جابر عصفور

13 ابريل 2017
(طه حسين)
+ الخط -
منذ "اكتشاف" رواية مجهولة لطه حسين (1889 – 1973) أواخر الشهر الماضي، ابتدأ السجال حول أسلوب الإعلان والحديث عن قيمته الأدبية والفنية، ثم تتالت استقالة محمود الضبع مدير "الهيئة المصرية العامة للكتاب"، الجهة التي ستُصدر الرواية، ثم سيد محمود رئيس تحرير جريدة "القاهرة" التابعة لوزارة الثقافة، بعد نشره مقالاً حول أهمية العمل.

بحسب ما نشرته وسائل إعلام مصرية وعربية، فإن الاستقالتين جاءتا على خلفية مقال لجابر عصفور ينتقد فيه الريادة التي نُسبت إلى صاحب "الأيام" في كتابته العمل المعنون بـ"خطبة الشيخ" على مستوى الرواية العربية قبل صدور "زينب" لـ محمد حسين هيكل، مشيراً إلى عدم اكتمال النص من جهة وإلى ضرورة أن يُعاد تشكيل اللجنة المعنية بجمع المجهول من تراث حسين وغيره من أعلام النهضة كأحمد لطفي السيد ومصطفى عبد الرازق والعقاد.

إلى هنا يظهر رأي الناقد المصري مجرّد وجهة نظر، لكنه ذكَر في مقاله أنه هاتف وزير الثقافة حلمي النمنم والذي شاركه الغضب ذاته، وسرعان ما أسفر هذا الاتصال عن جملة "فرمانات" من دون التساؤل عن "سلطة" عصفور الذي يبدو أنه لم يغادر موقعه في الوزارة التي كان على رأسها في آخر حكومة شكّلها نظام مبارك عام 2011.

كما أن صيغة التعالم والتشاطر التي أبداها صاحب "دفاعاً عن التنوير" لا تعفيه من مسؤولياته إبّان توليه رئاسة "المجلس الأعلى للثقافة" 14 عاماً ولم يقدّم فيها مشروعاً واحداً ذا صلة بما أورده من مطالبات بجمع التراث "المجهول" الذي كُتب بدايات القرن الماضي، أم أن "التنوير" كان يقتصر على إصدار كتب ترضي الحكم السابق، وتنظيم مؤتمرات لإعادة مقولات بائدة عن الحداثة في الرواية والشعر؟

وما المختلف في إبداء عصفور معرفته المتعالية التي لم تفد الثقافة المصرية، وخصوصاً على صعيد استعادة "أدبيات التنوير"، عن سلوك خلفائه في الوزارة الطامحين وراء "مكاسب" شخصية وإظهار جهودهم بوصفها إضافة نوعية، وهو أبرز ما ورثوه عنه تحديداً.

أما الوزير الحالي، الذي تخصّص بجمع أرشيف صاحب "في الشعر الجاهلي"، وغيرها من الأوراق "المجهولة" لكتّاب آخرين، فيبدو أن كيفية إصدار مزيد منه لم يرق له لأكثر من سبب، لكن المؤكّد أنه يتحمّل مسؤولية أساسية عن عدم تأسيس إطار علمي ومحكّم ونزيه لحفظ الأرشيف المصري، لا تركه مهملاً أو متنازعاً عليه بين جهات لا تشغلها سوى معارك لتثبيت مواقعها ونفوذها داخل الوزارة وخارجها.

المساهمون