يواصل الشيخ المغربي، محمد أبو الحقوق (74 عاماً) ترؤس بلدية "اثنين أملو" الواقعة بأرياف سيدي إفني (جنوب غربي المغرب) منذ أول انتخابات جرت في البلاد العام 1963 وحتى اليوم، أي منذ كان عمره 22 عاماً وحتى اليوم.
وعاصر هذا الرئيس المنتخب، ثلاثة ملوك في المغرب، والتقاهم في أكثر من مناسبة، ففي العام 1958 التقى الملك الراحل محمد الخامس، وفي العام 1971 التقى الملك الراحل الحسن الثاني بعد جلاء الاستعمار الإسباني، وقبل ثماني سنوات التقى العاهل المغربي الحالي محمد السادس.
يلقب محمد أبو الحقوق في أوساط أهالي المنطقة باسم "أمغار محمد بن بريك"، و"أمغار" كلمة أمازيغية تعني لدى أهالي جنوب المغرب "شيخ القبيلة" أو "زعيمها"، و"بن بريك" نسبة إلى والده الذي كان مقاوماً ضد الاستعمار الإسباني.
بدايات انخراطه في العمل السياسي، كانت في يونيو/حزيران 1956، حيث أسس فرعا لحزب الاستقلال المغربي بقرية تالوين بمعية عمه وخمسة آخرين من أبناء القرية. وعن تلك الفترة يقول: "استقطبت للعمل السياسي مغاربة من أبناء بلدتي بشكل سري إلى جانب العساكر الإسبان في عهد الحماية"، ولكن في ديسمبر/كانون الأول العام 1956، أغلقت إسبانيا مكاتب حزبه وحاصرته وخربت ممتلكاته وصادرت محتوياته، كما حجزت سجلات الانخراط الحزبي التي تضم أسماء عساكر إسبان.
ويتابع "الكر والفر مع المستعمر الإسباني لم يتوقف، ففي يونيو 1957 هاجمني جنود إسبان أنا وعائلتي، وجردت من تجارتي، واعتقلوني، ثم طلبوا مني أن أغادر البلدة إلى غير رجعة، فالتحقت بجيش التحرير (مغاربة متطوعون يقاومون الاستعمار)".
استقر أبو الحقوق في مدينة كلميم إلى أن تم طرد المستعمر الاسباني في 1957. وبعد ست سنوات، عاد إلى بلدته، وكلفه رضا أكديره مستشار الملك الراحل محمد الخامس، لأن يكون ملاحظاً في التصويت على أول دستور للبلاد العام 1962، وهي السنة نفسها التي ولج فيها معترك الانتخابات، وعمره لم يتعد 22 ربيعا.
وفاز أبو الحقوق في أول منافسة له بأول انتخابات جماعية محلية للبلاد بعد الاستقلال في مارس 1963، إلى جانب أربعة أعضاء آخرين ببلدته في مدة انتدابية لثلاث سنوات. ويقول "حزت 63 صوتاً من أصل 97، الناس كانوا يصوتون بنسبة قليلة، والنسوة لا يصوتن آنذاك".
ويعتبر أبو الحقوق أن السر في تفوقه كونه "من أعيان قبائل أيت باعمران حيث ينصت الناس ويستمعون إلي، ويعملون برأيي الاستشاري والتوجيهي في السياسة وفي الشؤون العامة للحياة إلى اليوم".
كما ترشح لعضوية مجلس أكادير الإقليمي في يوليو/تموز 1963. وفي انتخابات 1967 ترشح من جديد. واستمر في رئاسة جماعته القروية في انتخابات عام 1969 السنة التي استقلت فيها سيدي إفني بعد تحررها من الاستعمار الاسباني.
وإلى جانب رئاسته للجماعة القروية، تقلد مسؤوليات أخرى بالمجالس الإقليمية، حيث شغل مهام نائب للرئيس، ونائب لكاتب المجلس في فترات انتدابية أخرى. وترشح من جديد، في أول انتخابات بعد التقسيم الترابي الجديد عام 1992، وحاز مرة أخرى على رئاسة الجماعة القروية الجديدة التي تحمل اسم "اثنين أملو".
ويتابع "أعتز بأنه كان لي الفضل بعد الله عز وجل، في توجيه وتخرج أطباء ومهندسين وقضاة ومحامين وكوادر من بلدتي تشغل مواقع كبيرة داخل المغرب وخارجه، تكن لي الحب والود والاحترام"، مضيفاً "سأبقى هكذا، بعمامتي وجلبابي الأبيضين إلى آخر حياتي إن شاء الله".