ستة أعوام ورمضان يحل ثقيلاً على السوريين

20 يونيو 2016
بانتظار مساعدات الإفطار في حلب (ثائر محمد/ فرانس برس)
+ الخط -
"ست سنوات ونحن نستقبل شهر رمضان في ظل الحرب، وفي كل مرة كنّا نظن أن أحوالنا في شهر الصوم المقبل ستكون أفضل، إذ لم نكن لنتخيل وضعاً أسوأ مما نحن فيه، غير أننا ننتقل من عام سيء إلى أسوأ"، هكذا تعلق حلى (40 عاماً) والتي تقيم في العاصمة دمشق على أحوال عائلتها في شهر رمضان لهذا العام. وتضيف: "خلال عام واحد فقط ارتفعت أسعار البندورة من 50 إلى 140 ليرة، لحم العجل من 2000 إلى 3500 ليرة، الأرز من 125 إلى 400 ليرة، السكر من 125 إلى 400 ليرة، وهذا حال كل السلع".

أما لؤي (27 عاماً) فيعتبر أن أفضل ما يمكن أن يعكس مستوى ارتفاع الأسعار في شهر رمضان الحالي هو "أسعار المأكولات الشعبية التي كانت تعتبر بسيطة، مثل رغيف الناعم والمعروك اللذين يباعان اليوم بنحو 150 ليرة مقابل 15 ليرة قبل أربع سنوات".
إذ إنه العام السادس على التوالي الذي يحل فيه شهر رمضان على السوريين في ظل الحرب وفي خضم تداعياتها القاسية على المستوى الاقتصادي. وبحسب جمعية حماية المستهلك، ارتفعت أسعار قائمة من نحو 30 مادة غذائية رئيسية بين شهر رمضان للعام 2015 وشهر رمضان الحالي بمعدل وسطي بلغ 150 في المائة. وكان الأكثر ارتفاعاً هي مواد: السكر 240 في المائة، الأرز 300 في المائة، الليمون بنحو 460 في المائة، زيت القلي 190 في المائة، القهوة 400 في المائة.
وبعملية حسابية بسيطة يمكن معرفة حجم الضغوط الهائلة التي يتعرض لها السوريون في رمضان. إذ إن وجبة إفطار شديدة التواضع، مكونة من المواد التالية: زيت، سكر، شاي، خبز، لحمة، باذنجان، بطاطا، أرز، بندورة، خيار، لبن، لا تقل كلفتها عن 2500 ليرة سورية. هكذا، تحتاج العائلة على مدار ثلاثين يوماً إلى 75 ألف ليرة سورية لإعداد وجبة إفطار بسيطة. ويعادل هذا المبلغ ثلاثة أضعاف الراتب الوسطي للموظف السوري، دون الحديث عن وجبة السحور ولا عن المصاريف الأخرى.

سعر وجبة الإفطار في مطاعم العاصمة دمشق ارتفع بدوره بصورة كبيرة. ففي حين كان يتراوح قبل خمس سنوات بين 500 ليرة و1000 ليرة للشخص الواحد، فإنه يبدأ اليوم بـ 2500 ليرة ويصل إلى عشرة آلاف ليرة سورية.
وأصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، مطلع شهر رمضان، قراراً يقضى "باحتجاز كامل البضاعة فوراً في حال مخالفة قانون التجارة الداخلية وحماية المستهلك لجهة الاحتكار أو الامتناع عن البيع أو عدم تداول الفواتير النظامية"، وذلك بحسب ما أوردت الوكالة الرسمية السورية للأنباء سانا. ولكن، بعد أقل من أسبوع على ذلك القرار، وقبل أن يجري تنفيذه، كشفت صحيفة تشرين الرسمية عن "تعطيل تنفيذ القرار عبر التوجيه بعدم تطبيقه ريثما يتم دراسة آليات تنفيذه جيداً".
ويقول الباحث، كمال يوسف، لـ"العربي الجديد" إن القرار الأخير كان "مجرد دعاية للحكومة السورية في بداية شهر رمضان إذ كان من الضروري أن تظهر الحكومة بمظهر من يحاول أن يقوم بإجراء ما حيال الارتفاع المذهل في الأسعار والذي كان يثير نقمة الجميع، بما في ذلك أنصار النظام السوري". أما عن تراجعها عن تطبيق القرار فيقول يوسف: "الحجز على البضاعة في ظل عدم وجود نظام فوترة وانتشار ظاهرة الاحتكار ورفع الأسعار دون أيّ ضوابط سيضطر الحكومة للحجز على بضائع الغالبية الساحقة من التجار وهو ما سيخلق مشكلة كبيرة في العرض من جهة ومع التجار أنفسهم من جهة أخرى".
وتتضاعف معاناة السوريين في المناطق الخارجة على سيطرة النظام، وبصورة خاصة في المناطق المحاصرة مثل الغوطة الشرقية وجنوب مدينة دمشق. حيث ترتفع أسعار المواد الغذائية والخضار والفواكه بمعدلات "تتراوح بين ضعفين وتصل إلى 15 ضعفاً مما هي عليه بالعاصمة التي تبعد عنّا بضعة كيلومترات فقط"، بحسب ما يقول الناشط السوري، زاهر السكري، المتواجد في مدينة دوما المحاصرة منذ العام 2013.

الليرة السورية
رفعت الحكومة السورية سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية بعدما تسارع التدهور في الأشهر التي سبقت شهر رمضان. وفي حين تمت السيطرة الجزئية على الانحدار المتسارع، إلا أن ذلك "لم ينعكس على أسعار معظم المواد الغذائية والخضر والفواكه في الأسواق السورية" يقول لؤي. فيما يوضح الباحث كمال يوسف أن مصرف سورية المركزي "نجح بتخفيض سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة بنحو 25 في المائة ولكن أسعار مختلف السلع الغذائية بقيت مرتفعة، فيما انخفض بعضها بنسبة لا تتجاوز عشرة في المائة". ويضيف: "من الصعب جداً أن نشهد انخفاضاً بالأسعار في شهر رمضان الذي يشهد إقبالاً متزايداً واستثنائياً على شراء المواد الغذائية، وهو ما يشجع التجار على رفع الأسعار وزيادة حدة الاحتكار في غالبية القطاعات".



المساهمون