ساحر الشمال الأفريقي الجديد.. براهيمي أم القادوري؟

14 فبراير 2015
+ الخط -


يعشق العرب كرة القدم ويرتبطون كثيراً بالساحرة المستديرة، ويهتم شعب الشمال الأفريقي بالكرة الجميلة، ويحاولون دائماً ممارسة فنون اللعبة بطريقة مغايرة، لذلك تعتبر الكرة بمثابة "أفيون" الجماهير في مصر، المغرب، تونس، ليبيا، والجزائر. وبعد اعتزال النجم المصري محمد أبو تريكة اللعب، صعدت أسماء أخرى على سلّم المجد الكروي العربي، لكن ابتعاد مواطنه صلاح عن اللعب بعد فترة احتراف فاشلة في انجلترا، جعلت معظم الأضواء تتجه إلى الجزائري ياسين براهيمي، خصوصاً بعد مونديال 2014.

ويستحق براهيمي هذه المكانة الكروية رفيعة المقام، لكن هناك أسماءً أخرى أيضاً يجب أن تدخل دائرة الضوء العربية، مع امتلاكها كافة أشكال التألق والابداع، وعلى رأسها الدولي الريفي عمر القادوري، الاسم الذي ينافس بقوة على لقب ساحر شمال أفريقيا الجديد.

براهيمي
عرف العالم الكروي ياسين براهيمي بعد تألقه اللافت في الدوري الاسباني خلال الموسم الماضي مع فريق غرناطة، النادي الصغير الذي قدم أداءً جيداً في بطولة الدوري، وظهر بشكل قوي أمام كبار الليجا في عدة مناسبات. وتميّز أداء "فارس الأندلس" بالنزعة الدفاعية الواضحة والصلابة في اللعب، مع لمحة فنية جمالية ممتعة، كان بطلها الأول والأخير نجم الجزائر ياسين براهيمي، اللاعب الذي تألق بشدة في مركز الجناح كساعد هجومي رئيسي في طريقة اللعب 4-3-3.

لعب براهيمي أكثر على الخط الجانبي، هو أقرب إلى دور الجناح المقلوب أو الـInverted Winger، يتمركز على الجبهة اليسرى، يحصل على الكرة بسهولة، يقوم بالمراوغات والقطع في عمق الملعب من أجل صناعة الأهداف أو تسجيلها، أي صانع لعب متحرك على الأطراف، وفي تعريف أكثر وضوحاً، إنه الجناح المركزي الذي يقوم بكافة أشكال العمل الهجومي على خط الملعب.

انتقل ياسين بعد موسم ناجح إلى الدوري البرتغالي، وبالتحديد مع نادي بورتو، تنين الدراجاو الذي لعب له من قبل أسطورة الكرة الجزائرية رابح ماجر، ليتحول براهيمي من مجرد لاعب شاب ومميز إلى نجم حقيقي، ويصل إلى درجة نضوج كبيرة في فترة قصيرة للغاية، ليصبح أحد أهم اللاعبين المؤثرين في بدايات الدوري البرتغالي.

ينجح براهيمي أيضاً كلاعب وسط هجومي صريح، من الجناح على الخط إلى صناعة الألعاب في عمق الملعب، إنه لاعب الوسط الثالث في طريقة 4-3-3، أي اللاعب الذي يتحرك في الخطوط وبينها على خطى أنيستا في برشلونة، وبشكل دقيق في المركز 8 بالملعب، أي براهيمي في الأمام وخلفه لاعب ارتكاز دفاعي وآخر مساند. وفي حالة التحول إلى 4-2-3-1، يصبح براهيمي هو اللاعب الأهم في الخطة، بين الجناحين وخلف المهاجم في المركز 10 بالملعب.

"ياسين لاعب كبير. كل الآمال منعقدة عليه في الذهاب بعيداً بعصبة الأبطال". هكذا تحدث عنه المدير الفني لفريق بورتو، خولين لوبيتيجي بعد الفوز على بلباو بهدفين في سان ماميس، خلال مباراة تألق فيها براهيمي وحصل على الأفضلية، لكن مستوى الدولي الجزائري تراجع بعض الشيء أخيراً، ليفقد مكانه في التشكيلة الأساسية لعملاق الدراجاو، ويقدم بطولة أفريقية سيئة برفقة الخضر، ويخرج الفريق سريعاً من ربع النهائي، لذلك يجب عليه العودة القوية في قادم المواعيد.

القادوري
"أعشق الكرة الجميلة. اللعبة بدون متعة لا تساوي شيئاً، لذلك حريص تماماً على إظهار أجمل اللقطات خلال كل دقيقة أشارك فيها". يتحدث عمر القادوري عن مشواره مع الساحرة المستديرة بكل شغف، ولا عجب في ذلك خصوصاً أنه من بلاد المغرب، الأرض التي أخرجت لكرة القدم نجوماً بقيمة مصطفى حجي ونور الدين نايبت ومروان الشماخ، وأسماء عديدة في السنوات القليلة الماضية.

رغم أن القادوري يقدم مستوى مميّزاً للغاية في الكالشيو، إلا أن الأضواء بعيدة عنه تماماً مقارنة بأسماء أخرى محترفة في أوروبا كبراهيمي، محمد صلاح، والبقية. وبسبب خفوت نجم البطولة الايطالية أخيراً وانحسار الأضواء على فرق المقدمة فقط، بالإضافة إلى ابتعاد المنتخب المغربي عن المنافسات الكبيرة في السنوات الأخيرة، أصبح من الصعب جداً إعطاء القادوري حقه، خصوصاً أنه بعيد تماماً عن عمالقة السيريا آ ولعب عدداً قليلاً من المباريات الدولية مع أسود الأطلسي.

يلعب عمر في جميع مراكز الوسط، ويجيد بشدة الربط بين خطوط الفريق، لذلك ينجح في مركز الارتكاز المساند بين الدفاع والهجوم، ويتألق أكثر في مركز الوسط المهاجم بسبب مهارته الشديدة ولمسته الساحرة في الثلث الأخير من الملعب، لذلك يلعب مع تورينو في خطة 3-5-2 كلاعب وسط متقدم، خلف الثنائي الهجومي الصريح.

شارك القادوري في 19 مباراة هذا الموسم بالبطولة الايطالية بين أساسي وبديل، سجل هدفاً وصنع هدفين، مع نسبة كبيرة من المراوغات ولعب التمريرات الحاسمة، وهذا هو الدور الذي يتفوّق فيه بعيداً عن الأهداف وصناعتها، لأنه يشارك بقوة في عملية بناء الهجمة في المنتصف، من خلال حيازة الكرة والاحتفاظ بها والتوغل من الوسط إلى الأطراف والعكس.

يُعرف عن اللاعب ارتباطه الشديد بالكرة، وصعوبة قطعها منه مهما كانت قوة مدافعي الخصوم، لذلك لقب بالساحر الذي يتلاعب بالمنافسين، مع رؤية ذكية تؤهله لشغل دور "مايسترو" الوسط في رقعة تورينو التكتيكية. والمقربون من اللاعب يتحدثون دائماً عن عرض آرسنال القديم له أثناء فترة لعبه مع بريشيا، لكن تفاصيل صغيرة حطمت الصفقة قبل النهاية ليستمر في إيطاليا، وينتقل في النهاية إلى فريقه الحالي، ويقدم مستوى مبهراً للغاية يستحق بسببه اهتمام أكبر من جانب الجمهور والاعلام العربي.

المساهمون