ساحة التلّ مرأب للسيارات

11 مارس 2015
ينتشر ماسحو الأحذية في ساحة التلّ (عبد الرحمن عرابي)
+ الخط -

ينقسم الشارع اللبناني بين مؤيد ومعارض لمشروع استبدال ساحة التلّ التاريخية في وسط طرابلس، عاصمة شمال لبنان، بمرأب كبير للسيارات. ويتزامن ذلك مع محاولة أحد السياسيين بناء مجمع تجاري قريب، ما يطرح علامات استفهام بشأن هدف المشروع.

تقودك الحفر إلى ساحة التل. هناك ينتشر ماسحو الأحذية وسائقو سيارات الأجرة. يتوزع هؤلاء بين الحديقة العامة، وقصر نوفل، وبرج الساحة، وأنقاض مسرح "الإنجا" الأثري الذي تعرض تدريجياً للهدم نتيجة عدم الترميم. هناك ترتفع أصوات أبواق السيارات، ويغيب عن المشهد المزدحم أي شرطي لتنظيم السير.

في تلك الساحة الغنية بالآثار العثمانية، ينوي مجلس الإنماء والإعمار (التابع لرئاسة مجلس الوزراء) تنفيذ مشروع بناء مرأب للسيارات من أربعة طوابق تحت الأرض، يتسع لـ600 سيارة. ويأتي ذلك بالتزامن مع استملاك أحد نواب المدينة للعقارات المحيطة بالساحة، بهدف إنشاء مركز تجاري "مول"، كما يكشف مصدر في بلدية المدينة لـ"العربي الجديد".

أقر مجلس الوزراء المشروع في إحدى الجلسات وأحاله إلى "مجلس الإنماء والإعمار" الذي كلف شركة هندسية خاصة بإعداد دراسة خاصة للمباشرة فيه.

من جهتها، تروي رئيسة لجنة المساعدات وعضوة المجلس البلدي في طرابلس، هبة مراد، مسيرة المشروع على طاولة البلدية لـ"العربي الجديد"، وتقول: "في البداية لا بد من الإشارة إلى تغييب المجلس عن دائرة القرار فيما يتعلق بالمشروع، إذ فوجئنا في جلسة بتاريخ 17 فبراير/شباط الماضي ببند يتضمن طلب "مجلس الإنماء والإعمار" تنازل البلدية عن ملكية عقارات صغيرة (حوالى 30 متراً) في ساحة التل، بهدف إنشاء المشروع الذي علمنا به من خلال الإعلام واعتصامات الناشطين في المدينة، حتى إننا عندما راجعنا الدوائر المختصة في البلدية للاطلاع على خرائط المشروع، فوجئنا بأن المستندات الوحيدة الموجودة لدينا هي قرار مجلس الوزراء وطلب "مجلس الإنماء والإعمار". فصوتنا على رفض الطلب بالإجماع. وبعد يومين فقط تمت دعوتنا إلى جلسة استثنائية بضغط سياسي وإيعاز من محافظ الشمال لإعادة طرح البند على التصويت، فمر البند بعد اعتراض أربعة أعضاء وتحفظ عضو واحد. وقد أكد رئيس البلدية إدخال تعديلات جوهرية على المشروع، وهي إعادة بناء السراي العثماني القديم الذي تم هدمه في ستينيات القرن الماضي، ومنع دخول سيارات الأجرة إلى المرأب الجديد".

وتؤكد مراد أنّ الدراسة التي عرضتها الشركة كلفت 450 ألف دولار أميركي سددها "مجلس الإنماء والإعمار". ومن المتوقع أن تتراوح كلفة المشروع بين 20 و24 مليون دولار.

ودفع طرح موضوع المشروع في طرابلس عشرات الناشطين إلى التحرك، مرة لدعم البلدية في قرارها الرافض للمشروع، ومرة ثانية للاعتراض على تراجعها عن قرارها. وقد حضر عدد من الناشطين جلستي المجلس البلدي، وحثوا المجلس على رفض القرار.

وعن ذلك، يقول طالب الدراسات العليا، علي زيدان، الذي شارك في الاعتصامين إنّ تراجع البلدية عن قرارها أتى بعد "الضغوطات السياسية التي مُورست على المجلس". ويتشارك الناشطون الذين أطلقوا حملة "أوقفوا المرأب" تقييم المشروع، ويصفونه بـ"التجاري والسياسي الذي لا يقدم أي خدمة لأبناء المدينة، إن على صعيد زحمة السير، أو على صعيد تشغيل يد عاملة طرابلسية".

من جانبه، يؤكد رئيس لجنة الآثار، وعضو مجلس بلدية طرابلس خالد تدمري، أنّ "البديل عن مشروع مجلس الإنماء والإعمار موجود، وهو عبارة عن إعادة بناء السراي العثماني، الذي هدم في ستينيات القرن الماضي، على شكل قصر للمؤتمرات يضم قاعة مسرح، ومتحفاً لذاكرة المدينة، وقاعات للمعارض، ومركزاً حرفياً، بالإضافة إلى مرأب لخدمة المرفق".

ويؤكد تدمري أنّ "التمويل المطلوب للمشروع مؤمّن من خلال هبة تركية تقدمنا بطلبها بشكل رسمي من خلال المجلس البلدي، قبل أن نُفاجأ بإعادة التصويت على المشروع وتمريره في المجلس، رغم سلبياته العديدة".

تتنوع سلبيات المشروع، بحسب تدمري، بين "ارتفاع كلفته، وعدم وجود دراسة جادة لحل أزمة الازدحام في وسط المدينة، وعدم قدرة البلدية على ضبط الأمن والنظام العام في المشروع المزمع تنفيذه". وقد أتى جواب البلدية سريعاً، من خلال طرح خصخصة المشروع، الأمر الذي يعني "زيادة الأعباء على كاهل البلدية وفتح أبواب فساد جديدة"، بحسب تدمري.
كما يؤكد أعضاء البلدية المعترضون وجود مرأب يتسع لـ200 سيارة على بعد 100 متر فقط من ساحة التل. وهو موضوع تحت تصرف البلدية، لكنه مغلق منذ عامين بلا أسباب واضحة.
دلالات